شهادة انسان اختبر قوة الصليب
كان شاباً متديناً ، نشأ في عائلة مسيحية ، عُرِفَ بمواظبته على الذهاب الى الكنيسة ، وقراءة الكتاب المقدس ، والصلاة ، وممارسة الفرائض الدينية ، والتمسك بالفضائل والآداب ، لأجل ذلك كان محبوباً من أقاربه وأصدقائه وزملائه في العمل .
إلا أن شيئاً ما كان يضايقه ويقلق راحته ، وهو أن ضميره لم يكن مستريحاً راحة كاملة ، ولم يكن راضياً على كثير من الأفكار الشريرة التي تراوده من حين لآخر ، وعلى بعض التصرفات غير اللائقة التي تصدر منه أحياناً . ومع أن أحداً من الناس لم يكن يلاحظ هذه الأمور او يعرف عنها شيئاً إلا أنه كان يشعر بوطأتها وظلها الثقيل ، وكان يحس بأنه محروم من الفرح الحقيقي وسلام القلب العميق ورضى الله عنه .. إن كان الله غير راضٍ عنه فكيف يقبله في السماء ؟ .
ومع انه قد جاهد كثيراً لكي يتخلَّص من هذه العادات السيئة التي تعكر صفو حياته إلا أن محاولاته ذهبت سدى ، وبدأ اليأس يدب في قلبه ، وانتهزها الشيطان فرصة مواتية فأوهمه أن لا خلاص له البتة ، وما عليه إلا ان يرضخ ويستسلم لواقع الحال .
على انه وان كان قد فقد رجاءه من نفسه ومن تعهداته ومجهوداته المتكررة إلا انه لم يفقد رجاءه في إلهه ، بل وجد في آيات الكتاب المقدس وكلمات الرب يسوع المسيح ما يشجعه على طلب المعونة من الرب ، وعدم الإصغاء لصوت الشيطان الذي يوحي اليه باليأس والفشل .
وفي يوم الجمعة العظيمة ذهب الى الكنيسة ليصلي كعادته في كل سنة . وبينما هو سائر في الطريق أخذ يحدث نفسه بالقول : " في مثل هذا اليوم عُلِق المسيح على الصليب لأجلي أنا الخاطئ ، ولم يسلم الروح إلا بعد أن قال " قد أكمل " أي أن عمله لأجل خلاصي وفدائي من الخطية عمل كامل . آه ، كم أتمنى أن يمتعني الله بهذا الخلاص الكامل في هذا اليوم المقدس !! " .
وبعد انتهاء الصلاة ، عند انصرافه من الكنيسة ، كان بعض الشبان واقفين عند الباب يوزعون نبذه دينية كعادتهم في مثل هذه الذكرى المقدسة من كل عام . كان عنوان النبذة " قوة المصلوب " وهي تحكي قصة شاب فشل في حياته فأقدم على الإنتحار ، ولكنه أُسعف ونُقل الى المستشفى حيث تحدثت اليه الممرضة التي كانت تشرف على علاجه عن قوة المصلوب ، وكيف أنه خلصها من خطاياها وعاداتها . عندئذ تأثر الشاب من كلماتها وسلم قلبه وحياته للرب يسوع الذي صُلب لأجله فنال الخلاص وأصبح مبشراً بالإنجيل .
قرأ الشاب النبذة ، واعجب بها لأنها كانت تعبير عن حالته هو ، وتيقن أن خلاصه لن يكون بقوته الشخصية ، بل بقوة المُخلص نفسه ، المُخلص المقتدر الذي دفع حياته ثمناً للخلاص ، والذي وحده له الحق في إعطاء الخلاص مجاناً لكل من يطلب وجهه ، ويفتح له قلبه .
آه ، كانت هذه هي الرسالة التي يحتاجها ، وقد ارسلها الله في أوانها استجابة لصلاته وتحقيقاً لأمنيته . لقد أشرق عليه نور جديد ، وتبدد ظلامه ويأسه برجاء مبارك ومجيد ! .
أسرع الى البيت حيث سكب قلبه امام الله ، وصلى قائلاً : " يا يسوع الحبيب ، يا من صُلبت لأجلي ، إنني غريق في بحر اليأس والخطية أرجوك أن تنتشلني وتُخَلّصني … " .
وقبل أن ينتهي من صلاته كان المُخلِّص العظيم قد مد يده القوية ، وانتشله معطياً إياه حياة جديدة ، وقلباً جديداً ، وطبيعة جديدة . مجداً للرب ! . مبارك اسمه الى الأبد ! .
حينئذ امتلأ قلبه بالفرح والسلام ، فأخذ ينشد مع المرنم الذي قال :
مـا أبهـج اليوم الذي ـــ آمنت فيه بالمسيح
أضحى سروري كاملاً ــ ورن صوتي بالمديح