قدّر أصدقاءك، قصة أخلاقية عظيمة
أبحر ذات يوم صديقان حميمان، عامر وزاهر، مع مجموعة من الرجال في سفينة إلى مكان ناء. على حين غرّة هبّت عاصفة عاتية في البحر ودمّرت السفينة كليّاً ولم ينج منها إلا عامر وزاهر. إنهما تمكنّا من السباحة في البحر الكبير إلى أن وصلا إلى جزيرة صغيرة ومهجورة، شبيهة بصحراء صغيرة لا أشجار فيها. غدا الصديقان بدون أية حيلة وبما أنهما لم يتمكنا من التفكير في ملجأ آخر، أخذا بالصلاة والتضرع لله القدير. على كل حال، بغية معرفة صلوات من سيستجيب لها الخالق قررا تقسيم الأرض بينهما ومكوث كل منهما في طرف من طرفي الجزيرة.
بعد بضعة أيام أحسّ عامر بالوحدة وصلى من أجل الحصول على زوجة. في اليوم التالي ظهر حطام سفينة أخرى وامرأة كانت الناجية الوحيدة سبحت ووصلت إلى أرض عامر وتزوجها. لا جديد على الطرف الآخر حيث يتواجد زاهر. عبر الصلوات تمكّن عامر من الحصول على منزل وملابس وطعام له ولزوجته. وفي يوم جميل فكّر عامر أنه لا بدّ من الرجوع مع زوجته إلى مدينته، وهكذا صلّى لمرور سفينة. واستجيبت صلاته هذه كسابقتها واقتربت نحوه سفينة فانضم هو وزوجته إليها وقررا ترك زاهر في الجزيرة لأنه في نظر عامر غير مستحق لتسلم بركات الباري إذ أن صلواته لم تستجب.
وعندما كانت السفينة على وشك الإبحار سمع عامر صوتاً من الأعلى. نظر إلى الأعلى فرأى طيرا عملاقا محلّقاً وقال: “لماذا تترك صديقك في الجزيرة، لماذا لا تأخذه معك”؟
أجاب عامر: “الله استجاب لصلواتي وأعانني، لو شاء الله لاستجاب لصلوات زاهر أيضا ولكنه غير مستحق لبركات الله”. ردّ عليه الطير مغتاظاً: “إنك لفي خطأ فظيع” وأردف قائلاً “في ذلك اليوم عندما كنتُ محلقاً بالقرب من هذه الجزيرة، سمعته ينادي آه يا ربّي، إني أتوجّه إليك بصلاة واحدة”.
أضاف الطائر: “كانت له صلاة واحدة فقط، وإن لم تستجب فإنك لن تحصل على أية نعمة من نعم الله التي تظن أنك مستحق لها”. شعر عامر بالإشمئزاز وسأل الطائر “أخبرني ما هو ذلك الشيء الوحيد الذي صلّى من أجله زاهر لأكون مدينا له”!
قال الطائر “صلّى أن يستجيب الله لكل صلواتك، هذا كل ما صلى من أجله”.
مغزى القصّة:
كم منّا يصلّي حقّاً من أجل الآخرين؟ تذكّر دوماً أن النِعم التي نحظى بها ليست ببساطة ثمرةَ صلواتنا فقط، إنها ثمرة صلاة الآخر من أجلنا أيضاً. قدِّر أصدقاءك! إنهم أحباؤك ويتمنون لك الخير، لا تتركهم وراءك. تذكرهم باستمرار في صلواتك!