منتديات افا كاراس ومارجرجس بالغابات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



منتديات افا كاراس ومارجرجس بالغابات
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
تــــم نقـــل هذا المنتدي إلي موقع آخــــر ... ننتظر انضمامـكــم لأسرة منتدانا لنخدم معاً كلمة الرب ... منتديات افا كاراس ومارجرجس بالغابات


 

  عيد العنصره المجيد

اذهب الى الأسفل 
5 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
مايكل نصيف خلف
مراقب عام
مراقب عام
مايكل نصيف خلف


عدد المساهمات : 122
تاريخ التسجيل : 13/01/2014
العمر : 36
الموقع : القاهرة

 عيد العنصره المجيد  Empty
مُساهمةموضوع: عيد العنصره المجيد     عيد العنصره المجيد  I_icon_minitimeالسبت يناير 18, 2014 5:23 pm



عيد العنصرة المجيد

اليوم الخمسون من القيامة






للقمص مكسيموس وصفي 









مقدمة 







" ولما حضر يوم الخميس كان الجميع معا بنفس واحدة. وصار بغتة من السماء صوت كما من هبوب ريح عاصفة وملأ كل البيت حيث كانوا جالسين. وظهرت لهم ألسنة كأنها من نار واستقرت على كل واحد منهم. وامتلأ الجميع من الروح القدس و ابتدأوا يتكلمون بألسنة أخرى كما أعطاهم الروح أن ينطقوا ... " (أع 2: 1-4). 

عيد العنصرة 

عيد حلول الروح القدس "العنصرة" هو أحد الأعياد السيدية الكبرى، وتحتفل به الكنيسة بعد خمسين يوما من عيد القيامة وفيه حل الروح القدس على الرسل في العلية حيث كانوا مجتمعين ينتظرون موعد الآب حسب وصية الرب لهم، وقد رتب الرسل بأنفسهم الاحتفال بهذا العيد وجاء في القوانين: "ومن بعد عشرة أيام من الصعود فليكن لكم عيد عظيم لأن في هذا اليوم في الساعة الثالثة أرسل إلينا ربنا يسوع المسيح الباراقليط الروح المعزي وامتلأنا من موهبته وتكلمنا بألسنة ولغات جديدة كما كان يحركنا، وقد بشرنا اليهود والأمم بأن المسيح هو الله (دسق 21). وجاء أيضا: "ولا تعملوا في يوم الخمسين لأن فيه حل الروح القدس هذا الذي نزل على المؤمنين" (الصفوي ص 199). 





وكان هذا اليوم له أهميته العظمى في كنيسة الرسل ذاتها فعند ما طلب اليهود من القديس بولس أن يمكث قليلا في أفسس لم يوافقهم "وودعهم قائلا ينبغي على كل حال أن أعمل العيد القادم في أورشليم " (أع 18: 21) وتكررت ذات الحادثة مرة أخرى وذكرت في رسالته إلى كنيسة كورنثوس في (1 كو 16: 7-8 ). كما لم تخل كتابات الآباء من شرح الحادثة واستفاضت في الحديث عن الروح القدس أمثال يوستينوس و أريجينوس و إمبروسيوس و غريغوريوس. 





والهدف من حديثنا عن هذا الحدث العظيم هو لكي يدخل بنا في دائرة جاذبية الروح القدس فهو ليس إضافة جديدة بقدر ما هو دعوة للتمتع بالمفهوم الروحي للعيد من خلال اكتشاف روح الله الساكن فينا وإثارة الشوق في نفوسنا للامتلاء به، ذاك الذي وهبنا بركات الخلاص وأغنى الكنيسة بسكناه فيها. ونحن ندعوه قائلين: "أيها الملك السمائي المعزي، روح الحق الحاضر في كل مكان والمالئ الكل كنز الصالحات ومعطي الحياة، هلم تفضل وحل فينا وطهرنا من كل دنس أيها الصالح وخلص نفوسنا". آمين 







الطقس الكنسى للعيد 





يحتفل بعيد العنصرة في الصباح بالقداس الإلهي وفي المساء بصلاة السجدة، ويتميز قداس أحد العنصرة بطقوس وألحان خاصة به، فتعمل دورة القيامة في باكر قبل قراءة الإنجيل وتقال مزامير الساعة السادسة عند تقديم الحمل أما مزامير الساعة الثالثة وهي الخاصة بحلول الروح القدس فتقال بعد قراءة الأبركسيس وتقال بلحن مميز، ويقال لحن الروح القدس "بي إبنفما..." ومعناه الروح القدس المعزي الذي حل على الرسل في عيد البنتقسطي فتكلموا بألسنة كثيرة". 

وقد رتبت القراءات بحكمة بالغة فنجد أنها تدور حول موضوع الروح القدس وتدخلنا في أفراح هذا العيد وبعد نهاية القداس تقال تسبحة خاصة بالروح القدس. وفي المساء تقام صلاة السجدة بعد ظهيرة أحد العنصرة وقد كانت تقام قديما أثناء صلاة قداس أحد العنصرة بعد الانتهاء من قراءة الأبركسيس وهي الساعة الثالثة من النهار "التاسعة صباحا" وذلك تشبها بذات الوقت الذي حل فيه الروح القدس على التلاميذ إذ كانوا مجتمعين بالعلية وهم ساجدون في الصلاة، ولكن إكراما للمناسبة صارت صلاة السجدة منفصلة عن قداس أحد العنصرة وتقام في مساء أحد العنصرة. 

أولا: القداس الإلهي : 

مزمور العشية (50: 12، 14): نجد في هذا المزمور نبوة مباشرة عن عمل الروح القدس وصفاته أنه روح الفرح والقوة والمعونة لذلك جاء فيه "امنحني بهجة خلاصك وبروح رئاسي عضدني". 

إنجيل العشية (يو 7: 37-44) : هو حديث السيد المسيح في عيد المظال وفيه دعوة للعطاش إلى البر أن يقبلوا الروح القدس الذي هو نبع الحياة، ومن يقبل ينال الامتلاء وتجري من نفسه أنهار ماء حي. 

مزمور باكر (103: 8، 29) : في هذا المزمور نبوة عن تجديد الطبيعة البشرية بالروح القدس الذي حل عليها في هذا اليوم المبارك لذلك يتنبأ المزمور عنه: " ترسل روحك فيخلقون وتجدد الأرض دفعة أخرى". 

إنجيل باكر (يو 14: 26، 15: 1-4) : هو حديث السيد المسيح الوداعي للتلاميذ وقد وعدهم بالروح القدس: "وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم" وفي نهاية الحديث الإشارة لثمار الروح القدس "كل من يأتي بثمر ينقيه ليأتي بثمر أكثر". 

الرسائل: البولس (1 كو 12: 1-31) - الكاثوليكون (1 يو 2: 20، 3: 1 ) - الأبركسيس (أع 2: 1-21) : تحدثنا القداسات عن بركات الروح القدس التي انسكبت على الكنيسة في هذا اليوم فيذكر القديس بولس المواهب الروحية التي أعطاها الروح القدس بحلوله "وأما من جهة المواهب الروحية... لكل واحد يعطى إظهار الروح للمنفعة..." وفي الكاثوليكون يدور الحديث عن مسحة الروح القدس التي ننالها في سر الميرون "وأما أنتم فلكم مسحة من القدوس وتعلمون كل شيء" أما الأبركسيس فيذكرنا بحادثة انسكاب الروح القدس على الرسل في هذا اليوم. 

مزمور القداس (46: 5-6) : في هذا المزمور إشارة أن الصعود لابد أن يسبق العنصرة "صعد الله بتهليل، و الرب بصوت البوق، لأن الرب ملك على جميع الأمم". 

إنجيل القداس (يو 15: 26، 16: 1-15) : هو حديث السيد المسيح الوداعي للتلاميذ وهو استكمال لإنجيل باكر وفيه ذات الهدف إذ يتحدث عن الروح القدس وعمله "وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق". 

ثانيا: صلاة السجدة: 

تقام صلاة السجدة مساء أحد العنصرة ويتخللها السجود تشبها بكنيسة الرسل في يوم الخمسين حيث كان الرسل القديسون مجتمعين بنفس واحدة في الصلاة وحل عليهم الروح القدس، والكنيسة إذ تستعيد تذكار هذا اليوم المقدس الذي ولدت فيه يجب أن تكون ساجدة فلا أن تتقبل عطية الروح القدس وهي في خضوع وخشوع وصلاة، فالروح معزي منسحقي القلوب ويعزي المتواضعين، كما أنه لابد أن يصاحب صلاة السجدة رفع البخور وفيه إشارة لانتشار رائحة الروح القدس الذكية التي ملأت الأرض. 

وقراءات السجدة تذكرنا بالرموز تلك التي جاءت في العهد القديم والتي تشير لذلك اليوم فتتحدث عن خروف الفصح والذي فيه ميلاد شعب الله فيرتبط الرمز في العهد القديم مع تحقيقه في العهد الجديد "المسيح فصحنا" والذي بواسطته حل الروح القدس في يوم الخمسين وولدت الكنيسة. 

كما أن القراءات تحمل لنا صوت الشريعة والناموس فبجانب أنها نزلت في هذا اليوم فهي تنقل لنا وصفا من جبل سيناء حيث كانت " أصوات الرعود و البروق وكان جبل سيناء كله يدخن من أجل أن الرب نزل عليه بالنار وصعد دخان كدخان الأتون " (خر 19: 16-17). 

وبذلك تحقق الرمز في يوم الخمسين إذ حل الروح القدس في الريح والنار (أع 2: 1-4) وكمل الوعد في ملء الزمان "لأن الناموس بموسى أعطى أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا" (يو 1: 17). 

وفي طقس صلاة السجدة تعمل ثلاث سجدات الأولى والثانية فيها تصلى بالخورس الثاني كاستعطاف وتذلل أمام الله وهو ما تعكسه قراءة الإنجيل، فإنجيل السجدة الأولى هو صلاة السيد المسيح الشفاعية عن تلاميذه والتي تمت بحلول الروح القدس في يوم الخمسين (لو 24: 36-53). أما صلاة السجدة الثالثة فتقام داخل الهيكل حيث يفتح ستر الهيكل علامة المصالحة بين السماء والأرض وبها نالت الكنيسة السجود لله بالروح والحق لذلك نجد الحديث الذي دار بين المخلص و المرأة السامرية عن السجود لله بالروح وعن الماء الحي وفيه إشارة صريحة عن بركات الروح القدس التي نالتها الكنيسة في يوم الخمسين

العنصرة في العهد القديم 



"أحصي لك سبعة أسابيع من وقت شروع المنجل في الزرع. . . واصنع عيد الأسابيع للرب إلهك" (تث 16: 9-12). 

أمر الرب شعبه في العهد القديم أن يحتفل بعيد العنصرة وهو عيد الحصاد أو الجمع (خر 34: 22) ويسمى أيضا بعيد الباكورة (عد 28: 26) لأن فيه يقدمون من بواكير الحنطة (لا 23: 10، 15)، ويسمى أيضا عيد الأسابيع وأطلقت عليه كلمة عنصرة وهي كلمة عبرية مشتقة من "عصّريت" أي الخمسين لأنه يقع دائما في اليوم الخمسين لعيد الفصح، وكان عيدا عظيما عند اليهود وكانوا يعيدونه بفرح عظيم لأنه تذكار قبول موسى الشريعة، وكان على كل يهودي ضرورة الحضور للاحتفال بالعيد في أورشليم أمام الله وعليه أن يقدم إلى الكاهن رغيفين من الدقيق الجديد من باكورة حصاده مع الذبائح وكان يوما للابتهاج والشكر (لا 23: 15-22، تث 16: 10) "أنظر كتاب المرشد المصور للعهد القديم (ص 88-90)". 



وقد توافق حلول الروح القدس في يوم الخمسين لعيد الفصح اليهودي ولأن عيد الخمسين في العهد الجديد وقع في عيد الأسابيع العبري لذلك حل محله إذ كان العيد اليهودي رمزا لعيد الخمسين الذي حل فيه الروح القدس على المؤمنين وتحقق رمز ذلك العيد والذي كان يسمى عيد الباكورة عند اليهود صار حقيقة في يوم الخمسين إذ قدمت كنيسة الرسل باكورة كرازتها فآمن ثلاثة آلاف نفس في ذلك اليوم الذي حل فيه الروح القدس وصار بالحقيقة يوما للابتهاج والفرح. 





الصعود يسبق العنصرة 



" خير لكم أن أنطلق لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي" (يو 16: 7) 

لا شك أن الروح القدس لم يكن غريبا على التلاميذ فقد سبق أن رأوه يحل على المسيح بهيئة جسمية وقت عماده من يوحنا في نهر الأردن، كما أنهم سمعوا عنه كثيرا من السيد المسيح. ويفسر القديس إغريغوريوس الناطق بالإلهيات حلول الروح القدس بأن التلاميذ بصفة خاصة تقبلوا الروح القدس في ثلاث مناسبات في المرة الأولى كان ذلك حينما أعطاهم الرب السلطان لعمل المعجزات وخاصة إخراج الأرواح الشريرة "ولكن إن كنت أنا بروح الله أخرج الشياطين " (متى 12: 28)، "ثم دعا تلاميذه الاثنى عشر وأعطاهم سلطانا على أرواح نجسة حتى يخرجوها و يشفوا كل مرض وكل ضعف في الشعب " (متى 10: 1)، ففي هذه المرة ظهر عمل الروح القدس في شفاء المرضى وطرد الأرواح الشريرة وهو ما يستوجب عمل الروح القدس بذاته. أما المرة الثانية فكانت مساء أحد القيامة وهم مجتمعون إذ نفخ فيهم وقال : "خذوا الروح القدس من غفرتم له خطاياه غفرت ومن أمسكتم له خطاياه أمسكت" (يو 20: 19-23)، ونلاحظ في هذه المرة أن الروح القدس أُعطى مع سلطان الحل والربط وهي السلطة الكهنوتية أي أنه أعطي لوظيفة لا لقداسة شخصية. أما المرة الثالثة فكانت في يوم الخمسين أي بعد صعود الرب إلى السماء وفيها أرسل الروح القدس فانسكب بغزارة على الكنيسة "قوة من الأعالي" ( لو 24: 49، أع 1: .

وعلى ذلك كانت نفخة السيد المسيح مساء أحد القيامة فعليا إلهيا كتكريس كهنوتي للرسل أما في العنصرة فكانت حضورا إلهيا إذ حل روح الله القدوس ب ش خصه ليسكن في المؤمنين لذلك كان من المحتم أن الصعود يسبق حلول الروح القدس إذ كان الصعود متمما للفداء. وإذا تأملنا المسيرة بين الصليب و العنصرة فبعد أن أتم المسيح الفداء بموته على الصليب وبهذا افتدى الكنيسة وقدسها بدمه الذكي لتكون بلا عيب، فمات عنا وقام لأجلنا وصعد ليصعدنا وجلس عن يمين الآب ليشفع فينا لقد " دخل كسابق من أجلنا فوجد فداء أبديا " (عب 6: 20)، لقد صالحنا مع الآب بذبيحة نفسه إذ افتدى الكنيسة بالدم فاغتسلت وابيضت (رؤ 17: 15) فأصبحت أهلا لاستقبال الروح القدس في يوم الخمسين في شكل ألسنة نارية استقرت على كل واحد بصورة شخصية وما أن حل على الرسل حتى صاروا يكرزون و يشهدون بكل جرأة وشجاعة وصنعوا المعجزات فكان الروح القدس هو العامل فيهم والناطق بألسنتهم، والروح القدس لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه وغير مؤهل له وقد أخبر الرب تلاميذه عن هذه الحقيقة " وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم " (يو 14: 17). 





الأيام العشرة 



"وفيما هو مجتمع معهم أوصاهم أن لا يبرحوا من أورشليم بل ينتظروا موعد الآب" (أع 1: 4) 

اقتضى التدبير الإلهي أن يحل الروح القدس في يوم الخمسين وكان على التلاميذ أن ينتظروا في أورشليم عشرة أيام حسب وصية الرب لهم وهي الفترة بين خميس الصعود وأحد العنصرة وذلك لغاية إلهية عظمى تتمثل في عدة أمور هي: 



أولا : 

كان يوم الخمسين عيدا فيه تذكار نزول الشريعة (لا 6: 9، تث 33: 13 ) حيث حل الله على جبل سيناء فكان الجبل كله يدخن من أجل أن الله نزل عليه بنار وبذلك تحقق ذلك الرمز في العهد القديم بحلول الروح بالريح والنار في ذلك اليوم كما أن نزول الشريعة في هذا اليوم يحقق أنه أي الروح القدس هو الناطق في الأنبياء. 



ثانيا : 

كان من المحتم على اليهود أن يعيدوا يوما واحدا لهذا العيد في أورشليم لأنه كان أحد الثلاثة أعياد العظمى لليهود وهي الفصح والخمسين و المظال، فكانت الشريعة توجب على كل رجل أن يحضر فيها إلى أورشليم وبذلك اقتضت مشيئة الله أن يحل الروح القدس في هذا اليوم ليشاهده تلك الجموع الكثيرة التي حضرت من أماكن مختلفة ومن شتى البلدان " فرتيون وماديون وعيلاميون والساكنون ما بين النهرين واليهودية و كبدوكية و بنتس وأسيا و فريجية و بمفيلية و مصر و نواحي ليبية و الرومانيون و كريتيون و عرب " (أع 2: 7-11) وحينما آمن هؤلاء انضموا إلى كنيسة الرسل وصاروا هم اللبنات الأولى للمؤمنين (أع 2: 5). 



ثالثا : 

أما بالنسبة للرسل فكانت الأيام العشرة التي سبقت العنصرة أيام صلاة وتضرعات واشتياق وانتظار تحقيق الوعد الإلهي "فكان الجميع معا بنفس واحدة وهم يواظبون على الصلاة والطلبة " (أع 2: 1) ولم يكن للتلاميذ في تلك الأيام العشرة شيء يعملونه سوى التسبيح والصلاة و هم ينتظرون أن يلبسوا قوة من الأعالي وهو ما وعدهم به المسيح (لو 22: 1) فكانوا يقدمون ذبيحة شكر وهم يهيئون ذواتهم العقل والنفس والقلب بل الروح والجسد مع الحواس فكان الكيان كله مستعدا لقبول تلك العطية العظمى ومواهب روح الله، و لم يكن بالإمكان أن يحل الروح القدس على رجال ونساء لم يسبقوا ويهيئون ذواتهم في شوق وانسكاب لحلول روح الله، وهكذا دائما فإن روح الله القدوس ينسكب بنعمته الفائضة وعطاياه الغنية في أولئك الساجدين في الصلاة ينتظرون باتضاع شديد وطهارة إضرام موهبته فيهم. 





الروح القدس بين عمله في الأنبياء والرسل 



الروح القدس أزلي فهو روح الله ومنذ البدء كان يعلن عن ذاته في أسماء عديدة و كان يكشف عن حضوره في صور معينة فكان في الريح واللهيب والنفخة والحمامة والروح والمسحة والغمامة والنور، ومن خلال عمله كان يظهر وجهه السري غير المدرك. ولكي نفهم طبيعة عمل الروح القدس لابد أن نتأمل فيها من النواحي الآتية: 



عمل الروح القدس في العهد القديم. 

ما قبل العنصرة. 

بهيئة جسمية على المسيح. 

حلول الروح القدس في العنصرة... 



- أولا: عمل الروح القدس في العهد القديم 



ففي البدء أعاد الروح القدس النظام إلى الأرض الخربة فكان روح الله يرف على وجه المياه (تك 1: 1-2) وهو تعبير يوحي بعمل الروح في الخليقة وكان مشاركا في كل أعمال الخلق " ترسل روحك فتخلق وتجدد وجه الأرض " (مز 104: 3) بنفخته السموات مسفرة (أي 26: 13). وكان يعمل في الأنبياء والملوك والكهنة لمهام إلهية فكان ملهما و موهوبا لبعض الأشخاص يؤهلهم للقيام بأعمال متميزة ومأموريات خاصة وكانت تلك بدرجات متفاوتة وبانتهاء العمل كان الروح يفارق الشخص ، فقيل عن يوسف إنه " كان رجلا فيه روح الله" (تك 41: 38) واقتضى عمل خيمة الاجتماع إنسان فيه روح الله "قد دعوت بصلئيل بن أوري. .. وملأته من روح الله بالحكمة والفهم والمعرفة " (خر 31: 2-5) وقد حل على السبعين شيخا الذي كانوا في مساعدة موسى (عد 11: 16) وامتلأ يشوع بروح حكمة حينما وضع موسى ع ليه يديه (تث 34: 19) لبس روح الرب جدعون وحل على شمشون (قصه 9: 34، 13-19). 



وحينما صب صموئيل الدهن على رأس شاول حل عليه روح الرب وتنبأ (1 صم 10: 10) وحل روح الرب على داود (1 صم 16: 13) وكذلك حل على الأنبياء مثل إشعياء و حزقيال "لأنه لم يأت نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" (2 بط 1: 21). ثانيا: ما قبل العنصرة 



وهي الفترة منذ بشارة جبرائيل الملاك للقديسة مريم العذراء حتى ميلاد السيد المسيح، وقد حل الروح القدس على القديسة العذراء مريم كبشارة الملاك لها "الروح القدس يحل عليك" (لو 1: 34). 

وذلك ليطهرها ويقدسها فصارت مسكنا له ليأخذ منها المسيح جسدا فحملت في بطنها الابن الكلمة المتجسد "القدوس المولود منك" ( لو 1: 35)، و هكذا كان امتلاء العذراء بالروح القدس امتلاء فريدا في نوعه وله خصوصية وتلك المملوءة سرا. وقد حل الروح القدس على جماعة القديسين الذين شهدوا وقت ميلاد المخلص وهو امتلاء بالروح القدس على مستوى العهد القديم أو قد يكون متميزا قليلا عنه فامتلأ يوحنا المعمدان وهو في بطن أمه ( لو 1: 15) وامتلأت اليصابات أمه من الروح القدس عند زيارة القديسة العذراء لها " فلما سمعت اليصابات سلام مريم إرتكض الجنين في بطنها وامتلأت اليصابات من الروح القدس" ( لو 1: 41)، وامتلأ زكريا أبوه من الروح القدس وتنبأ ( لو 1: 67)، أما سمعان الشيخ الذي حمل الطفل يسوع على يديه فقيل عنه أنه كان بارا " والروح القدس كان عليه وكان قد أوحى إليه بالروح القدس أنه لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب فأتى بالروح إلى الهيكل..." ( لو 2: 25-27). 







ثالثا: بهيئة جسمية علي المسيح









"فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء وإذا السموات قد انفتحت له فرأى روح الله نازلا مثل حمامة وآتيا عليه وصوت من السموات قائلا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت " (مت 3: 16-17)، لقد ظهر الروح القد س في عماد المسيح بهيئة جسمية مثل حمامة واستقرت عليه للدلالة على أن المعتمد ليس إنسانا عاديا بل هو الإله المتجسد لذلك شهدت السماء له بنزول الروح القدس عليه وبصوت الآب الأتي من السماء، وكان حلول الروح القدس على المسيح واستقر عليه إعلانا لتعود عطية الروح القدس للجنس البشري الذي حرم منها بسبب الخطية التي فصلته عن الله ويشرح القديس أثناسيوس الرسولي ذلك بقوله : " لقد أتخذ الابن جسدا لكي نستطيع نحن أن نتقبل الروح القدس " . 



وقد سبق النبي داود أن تنبأ عن المسيح إذ قال "من أجل ذلك مسحك الله بزيت الابتهاج أكثر من رفقائك" (مز 45: 7) وقد ذكر القديس بطرس عند كرازته في قيصرية وأشار لهذا المزمور قائلا: " يسوع الذي من الناصرة كيف مسحه الله بالروح القدس " (أع 10: 38). 



وكما كان ظاهرا عمل الروح القدس في تجسد المسيح ( لو 1: 15) وفي عماده (مت 3: 16) كذلك كان عمله في معجزاته ويشير إلى ذلك القديس بطرس " مسحه الله بالروح القدس والقوة " (أع 10: 38) وقال السيد المسيح عن نفسه: "ولكن أن كنت أنا بروح الله أخرج الشياطين" (مت 12: 28)، كذلك "تهلل يسوع بالروح القدس" ( لو 10: 12) وظهر عمله في الفداء "بروح أزلي قدم نفسه بلا عيب" (عب 9: 14) بل هو الذي أقام من الموت "روح الذي أقام يسوع من الأموات" (رؤ 8: 10).

رابعا: حلول الروح القدس في العنصرة 



يسمى عيد العنصرة " البنتقسطي" وهي كلمة يونانية معناها الخمسين لأن الروح القدس حل على الرسل في اليوم الخمسين من أحد القيامة حيث تحقق وعد المسيح لهم "وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم إلى الأبد" (يو 14: 16). 



قبل صعود المسيح نفخ حين قال لتلاميذه اقبلوا الروح القدس، ولكن كان قبولا إيمانيا أخذ كمال فاعليته فيهم وبصفة عامة في الكنيسة حينما أرسل الروح القدس ونفخ في الكنيسة كلها في يوم العنصرة، ولذلك كان حلول الروح القدس في العنصرة بصورة خاصة إذ صار من السماء صوت كما من هبوب ريح عاصفة ملأت البيت وظهرت ألسنة كأنها من نار واستقرت على كل واحد منهم وامتلأ الجميع من الروح القدس و ابتدأوا يتكلمون بألسنة أخرى كما أعطاهم الروح أن ينطقوا (أع 2: 1-4). 

و يتضح أنه في يوم الخمسين حل الروح القدس ليسكن في المؤمنين وقد استعلن الروح القدس بصفته الخصوصية "الباراكليت " وهي كلمة يونانية معناها المعزي وهو ما سبق أن قال عنه الرب لتلاميذه "ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي" (يو 15: 26) وإن كانت كلمة باراكليت في اللغة اليونانية تحمل أكثر من دلالة وهي صفات الروح القدس فمعناها القدس، المعزي، المعين، المحامي، الشفيع. وتلزمنا هذه المناسبة أن نفهم مظاهر حلول الروح القدس في يوم الخمسين وهي الريح و ألسنة النار كما يلزمنا أن نفهم شيئا عن عطية الألسنة التي كان يتكلم بها الرسل. 



أ. ريح عاصفة: 



"وصار بغتة من السماء صوت كما من هبوب ريح عاصفة وملأ كل البيت حيث كانوا جالسين " (أع 2: 2). 

سبق حلول الروح القدس هبوب ريح عاصف ملأ كل البيت وقد أحس به كل المجتمعين لأن الريح كان شديدا وهو تعبير عن حضور الله، ففي العهد القديم كثيرا ما اقترن الحضور الإلهي بهبوب الريح " فأجاب الرب أيوب من العاصفة" (أ ي 28: 1) وبنفس الطريقة أعلن الله لإيليا حضوره في الريح العظيمة (1 مل 19: 11). 



وكلمة "الريح" تتشابه مع كلمة "الروح" في اللغة العربية وكذلك في اللفظ العبري تتشابه الكلمتان، وفي اللغة اليونانية كلمة Pneuma تحمل كلا المعنيين "الريح والنفس". 



فكلمة الروح، والنفس والنَفس ، والريح كلها بينها تشابه في هذه اللغات وهناك تقارب بينهما وهناك تشابه بين طبيعة عمل الريح والروح كما جاء في "هلم يا روح من الرياح الأربع وهبي على هؤلاء القتلى ليحيوا" (حز 97: 9)، و نجد أن أيوب استخدم الكلمتين "روح " و "نسمة" كما لو كانتا مترادفتين فقال: "روح الله صنعني ونسمة القدير أحيتني" (أ ي 33: 4)، ويقول عن الإنسان " أن الله نفخ في أنفه نسمة حياة" (تك 2: 7). 



يتضح من ذلك أن عمل الروح القدس هو كالنفس أو النسمة والهواء الذي نستنشقه لنحيا به و بدونه لا يكون لنا حياة " ولما قال هذا نفخ وقال لهم اقبلوا الروح القدس" (يو 20: 22). وهو أيضا ما يظهر في حديث السيد المسيح مع نيقوديموس إذ قال له : "الريح تهب حيث تشاء وتسمع صوتها لكنك لا تعلم من أين تأتي وإلى أين تذهب، هكذا كل من ولد من الروح" (يو 3: ، ففي يوم الخمسين كان هبوب الريح السمائية العلامة الظاهرة لحضور روح الله القدوس وملأ كل البيت وكل الذين كانوا حاضرين. 



ب. ألسنة من نار: 



" وظهرت لهم ألسنة كأنها من نار واستقرت على كل واحد منهم" (أع 2: 3). 

كما كانت في يوم العنصرة الريح هي أحد مظاهر حضور الله هكذا كان الحضور الإلهي مقترنا بمظهر النار لأن الريح والنار في العهد القديم يشيران إلى طبيعة الله وكثيرا ما كانا متلازمين معا " فخاطب الله موسى والشعب من وسط النار والعاصفة" (تث 5: 22-23). وقال عنه داود " الله يأتي جهارا و إلهنا لا يصمت، النار قدامه تتقد و حوله عاصف جدا" (مز 50: 3). 



و قد ارتبط الحضور الإلهي بالنار في حوادث كثيرة ذكرت بين أحداث العهد القديم فجبل سيناء كان يدخن لأن الرب نزل عليه بالنار (خر 19: 18) ورأى موسى النبي العليقة تتقد بالنار ولم تكن تحترق بل أيضا ناداه الله من وسطها وأعلن حضوره صراحة إذ أمره أن يخلع نعليه لأن الأرض مقدسة (خر 3 : 2-4 ). وظهر الحضور الإلهي على المسكن في خيمة الاجتماع (خر 40: 35) ، و كثيرا ما كان الله يعلن حضوره بنزول نار من السماء تلتهم الذبائح كما حدث عند تدشين سليمان الهيكل ( 2 اخ 7: 1) و عند ترميم المذبح ( 2 مل 18: 30) و أعلن الله لموسى أن طبيعته النار " الرب إلهك نار آكلة إله غيور " ( تث 4: 24).



و في العهد الجديد تشير النار إلى طبيعة الله و حضوره إذ قال يوحنا المعمدان عن المخلص: " هو سيعمدكم بالروح القدس و نار" (مت 3: 11). وكذلك سيكون الرب في مجيئه "في نار لهيب معطيا نقمة للذين لا يعرفون الله" (2 تس 1: . 



فكانت نار يوم العنصرة هي علامة الحضور الإلهي النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان، وصارت هي النار المطهرة التي تقدست بها الكنيسة إذ استقرت على كل واحد منهم ( لو 12: 49). 



ج. التكلم بالألسنة: 



" و ابتدأوا يتكلمون بألسنة أخرى كما أعطاهم الروح أن ينطقوا " (أع 2: 4). 

في يوم الخمسين تكلم الرسل بألسنة جديدة مما جعل الحاضرين يتعجبون وال ع هد القديم يحدثنا عن تشتت بابل حيث حاول الإنسان بكبريائه أن يصنع لنفسه برجا فبلبل الله ألسنة الناس وبددهم في الأرض (تك 11: 7) وهي صورة عن فساد الإنسان فحدث أن تفرقت البشرية أما في يوم الخمسين تجمعت الكنيسة وعوض التفرقة في بابل التأمت البشرية وبينما لم يفهم الناس بعضهم بسبب بلبلة الألسن حدث في يوم العنصرة أن فهم الحاضرون لغة الرسل فكانت تلك اللغة التي أصلحت بلبلة للألسن في كارثة بابل.



وعط ي ة التكلم بالألسنة التي نالها الرسل في العنصرة سبق المسيح وأخبر تلاميذه عنها بين المواهب التي سينالوها (مر 16: 17) وكانت الحاجة إليها في بدء الكرازة لتؤكد عصر جديد هكذا صارت في يوم الخمسين والذي توافق مع عيد الأسابيع اليهودي وقد تجمع فيه اليهود من أقطار كثيرة فكانت الحاجة إليها مُلحة لكرازة هؤلاء المجتمعين. 



وإن كنا لا نفهم تماما ما حدث يوم الخمسين وكيف تكلم الرسل بالألسنة هل كانت الموهبة لغة واحدة تكلم بها الرسل وكان يفهمها كل من يسمعها كمن يسمعها بلغته وهنا لابد أن الروح القدس كان يعمل عملا فائقا هو معجزة ترجمتها! أم أن كانت هناك ألسنة بلغات هؤلاء الأم م وقد تكلم بها الرسل ونطق بها الروح القدس على لسانهم؟ 



على أي الأحوال لقد أعطيت هذه الموهبة كضرورة ملازمة للكرازة في يوم العنصرة وفي الكنيسة عند نشأتها (1 كو 14: 34). ونلاحظ أنها موهبة لم يسع إليها المؤمنون ولم يتوقعونها وقد توقفت موهبة التكلم بالألسنة لأن الضرورة والحاجة إليها قد انتهت. 



وفي السنوات الأخيرة انساق الخارجون عن الأرثوذكسية المنحرفون عن عقيدة الكنيسة الأولى وهم في كبرياء شديد وراء أوهام زائفة وحركات مستوردة مدعين موجات من الانتعاش والتكلم بالألسنة كعلامة للامتلاء بالروح القدس وفاتهم أن التكلم بالألسنة حدثت خصيصا في ي و م الخمسين كعلامة خارجية تدعم حقيقة مجيء الروح ولكي تصل الكرازة لمن كانوا مجتمعين في أورشليم في ذلك اليوم وكان الهدف منها أن تمس قلوبهم لقبول الإيمان. فالروح ليس إضافة من الخارج لكي يدخل المصلين في حالة عصبية بصراخ وتصفيق أو ضجيج وانفعال لا لزوم له ولا يتفق بأي حال مع طبيعة الروح القدس الهادئ والوديع (غلا 5: 22). 



إننا نستطيع أن نفرح ونتعزى في هدوء وهو ما يتفق مع طبيعة الروح القدس الهادئ ونستطيع أن نمتلأ بالروح بواسطة الصلاة في غير صياح أو ضجيج ودون أن يصيبنا الهياج والتشنج، فنلتقي في المخدع كما أوصانا الرب ادخل مخدعك و أغلق بابك حيث الهدوء والعمق فتلتقي روحنا الهادئة مع الروح القدس الوديع ليتعلم الجميع ويتعزى الجميع وكما قال الكتاب أن أرواح الأنبياء خاضعة للأنبياء "لأن الله ليس إله تشويش بل إله سلام كما في جميع كنائس القديسين" (1 كو 14: 31-33). 

الروح القدس وعمله في الأسرار 



ليس من طريق لنوال الطبيعة الجديدة ومواهب الروح القدس إلا بواسطة الكنيسة أي عمل الروح القدس في أسرار الكنيسة السبعة ونوال فاعلية عمله بواسطة الكهنوت، لأن الرسل الأطهار استقبلوا عطية الروح القدس في صورة كنيسة، وينابيع الروح القدس في الكنيسة لا تنضب لأنها جسد المسيح والروح القدس يستقر على جسد المسيح (أف 1: 23). وكما يقول داود النبي " نهر سواقيه تفرح مدينة الله" (مز 46: 4)، فالنهر هو الروح القدس الذي يفرح النفس وهي مسكن الله بواسطة سواقيه المتعددة التي هي أسرار الكنيسة. 



1. في سر المعمودية: 



"أن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله " (يو 3: 3، 5). 

رسم الرب سر التجسد ونوال الطبيعة والولادة الجديدة أن يناله الإنسان عن طريق سر المعمودية وهكذا يعمل الروح القدس من خلال هذا السر "لا بأعمال في بر عملناها نحن بل بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس الذي سكبه بغنى بيسوع المسيح مخلصنا" (تيط 3: 5-6)، (1 كو 12: 13). 



2. في سر المسحة: 



"الذي فيه أيضا إذ آمنتم ختمتم بروح الموعد القدوس الذي هو عربون ميراثنا لفداء المقتنى لمدح مجده " (أف 1: 14). 

لقد كانت المسحة في العهد القديم أهم الطقوس لتكريس الشخص الممسوح للخدمة والمكرس لله فكان يمسح بها الملوك والكهنة والأنبياء وكان دهن المسحة له إعداد خاص (خر 30: 23-33)، وبذلك كانت إشارة لمسحة الروح القدس والتي ننالها في سر الميرون سر التثبيت حيث تتقدس النفس ويهبها الروح القدس إمكانية القداسة " المولود من الجسد جسد هو و المولود من الروح هو روح" (يو 3: 6). 



3. في سر التوبة والاعتراف: 



"الروح يعين ضعفاتنا و الروح نفسه يشفع فينا " (رو 8: 26، أف 2: 18). 

كما أن الروح القدس يعمل فينا ليقودنا للتوبة فهو يشجعنا ويبكتنا على خطايانا لنقدم توبة عنها ويشعل فينا الحماس للرجوع لله، كذلك عندما نعترف بها هو أيضا يمنحنا الغفران عنها (مت 18: 18). وذلك عن طريق الرسل ومن بعدهم الكهنوت " ولما قال هذا نفخ وقال لهم اقبلوا الروح القدس من غفرتم خطاياه تغفر له ومن أمسكتم خطاياه أمسكت " (يو 20: 22). 



4. في سر الإفخارستيا (التناول): 



يقوم الروح القدس حين يستدعيه الكاهن في صلاة القداس فيحول الخبز والخمر إلى جسد الرب ودمه الأقدسين إذ يحل على الأسرار وعلى الكاهن والشعب ليصيروا أهلا لنوال السر. 



5. في سر مسحة المرضى: 



بالصلاة يحل الروح القدس على الزيت وعلى المريض فيعمل من خلال مسح المريض بهذا الزيت فيعطيه قوة الشفاء "أمريض أحد بينكم فليدع قسوس الكنيسة فيصلوا عليه ويدهنوه بزيت باسم الرب وصلاة الإيمان تشفي المريض" (يع 5: 14-15). 



6. في سر الزيجة: 



يعمل الروح القدس عمله التام السري في هذا السر إذ يجعل من الزوجين واحد. . . إذا ليس بعد اثنين بل واحد. "ويكون الاثنان جسدا واحدا هذا السر عظيم ولكنني أنا أقول من نحو المسيح والكنيسة " (أف 5: 31 -32). 



7. في سر الكهنوت: 



هذا السر هو تاج الأسرار وقد استودع الرب تلاميذه هذا السر الذي هو مفتاح كنوز بقية الأسرار إذ منحهم السلطان " ها أنا أعطيكم سلطانا" ( لو 10: 19) وهو سلطان ليمارسوا كافة الأسرار لأنهم خدامه على الأرض " لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودا" (أع 1: . 



- الروح القدس وعمله فينا 



الروح القدس في العهد القديم كان يحل على الأشخاص ثم يفارقهم بعد انتهاء العمل أو النبوة وهذا بخلاف حلوله على الكنيسة في العنصرة إذ صار في صورة جديدة لم تعرف من قبل وعطية متميزة، فقد امتلأ الجميع من الروح القدس فلم يعد حلولا فرديا أو وقتيا أو مغلقا، كذلك لم يتوقف حلوله على اختيار أو دعوة خاصة أو ميزات طبيعية بل صارت العطية للكنيسة كلها، كما أنه حلَّ ليسكن في الكنيسة ولا يفارقها " ألستم تعلمون أنكم هياكل الله وروح الله ساكن فيكم" (1 كو 3: 17)، ولم يكن حلوله في العنصرة لمأمورية أو عمل بل قوة من الأعالي فائقة ولم تكن معهودة وهو ما كان قد تنبأ عنه يوئيل النبي قديما وأشار إليه القديس بطرس في ذلك اليوم ليذكّر به الجميع " يكون أني أسكب روحي على كل بشر فيتنبأ بنوكم و بناتكم ويحلم شيوخكم أحلاما ويرى شبابكم رؤى" (يؤ 2: 28-29، أع 2: 16). 



ويدعونا القديس بولس الرسول أن نتعهد عمل الروح القدس فينا و نسير في طريق الروح باستمرار لننال ثمر الروح من خلال معاملاتنا مع الروح القدس الساكن فينا وذكر لنا القديس بولس أربع وصايا هي: 

لا تحزنوا الروح (أف 4 : 30) 

الروح القدس لأنه فيض المحبة ومشيئته خلاصنا إذن فهو يحزن بسبب خطايانا وشهواتنا ومما يحزن الروح الرجوع إلى أعمال الإنسان العتيق وطبيعته القديمة التي جحدناها في المعمودية وهي : الكذب، والغضب، وأن نعطي إبليس مكانا، والسرقة، والكلام الرديء، والمرارة، والسخط، والصياح، والتجديف، والخبث، تلك التي ذكرها القديس في رسالته إلى كنيسة أفسس (أف 4: 25-31). 



لا تطفئوا الروح (1 تس 5: 19) 

لا تطفئوا أي لا تخمدوا نار الروح القدس وهو تعبير عن حقيقة عمل الروح القدس وطبيعته من نور واشتعال مستمر فينا حيث أنه يعمل في داخلنا "وإما متي جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق" (يو 16: 13)، أنه دائم العمل بنوره فيرشد ويعلم ويهبنا قوة التغيير داخليا، نتغير إلى تلك الصورة عينها لنصير مشابهين لصورة مجده ونرتقي من مجد إلى مجد (2 كو 3: 18)، أن تأجج حرارة الروح فينا هي استعلان تجلي المسيح في حياتنا لينعكس نوره الإلهي في داخلنا. 

اسلكوا بالروح (غلا 5: 16) 



السلوك بالروح هو أن تلتقي إرادتنا مع إرادته وتتوافق أشواقنا مع اشتياقاته فيسري فينا روح الله وينفذ إلى طبيعتنا لنتشرب به وأن كان الروح يشتهي ضد الجسد (غل 5: 17) فواضح أن مفهوم السلوك بالروح أن لا نسلك في أعمال الجسد التي هي "زنى، عهارة، نجاسة، دعارة، عبادة أوثان، سحر، عداوة، خصام، غيرة، سخط، تحزب، شقاق، بدعة، حسد، قتل، سكر، بَطَر و أمثال هذه..." (غلا 5: 19-21). والسلوك بالروح يهيئ مكانا في داخلنا يستريح فيه الروح القدس لأنه لا يسكن إلا في القديسين ولنتذكر أن الحمامة التي أطلقها نوح من الفلك بعد انتهاء الطوفان وهي ترمز للروح القدس لم تجد لها مكانا بين جثث الموتى التي أنتنت فلم تضع رجلها ولم تجد لها مستقرا بينها فعادت إلى الفلك، فالروح القدس له مدلولات كثيرة منها أنه روح الله، وروح المجد، وله أعمال ظاهرة فهو يعلم، ويرشد، ويعزي، لكن الصفة التي يشدد عليها الكتاب المقدس أنه الروح القدس (يو 14: 26، أع 2: 4) لأن القداسة هي الطريق الوحيد ليسكن ويستقر فينا " أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس" (1 كو 6: 19). 



امتلئوا بالروح (أف 5: 18) 

يدعونا الكتاب المقدس إلى الامتلاء بالروح (أف 5: 18)، ويذكر عن الرسل أنفسهم أنهم امتلئوا من الروح القدس في مناسبات عديدة . 



لقد سكن الروح القدس فينا بالمعمودية لكننا نحتاج أن يتدفق باستمرار في حياتنا وهذا ما نشاهده في كرازة الرسل فقد حدثت امتلاءات أخرى من الروح القدس في أكثر من مناسبة فلكي يشهد القديس بطرس للمسيح بالقيامة أمام مجمع السنهدريم الذي حكم على المسيح بالصلب كان يتطلب امتلاءا جديدا ، وفي اختيار الشمامسة السبعة للخدمة وهو أمر هام يحتاج لامتلاء من الروح القدس، و مواجهة عليم الساحر المضل يحتاج امتلاء وكذلك التلاميذ وهم في أيقونية (أع 4: 8، 31، 6: 3، 13: 9، 52) . 



والامتلاء بالروح القدس ليس كما يَّدعي البروتستانت بأنه نوال للمواهب ولم يكن بأي حال السبيل إليه ذلك التشنج في الصلاة فهو ليس نشوة عاطفية نفسانية بعيدة تماما عن عمل الروح القدس، لكنه تدفق ينابيع الطاقة في الكنيسة وفينا فالامتلاء من الروح القدس لا يعني إناء فارغ يمتلأ فهو ليس فعلا إضافيا بل هو فيض الروح القدس في داخلنا وتدفق مستمر لا ينقطع "ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم" (يو 16: 14). فالامتلاء من الروح القدس هو تفجر وتدفق الينابيع فتجري أنهار ماء حي (يو 7: 38)، هو النفخ في نار يوم الخمسين التي داخلنا فتتأجج وتشعل حرارة أرواحنا، تلك النار التي قال عنها المخلص " جئت لألقي نارا على الأرض فماذا أريد لو اضطرمت" ( لو 12: 49). 



- ثمر الروح 



"وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان، وداعة تعفف" (غلا 5: 22-23 ). 

الروح القدس يجدد طبيعة الإنسان وهو يبعث الفرح في نفوس الشهداء وينزع الحزن من العالم ويهب التعزية في الآلام. 

ليس من فضيلة أو نعمة إلا من كنز الروح القدس الذي يعطى بغنى، إنه الروح الذي يحي الكنيسة و يعينها بكل وسائط النعمة فهو مصدر الغنى في الكنيسة و العامل في الكرازة والفاعل في الأسرار. و في هذا العيد المجيد ننحني مع هؤلاء الساجدين وسط الكنيسة ومع الرسل الأطهار ونرفع أصواتنا بالتسبيح ونقول: " تعال إلينا اليوم يا سيدنا المسيح وأضئ علينا بلاهوتك العالي، أرسل علينا هذه النعمة العظيمة التي لروحك القدس المعزي (الأسبسمس الآدام). آمين

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نصيف خلف قديس
خادم الكل
خادم الكل
نصيف خلف قديس


عدد المساهمات : 6708
تاريخ التسجيل : 10/01/2014
الموقع : الكويت

 عيد العنصره المجيد  Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيد العنصره المجيد     عيد العنصره المجيد  I_icon_minitimeالسبت يناير 18, 2014 6:34 pm

 عيد العنصره المجيد  11
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://avakaras.ahladalil.com
زائر
زائر




 عيد العنصره المجيد  Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيد العنصره المجيد     عيد العنصره المجيد  I_icon_minitimeالثلاثاء يناير 21, 2014 9:22 pm

 عيد العنصره المجيد  X4p3q

 عيد العنصره المجيد  20081027_124357_t2amol15atema
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ليزا
المديرة العام
المديرة العام
ليزا


عدد المساهمات : 12357
تاريخ التسجيل : 11/01/2014

 عيد العنصره المجيد  Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيد العنصره المجيد     عيد العنصره المجيد  I_icon_minitimeالثلاثاء يناير 21, 2014 9:32 pm




يقوم الروح القدس حين يستدعيه الكاهن في صلاة القداس فيحول الخبز والخمر إلى جسد الرب ودمه الأقدسين إذ يحل على الأسرار وعلى الكاهن والشعب ليصيروا أهلا لنوال السر.
كل عام واتنتم بخير
موضوع مميييييييييييز
الرب يحفظك


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مايكل نصيف خلف
مراقب عام
مراقب عام
مايكل نصيف خلف


عدد المساهمات : 122
تاريخ التسجيل : 13/01/2014
العمر : 36
الموقع : القاهرة

 عيد العنصره المجيد  Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيد العنصره المجيد     عيد العنصره المجيد  I_icon_minitimeالسبت مايو 24, 2014 5:28 pm

 عيد العنصره المجيد  12310
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سعاد
الادارة العامة
الادارة العامة
سعاد


عدد المساهمات : 17886
تاريخ التسجيل : 10/01/2014
الموقع : لبنان

 عيد العنصره المجيد  Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيد العنصره المجيد     عيد العنصره المجيد  I_icon_minitimeالأحد يونيو 15, 2014 10:33 pm

 عيد العنصره المجيد  20081124_201658_20081027_124357
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
julie
المديرة العام
المديرة العام
julie


عدد المساهمات : 11235
تاريخ التسجيل : 03/06/2014

 عيد العنصره المجيد  Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيد العنصره المجيد     عيد العنصره المجيد  I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 26, 2014 9:09 pm

بارك الرب تعبك

شكرا لك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
عيد العنصره المجيد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تاملات فى عيد العنصره
» أحد القيامة المجيد
» عيد الغطاس المجيد
» طقس عيدالغطاس المجيد
» ما هو عيد الغطاس المجيد

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات افا كاراس ومارجرجس بالغابات  :: ( 2 ) المنتدى الدينى :: مواضيع خاصة بالكتاب المقدس-
انتقل الى: