القدسات تعطى للقديسين 1
للقديس يوحنا ذهبي الفم
لماذا كانت الحاجة إلى ذبائح كثيرة، طالما أن ذبيحة واحدة كانت كافية؟ أنه يُظهر من خلال الذبائح الكثيرة وتقديمها المستمر أن هؤلاء لم يتطهروا أبداً. لأنه تماماً مثل الدواء عندما يكون قوياً وقادراً على إسترداد صحة المريض فإنه يستطيع أن يقضي على المرض كلية ويتمم الشفاء الكامل إذا أستخدم مرة واحدة، وبذلك يكون قد حقق النتيجة المرجوة وأظهر فاعليته، وبذلك لا يكون هناك حاجة لتناوله مرة أخرى. أما إذا اُستخدم بإستمرار، فإن هذا يُعد دليل على ضعفه في أن يمنح الشفاء، لأن سمة الدواء أن يُستخدم مرة واحدة وليس مرات عديدة، هكذا هنا أيضاً فيما يتعلق بالذبيحة.
لأنه إذا كانا قد تخلصوا بالفعل من كل الخطايا بالذبائح، ما كانوا يقدموها كل يوم. كذلك كان هناك بعض الذبائح التي كانت تُقدم كل يوم عن كل الشعب، في المساء، وفي الصباح، إذاً فما كان يحدث هو بمثابة إعتراف بوجود الخطايا وليس بمحوها، كان إعترافاً بالضعفن وليس دليل قوة. لأن الذبيحة الأولى لم يكن لها حقيقة أي قوة، ولهذا قُدمت الذبيحة الثانية (أي ذبيحة المسيح)، ولأن الذبيحة الأولى لم تنفع مطلقاً فقد تبعتها ذبيحة أخرى، إلا أن كثرة هذه الذبائح كان يُعد دليلاً على وجود الخطايا، بينما تقدمتها بشكل مستمر كان دليل ضعفها.
أما بالنسبة للمسيح فقد حدث العكس، فهو قد ذُبح مرة واحدة، وذبيحته ذات فاعلية دائمة إلى الأبد، وبالصواب قال إن تلك الذبائح ظلال. إذن الذي كان لديهم هو المثال فقط، وهذه الذبائح لم يكن لها قوة، تماماً كما هو الوضع بالنسبة للأيقونات، فإن الأيقونة تحمل المثال للإنسان، لكنها لا تحمل قوة الأصل. وهكذا فإن الحقيقة والمثال يجمع بينهما عناصر مشتركة، لأن المثال يشبه الحقيقي لكنه لا يحمل قوته.