امنا العذراء مريم واله الإله
اﻻﻣﻮﻣﺔ ﺍﻣﺘﻴﺎﺯ ﻛﻠﻪ ﺃﻟﻢ. ﻭﻗﺪ ﻧﺎﻟﺖ ﻣﺮﻳﻢ ﺍﻟﻌﺬﺭﺍﺀ
ﺍﻟﻨﺎﺻﺮﻳﺔ ﺇﻣﺘﻴﺎﺯﺍً ﻓﺮﻳﺪﺍً ﺑﺄﻣﻮﻣﺘﻬﺎ ﻻﺑﻦ ﺍﻟﻠﻪ. ﺇﻻ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺃﻡ
ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﺗﻌﻠﻢ ﺁﻻﻡ ﻭﺃﻓﺮﺍﺡ ﺃﻣﻮﻣﺔ ﺍﻟﻌﺬﺭﺍﺀ ﻣﺮﻳﻢ.
ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮﻳﻢ ﻭﺣﻴﺪﺓ ﻋﻨﺪ ﻣﻮﻟﺪ ﻳﺴﻮﻉ، ﻛﻤﺎ ﺷﺎﻫﺪ ﻣﻮﺗﻪ ﺃﻳﻀﺎً
. ﻭﻗﺪ ﺃﺑﺼﺮﺗﻪ ﺍﺑﻨﺎً ﺭﺿﻴﻌﺎً ﻟﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﺭﺃﺗﻪ ﻭﻫﻮ
ﻳﻤﻮﺕ ﻣﺨﻠﺼﺎً ﻟﻬﺎ.
ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻛﺘﺐ ﺃﻭ ﺫﻛﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻻﻧﺎﺟﻴﻞ ﻛﺎﻥ ﻣﺤﺪﺩﺍ
ﻓﻲ ﺣﺎﺩﺛﺔ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ ﻭﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﺛﻢ ﺍﻟﺼﻠﻴﺐ
ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﺼﻌﻮﺩ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ، ﻭﺗﻜﻠﻤﺖ ﻋﻨﻬﺎ ﻧﺒﻮﺍﺕ ﺍﻟﻌﻬﺪ
ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ، ﺍﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺬﺭﺍﺀ ﻣﺮﻳﻢ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻓﺮﻳﺪﺓ ﻣﺜﻴﺮﺓ
ﻟﻼﻫﺘﻤﺎﻡ ﺟﺪﺍ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻟﻢ ﻭﻟﻦ ﺗﺘﻜﺮﺭ ﺃﺑﺪﺍً ...! ﺗﻨﺒﺄ ﻋﻨﻬﺎ
ﺃﺷﻌﻴﺎﺀ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻗﺒﻞ ﻣﻴﻼﺩﻫﺎ ﺑﺂﻻﻑ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ ﻭ ﺗﻬﻴﺄﺕ
ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻹﺧﺒﺎﺭﻫﺎ ﺑﺄﻋﻈﻢ ﺧﺒﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭﻫﻮ ﻣﻴﻼﺩ
ﻳﺴﻮﻉ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﺍﻟﻤﺨﻠﺺ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﺑﺪﻭﻥ ﺯﺭﻉ ﺑﺸﺮ،
ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﺤﻤﻞ ﺧﻄﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﻳﺨﻠﺼﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﻼﻙ ... ﺍﻧﻬﺎ
ﺃﻣﻨﺎ ﻛﻠﻨﺎ ﻭﺳﻴﺪﺗﻨﺎ ﻛﻠﻨﺎ ﻭﻓﺨﺮ ﺟﻨﺴﻨﺎ ﺍﻟﻌﺬﺭﺍﺀ ﺩﺍﺋﻤﺔ
ﺍﻟﺒﺘﻮﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﻤﻠﻮﺀﺓ ﻧﻌﻤﺔ. ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﺗﺴﻴﺮ ﺑﺄﻓﻀﻞ
ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺘﻤﻨﺎﻩ ﺣﺘﻰ ﺟﺎﺀﺗﻬﺎ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﺟﺒﺮﺍﺋﻴﻞ ﻏﻴﺮ
ﺍﻟﻤﺘﻮﻗﻌﺔ . ﻓﻘﺪ ﺧُﻄﺒﺖ ﻣﺆﺧﺮﺍً ﺇﻟﻰ ﻧﺠﺎﺭ ﻳﺪﻋﻰ ﻳﻮﺳﻒ،
ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻨﺘﻈﺮ ﺃﻥ ﺗﺘﺰﻭﺟﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ . ﺇﻻ ﺃﻥ ﺣﻴﺎﺓ ﻣﺮﻳﻢ
ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﻭﺷﻚ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻭﺇﻟﻰ ﺍﻷﺑﺪ. " ﻭﻓﻲ ﺷﻬﺮﻫﺎ
ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﺃُﺭﺳِﻞَ ﺟﺒﺮﺍﺋﻴﻞ ﺍﻟﻤﻼﻙ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﻦ
ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ ﺍﺳﻤﻬﺎ ﻧﺎﺻﺮﺓ ﺍﻟﻰ ﻋﺬﺭﺍﺀ ﻣﺨﻄﻮﺑﺔ ﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ
ﺑﻴﺖ ﺩﺍﻭﺩ ﺍﺳﻤﻪ ﻳﻮﺳﻒ. ﻭﺍﺳﻢ ﺍﻟﻌﺬﺭﺍﺀ ﻣﺮﻳﻢ ."
(ﻟﻮ 27,26:1).
ﻋﺎﺩﺓ ﻻ ﻳﻘﻮﻡ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺑﺘﺪﺑﻴﺮ ﻣﻮﻋﺪ ﻣﻊ ﻣﻦ ﻳﺰﻭﺭﻭﻧﻪ
ﻗﺒﻞ ﺯﻳﺎﺭﺗﻪ . ﻭﻗﺪ ﻟﻘﻴﺖ ﻣﺮﻳﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻼﻙ ﺗﻬﻨﺌﺔ ﻛﻤﻦ
ﻓﺎﺯﺕ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ ﻟﻢ ﺗﺪﺧﻠﻬﺎ، ﻓﻮﺟﺪﺕ ﺗﺤﻴﺔ ﺍﻟﻤﻼﻙ
ﻣﺤﻴﺮﺓ ﻛﻤﺎ ﻭﺟﺪﺕ ﺣﻀﻮﺭﻩ ﻣﺮﻋﺒﺎً. ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﺳﻤﻌﺘﻪ ﺑﻌﺪ
ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﺧﻴﺮ ﺧﺒﺮ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻤﻨﻰ ﻛﻞ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ
ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﺃﻥ ﺗﺴﻤﻌﻪ، ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﺍﺑﻨﻬﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﺍﻟﻤﺨﻠﺺ
ﺍﻟﻤﻮﻋﻮﺩ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ . ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﺍﻟﻌﺬﺭﺍﺀ ﻣﺮﻳﻢ؟؟..
ﻟﻘﺪ ﺭﺃﺕ ﻧﻌﻤﺔ ﺍﻟﺮﺏ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﻧﺴﺎﻧﺔ ﺍﻟﻤﻨﻌﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ
ﻭﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻛﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻫﻲ ﺍﻻﻧﺎﺀ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ﻭﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ
ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﺤﻤﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﻟﻔﺮﻳﺪﺓ ... " ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻤﻼﻙ
ﻻ ﺗﺨﺎﻓﻲ ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ﻻﻧﻚ ﻗﺪ ﻭﺟﺪﺕ ﻧﻌﻤﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ ."
(ﻟﻮ 30:1 ) ... ﻭﻷﻧﻬﺎ ﻭﺟﺪﺕ ﻧﻌﻤﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ
ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺮﺏ ﻟﻬﺎ ﻫﻮ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻭﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻝ
ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻻﺟﺎﺑﺔ ﺗﺠﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﺳﻠﻮﻙ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﻧﺴﺎﻧﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ.
ﻓﻬﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻠﻘﺖ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ، ﻟﻢ ﺗﺸﻚ ﺍﺑﺪﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺃﻭ
ﺗﺮﺗَﺐْ ﻓﻴﻬﺎ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﺤﺮﻱ ﺳﺄﻟﺖ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﻢ
ﺍﻟﺤﻤﻞ، ﻓﺄﺧﺒﺮﻫﺎ ﺟﺒﺮﺍﺋﻴﻞ ﺃﻥ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻫﻮ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻌﻠﻲّ.
ﻓﻜﺎﻥ ﺭﺩﻫﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺮﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﻃﺎﻟﻤﺎ ﺍﻧﺘﻈﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﻤﺎﻋﻪ ﻣﻦ
ﺃﻧﺎﺱ ﺁﺧﺮﻳﻦ ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ ﻟﻜﻦ ﺑﻼ ﺟﺪﻭﻯ . ﺃﺟﺎﺑﺖ ﻣﺮﻳﻢ
ﺍﻟﻤﻼﻙ ﻗﺎﺋﻠﺔ: " ﻫﺎ ﺃﻧﺎ ﻋﺒﺪﺓ ﺍﻟﺮﺏ، ﻟﻴﻜﻦ ﻟﻲ ﻛﻤﺎ ﺗﻘﻮﻝ ."
(ﻟﻮ :1 38) . ﻓﻠﻘﺪ ﺗﺠﻤﻠﺖ ﺑﺎﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻫﻠﺘﻬﺎ
ﻟﺬﻟﻚ ﻭﻻﺷﻚ ﺍﻥ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﺨﻀﻮﻉ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺍﻫﻢ ﺗﻠﻚ
ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ. ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻭﺫﻟﻚ ﺍﻟﺨﻀﻮﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗﺘﺤﻤﻞ
ﻛﻞ ﻇﺮﻭﻑ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﺑﺘﺴﻠﻴﻢ ﻭﻭﺩﺍﻋﺔ.
ﻓﻨﺮﺍﻫﺎ ﻓﻲ ﺻﻐﺮﻫﺎ ﺗﺘﺤﻤﻞ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻴﺘﻢ ﻭﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﻭﺍﻟﻔﻘﺮ
..
ﻭﺑﻌﺪﻫﺎ ﺍﺣﺘﻤﻠﺖ ﺍﻟﻤﺠﺪ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺣﺎﻁ ﺑﻬﺎ، ﻓﺤﻴﻨﻤﺎ
ﺍﺧﺘﺎﺭﻫﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺩﻋﺎﻫﺎ ﻟﻢ ﺗﺘﻜﺒﺮ ﺑﻞ ﻗﺎﻟﺖ " ﻫﻮﺫﺍ ﺃﻧﺎ ﺃﻣّﺔ
ﺍﻟﺮﺏ " ، ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ ﺑﺬﻟﻚ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﻭﻣﺠﺪ ﺍﻟﺘﺠﺴﺪ ﺍﻹﻟﻬﻰ ﻣﻨﻬﺎ
ﻭﺣﻠﻮﻝ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺍﻟﻘﺪﺱ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻣﻴﻼﺩ ﺍﻟﺮﺏ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻣﺠﺪ
ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻄﻮﺑﻬﺎ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﺘﻌﺒﻬﺎ ﺃﻓﻜﺎﺭ
ﺍﻟﻌﻈﻤﺔ ... ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻭﻟﺪﺕ ﺍﺑﻨﻬﺎ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺗﺤﻤﻠﺖ ﻛﻞ
ﺗﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻣﻮﺭ، ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻬﺎ ﻣﻮﺿﻊ ﻓﻲ
ﺍﻟﺒﻴﺖ، ﺃﺿﺠﻌﺘﻪ ﻓﻲ ﻣﺬﻭﺩ (ﻟﻮ :2 7) ، ﻭﺍﺣﺘﻤﻠﺖ ﺍﻟﺴﻔﺮ
ﺍﻟﺸﺎﻕ ﺇﻟﻰ ﻣﺼﺮ ﺫﻫﺎﺑًﺎ ﻭﺇﻳﺎﺑًﺎ ﻟﻠﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺍﺣﺘﻤﻠﺖ
ﻃﺮﺩﻫﻢ ﻟﻬﺎ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﺧﺮﻯ، ﻭﺍﺣﺘﻤﻠﺖ
ﺍﻟﻐﺮﺑﺔ ... ﻭﺑﻌﺪﻫﺎ ﻭﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﻧﻬﺎ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺑُﺸِﺮَﺕْ ﺑﺨﺒﺮ
ﺣﻤﻠﻬﺎ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻼﻙ، ﻭﻫﻲ ﻣﻦ ﺇِﻣﺘُﺪِﺣَﺖْ ﻣﻦ ﻓﻢ
ﺍﻟﻌﻠﻲ ﻭﺃُﺧﺘِﻴَﺮﺕْ ﻟﻠﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻳﺔ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﺔ، ﻭﻫﻲ
ﻣﻦ ﺣﻤﻠﺖ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﺗﺴﻌﺔ ﺃﺷﻬﺮ ﻓﻲ ﺑﻄﻨﻬﺎ، ﻣﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ
ﺍﻧﻬﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺴﺌﻮﻟﺔ ﻋﻨﻪ ﺗﻤﺎﻣﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻤﻞ ﻭﺍﻟﺮﺿﺎﻋﺔ
ﻭﺍﻟﺘﻨﺸﺌﺔ ﻭﻛﺎﻥ ﺑﺎﻷﻭﻟﻰ ﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻔﻌﻞ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﻓﻲ
ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﺮﺿﻴﻊ ﺍﻟﻤُﺨَﻠِّﺺ " ﻓﻬﻲ ﺃﻡ ﺍﻟﻤُﺨَﻠِّﺺ " ﻓﻤﻦ
ﻳﺸﺎﺑﻬﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﻔﺎﺋﻖ ﻻﺩﺭﺍﻛﻨﺎ؟!! ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ
ﻧﺮﺍﻫﺎ ﺗﺘﺠﺎﻭﺏ ﻣﻊ ﺍﻻﻣﻮﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻛُﻠِّﻒَ ﺑﻬﺎ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﻳﻮﺳﻒ
ﺑﺎﺭﺷﺎﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﺧﺘﺼﺎﺻﻪ ﺑﻜﻞ ﺍﻳﺠﺎﺑﻴﺔ
ﻭﺧﻀﻮﻉ، ﺍﺣﺘﺮﺍﻣﺎً ﻟﺮﺟﻠﻬﺎ ﻭﻷﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻫﻮ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ
ﻭﻣﻮﺟﻪ ﻛﻞ ﺍﻟﺠﺴﺪ، ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺠﺎﺩﻝ ﻭﺗﻨﺎﻗﺶ
ﻭﺗﻌﺪﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻄﺔ ... ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻤﺘﻨﻊ ﺃﻭ
ﺗﻤﺴﻚ ﻫﻲ ﺍﻟﺪﻓﺔ ﻭﻟﻬﺎ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻬﻲ ﻣﻦ ﻛَﻠَّﻤﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺮﺍً
ﻭﺃﻋﻠﻦ ﻟﻬﺎ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻋﻼﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﻛﻠﻔﻬﺎ ﺑﺄﻋﻈﻢ
ﺗﻜﻠﻴﻒ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ، ﻛﺎﻥ ﻣﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺴﺄﻟﻪ ﺃﻳﻦ ﻧﺤﻦ
ﺫﺍﻫﺒﻮﻥ؟ ﻭﺃﻥ ﺗﻘﻮﻝ ﺭﺃﻳﻬﺎ ﻭﺗﺠﺎﺩﻝ . ﻟﻜﻦ ﻣُﺤَﺼِّﻠَﺔ ﺍﻷﻣﺮ
ﻛﻠﻪ ﻫﻲ ﺧﻀﻮﻉ ﺑﻼ ﺣﺪﻭﺩ.
ﻭﺑﻌﺪﻫﺎ ... ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻳﺎﻡ ﻣﻦ ﻭﻻﺩﺓ ﻳﺴﻮﻉ ﺃُﺧﺬ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻬﻴﻜﻞ
ﻟﻴُﻜﺮّﺱ ﻟﻠﻪ. ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺍﻟﺘﻘﻰ ﻳﻮﺳﻒ ﻭﻣﺮﻳﻢ ﺑﻨﺒﻴﻴﻦ ﻫﻤﺎ
ﺳﻤﻌﺎﻥ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭﺣﻨﺔ ﺍﻟﻨﺒﻴﺔ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﻋﺮﻓﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻫﻮ
ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﺍﻟﻤﻨﺘﻈﺮ، ﻭﺳﺒﺤﺎ ﺍﻟﻠﻪ. ﻭﺃﺿﺎﻑ ﺳﻤﻌﺎﻥ ﺑﻀﻊ
ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﻳﻢ ﻻﺑﺪ ﺃﻧﻬﺎ ﺍﺳﺘﺮﺟﻌﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺫﻫﻨﻬﺎ ﻋﺪﺓ
ﻣﺮﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: "ﺣﺘﻰ ﺃﻧﺖ ﺳﻴﺨﺘﺮﻕ ﻧﻔﺴَﻚ
ﺳﻴﻒٌ ." (ﻟﻮ :2 35) . ﻭﻟﻌﻞ ﺭﺅﻳﺘﻬﺎ ﻻﺑﻨﻬﺎ ﻣﺮﻓﻮﺿﺎً
ﻭﻣﺼﻠﻮﺑﺎً ﺑﺄﻳﺪﻱ ﻣﻦ ﺟﺎﺀ ﻳﺨﻠﺼﻬﻢ، ﻳﺸﻜﻞ ﻗﺴﻤﺎً ﻛﺒﻴﺮﺍً
ﻣﻦ ﺍﻣﺘﻴﺎﺯ ﺍﻷﻟﻢ ﻷﻣﻮﻣﺘﻬﺎ. ﻓﺤﺘﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻠﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﻗﻤﺔ
ﺍﻟﺠﻠﺠﺜﺔ، ﺗﺠﻠﺖ ﻗﻤﺔ ﺧﻀﻮﻋﻬﺎ ﻭﺗﺤﻤﻠﻬﺎ، ﻓﻨﺮﺍﻫﺎ ﺗﺮﺍﻗﺐ
ﺍﺑﻨﻬﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﻤﻠﺘﻪ ﺗﺴﻌﺔ ﺷﻬﻮﺭ ﻭﺍﺭﺿﻌﺘﻪ ﻭﺗﺤﻤﻠﺖ
ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﺧﺪﻣﺘﻪ ﺟﺴﺪﻳﺎً ﻭ ﺗﺮﺑﻮﻳﺎً ﺣﺘﻰ ﻛﺒﺮ ﻭﻫﻮ ﻳُﺬﻝ
ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺼﻠﻴﺐ ﺍﻟﺮﻫﻴﺐ، ﺳﺎﻗﻄﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﻣُﻬﺎﻧﺎً
ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ، ﻫﺆﻻﺀ ﻣﻦ ﺷﻔﻲ ﻣﺮﺿﺎﻫﻢ ﻭﺃﻗﺎﻡ ﻣﻮﺗﺎﻫﻢ
ﻭﺷﺎﺭﻛﻬﻢ ﺃﻓﺮﺍﺣﻬﻢ ﻭﺃﺣﺰﺍﻧﻬﻢ ﻭﺣﻮﻝ ﻣﺤﻨﻬﻢ ﺍﻟﻲ ﺃﻓﺮﺍﺡ!
ﺗﺮﺍﻗﺐ ﺍﻟﻤﺨﻠﺺ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺸﺮﻫﺎ ﺑﻪ ﺍﻟﻤﻼﻙ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﻴﻦ ﻃﻮﻳﻠﺔ
ﻳُﺼﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺻﻠﻴﺐ ﺧﻄﻴﺔ ﺍﻻﻧﺴﺎﻥ؟ ﻧﻌﻢ ﺳﻴﻒ، ﻭﺃﻱ
ﺳﻴﻒ ﻳﺨﺘﺮﻕ ﻧﻔﺲ ﺍﻷﻡ، ﺍﻧﻪ ﺳﻴﻒ ﻣﻦ ﻧﺎﺭ ﻳﺠﻮﺯ ﻗﻠﺒﻬﺎ ﻭ
ﻳﺤﺮﻗﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﺑﻨﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﺗﺘﺬﻛﺮ ﺣﻤﻠﻬﺎ ﺑﻪ ﻭﻭﻻﺩﺗﻬﺎ ﻟﻪ
ﻭﺫﻫﺎﺑﻬﺎ ﺑﻪ ﻟﻠﻬﻴﻜﻞ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺧﺘﺎﻧﻪ ﻭﺭﺣﻠﺔ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﺘﻲ
ﺃﺷَﻌَّﺖ ﺑﺎﻟﺤﺐ ﻟﻜﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ... ﻫﺎ ﻫﻮ ﺃﻣﺎﻡ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ ﻳُﻬﺎﻥ
ﻋﻠﻰ ﺻﻠﻴﺐ ﺍﻟﻌﺎﺭ ... ﺃﻣﺎ ﻫﻲ ﻓﻠﻢ ﺗﻨﻄﻖ ﺑﻜﻠﻤﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ.
ﺣﻤﻠﺖ ﺁﻻﻣﻬﺎ ﻛﺄﻡ ﻭﺁﻻﻣﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺃﺗﻬﺎ ﺑﺮﻭﺣﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻴﻮﻥ
ﺍﻵﺏ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺑﻦ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍً ﻣﻨﺬ
ﺍﻟﺒﺪﺀ ﻭﻫﻮ ﻳﻬﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺴﺎﻗﻂ ﺣﺎﻣﻼً ﺧﻄﺎﻳﺎ
ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻟﻴﺘﻤﺘﻊ ﺍﻟﻜﻞ ﺑﺎﻟﻔﺪﺍﺀ ﺍﻟﻤﺠﺎﻧﻲ . ﺃﻣﺮ ﺃﺧﺒﺮﺕ ﻋﻨﻪ
ﻭﺃﺣﺴﺖ ﺑﻪ ﻣﻨﺬ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺣﻠﺔ ... ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻠﻬﺎ ﺑﺬﻝ ﻭﺣﺐ ﻭﺧﻀﻮﻉ ﻓﺎﻥ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ " ﺧﻀﻮﻉ
ﺍﻟﻌﺬﺭﺍﺀ ﻣﺮﻳﻢ " ﻋﻠﻰ ﻣﺪﺍﺭ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺣﻘﺎً ﻣﺪﺭﺳﺔ
ﺍﻟﺨﻀﻮﻉ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺐ ﺃﻥ ﻳﺮﺍﻩ ﺍﻟﺮﺏ ﻓﻴﻨﺎ. ﺫﻟﻚ
ﺍﻟﺨﻀﻮﻉ ﻭﺗﻠﻚ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺩﺕ ﺍﻟﻰ ﺧﻼﺻﻨﺎ ﻭﺍﻟﺘﻲ
ﺃَﻋﺎﺩﺕ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺸﺮﻛﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻗُﻄِﻌَﺖ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻵﺏ ﺑﺴﺒﺐ
ﻋﺼﻴﺎﻥ ﻭﺳﻘﻮﻁ ﺍﺩﻡ ﻭﺣﻮﺍﺀ.
ﺍﺿﺎﻓﺔ ﺍﻟﻰ ﺧﻀﻮﻋﻬﺎ ﻭﻣﻴﺰﺍﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺍﺧﺮﻯ ﻣﺜﻞ،
ﻗﺪﺍﺳﺘﻬﺎ، ﻭﻋﻔﺘﻬﺎ ﻭﺑﺘﻮﻟﻴﺘﻬﺎ، ﻭﺧﺪﻣﺘﻬﺎ ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ، ﻓﻘﺪ
ﻇﻬﺮ ﻣﻦ ﺗﺮﻧﻴﻤﺔ ﺍﻟﻔﺮﺡ ﺍﻟﺘﻲ ﺷﺪﺕ ﺑﻬﺎ ﻷﻟﻴﺼﺎﺑﺎﺕ، ﻣﺪﻯ
ﻣﻌﺮﻓﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﺑﻜﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻞ ﺃﻓﻜﺎﺭﻫﺎ
ﻣﻤﻠﻮﺀﺓ ﺑﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ .
ﻭﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺘﺨﻴﻞ ﺃﻧﻪ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻋﺮﻓﺖ ﻣﺮﻳﻢ ﺍﻟﻌﺬﺭﺍﺀ ﻛﻞ
ﻣﺎ ﺳﺘﻌﺎﻧﻴﻪ ﻛﺄﻡٍ ﻟﻴﺴﻮﻉ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺘﺒﺪﻱ ﻧﻔﺲ
ﺍﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ. ﻓﻬﻞ ﺃﻧﺖ ﻣﺴﺘﻌﺪ ﻟﻴﺴﺘﺨﺪﻣﻚ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﻤﺎ
ﺍﺳﺘﺨﺪﻡ الله امنا العذراء مريم ?
خادم الرب عادل