نختلف ثم نتعانق
أن نختلف مع الآخرين في الرأي ولكن أحد علامات النضج المسيحي هو القدرة على التحكم بالغضب ،
وهي علامة من علامات النعمة الالهية ولكن من المؤسف ان الناس كلما تقدموا في السن يصبحون أسرع انفعالاً في ردود أفعالهم و يصبحون أكثر عناداً . ومن الغريب حقاً أن هذا يحدث أيضاً بين المؤمنين ، ربما نعتقد أن الكنيسة هي المكان الذي نجد فيه التسامح والقدرة على الاحتمال ، والمجال الأوسع للاختلاف في الرأي والمناقشات الصريحة ، وللأسف الأمر ليس هكذا
فكثيرون من الاخوة يثورون ويتشاجرون لأنه ببساطة ليس هناك مجال للاختلاف في الرأي وليس هناك حرية في التفاوض انهم لا يفتحون أذانهم ليسمعوا الآراء المختلفة عن أرائهم فنرى روح الانقسام المضلة التي تبدأ بالنقد ولكن النقد يكون فظاً وبعدم لباقة وينطوي على اتهام وفي بعض الاحيان يكون مملوءاً بالسخرية ، ويحتوي على كثير من الأكاذيب مما يؤدي الى الكراهية ، ان الكلمات المؤلمة والقاسية دائماً تلتصق بذاكرة من وجهت اليه أما الشخص الذي صدرت منه فإنه سريعاً ما ينسى الكلمات المؤلمة فالمثل يقول " اكتب انتقادك على الرمل أما المدح فاكتبه على الرخام " وكلمة الله تقول " لا تخرج كلمة رديئة من أفواهكم بل كل ما كان صالحاً للبنيان حسب الحاجة كلي يعطي نعمة للسامعين ، ولا تحزنوا روح الله القدوس الذي به ختنتم ليوم الفداء ليرفع من بينكم كل مرارة وسخط وغضب وصياح وتجديف أي افتراء وتشويه سمعة " مع كل خبث وكونوا لطفاء بعضكم نحو بعض شفقين متسامحين كما سامحكم الله أيضاً في المسيح أفسس 4: 29،30" .
هناك أربعة أمور نتفق عليها بخصوص الاختلاف بالرأي :-
1- الاختلاف في الرأي لا يمكن تجنبه .
2- حتى الاتقياء يختلفون في الرأي بعض الاحيان .
3- في كل اختلاف في الرأي هناك أمرين يقوم عليهم الاختلاف .
أ – نقطة الخلاف ب- وجهات النظر المختلفة
4-في كثير من الاختلافات في الرأي فإن كل جانب يكون رأيه صحيحاً :
فنرى في كلمة الله مثالاً واضحاً للتعليم بين اثنين من القادة الأتقياء الرسول بولس ورجل الله برنابا أخوين في العمل الروحي يصتدمان معاً يتجادلان بعنف حول موضوع يعتقد كل منهما أن رأيه هو الصحيح أما في وقتنا الحاضر يعتبرون الخلاف مساوي للتمرد والعصيان ، ولكن هذا ليس صحيحاً فالنعمة تسمح بقليل من التعارض ولكن الذي حدث بين بولس وبرنابا كان اختلاف شديد في الرأي تقول الآية " فحصل بينهم مشاجرة حتى فارق أحدهم الآخر " أعمال الرسل ( 15 : 39 ) مما أدى الى انفصالهما عن بعضهما البعض فكان ذلك في صالح الكنيسة فأصبحا فريقين ، فإن بعض الخلافات المخلصة في الرأي يبدأ منها خدمة جديدة لمجد الله كلمة الرب " الى كنيسة الله في كورنثوس المقدسي في المسيح يسوع المدعوين قديسين مع جميع الذين يدعون باسم ربنا يسوع المسيح في كل مكان لهم ولنا " ( ا كو : 2 ) .
فكان بالرغم من خلاف الاثنين برنابا وبولس لكن الاثنين على صواب في الرأي فكلهما مملؤين نعمة لكن لكل منهما رأي مستقل فالمسيح للاثنين واخيراً قد تغلبا على خلافهما وهذا كان يحتاج الى نعمة إلهيه وخضوع لكلمة الله الحية المقدسة أننا نحتاج أن نكون أناس يستطيعون الاختلاف في الرأي لكن تحت راية المحبة الالهية وان نسلك بالروح وليس بالجسد فنقول كلمة الرب " فإنه اذا فيكم حسد وخصام وانشقاق ألستم جسدين وتسلكون بحسب البشر ( ا كو 3: 3 ) لكن إذا اختلافنا في الرأي فهناك أربعة نقاط ترشدنا بحسب ما أمرنا به السيد المسيح " الذي إذا شتم لا يشتم عوضاً " فكيف نطبق هذا: -
أولاً : اترك دائماً مكاناً لوجهة النظر المعارضة .
ثانياً : إذا كان لا بد من الجدال لا تشوه الشخص الآخر.
ثالثاً : إذا هزمت بالمناقشة لا تتضايق.
رابعاً : في بعض الأحيان يكون الافتراق هو الحل الأمثل .
إن بولس وبرنابا هم أحسن مثال لذلك فإذا كان هناك خلافات في خدمة معينة داخل إطار الكنيسة وعدم الاتفاقات تفوق الاتفاقات عليك أن تفكر جدياً في الانسحاب من هذه الخدمة والتوجه إلى خدمة أخرى ربما تكون هذه هي طريقة الله في نقلك وليس الأشخاص فالخدمات داخل الكنيسة كثرة ومتعددة ومهما صغرت أو كبرت فكلها تمر قلب الله وتخدمه فلو اختلافنا بالرأي بطريقة كريمة ومهذبة فهذا جزء من ممارسة إيماننا فيعلمنا له المجد يسوع المسيح وحباً به ولكنيسته المجيدة التي ينتظرها بلا عيب ليفرح وأخيراً إخوتي وأخواتي المؤمنون الكرام برغم الخلاف نختلف نعم لكن نتعانق في المحبة كما تعانقت المحبة الإلهية مع العدل الإلهي على الصليب لخلاص البشر ، معلنة التحدي لكل الصراعات لبنيان كنيسة الله الحية المقدسة لبناء الملكوت بانتظار مجيئه .