سؤال:
قرأت أيضًا في بعض الكتب، أن عملية الصلب لا تعنى العقوبة، إنما الحب،
وأنه لم تقع عقوبة على الإبن، ولا الإبن عاقب نفسه،
ولا نحن علينا عقاب في الحقيقة، بل فزنا بالبراءة.
فما رأيكم في هذه العبارات؟
الإجابة:
نحن لم نفز بالبراءة إطلاقا، بل الصليب دليل على أننا مذنبون ونستحق العقوبة.
وهناك من حملها عنا.
فلو كانت هناك براءة ما كانت هناك عقوبة يحملها المصلوب عنا.
وبالتالي ما كان هناك صلب، وفداء.
والدليل على عدم البراءة، قول الكتاب "كلنا كغنم ضللنا، والرب وضع عليه إثم
جميعنا" (أش 53: 6).
فمادام هناك ضلال وإثم لجميعنا، لا تكون هناك براءة.
ذلك يقول الكتاب "أننا ونحن بعد خطاة، مات لأجلنا" (رو 5: 8).
ويقول الرسول أيضًا " كنتم أمواتا بالذنوب والخطايا " (أف 2: 1).
ويقول الرسول أيضًا "كنتم أمواتا بالذنوب والخطايا" (أف 2:1)
" نحن أموات بالخطايا،
أحيانا مع المسيح" (أف 2: 5)
و هاتان الآتيان تعنيان أمرين: أحدهما أننا خطاة، والآخر أننا أموات بسبب خطايانا،
أي تحت حكم الموت بسبب الخطية. إذن فلسنا أبرياء.
مادمنا لسنا أبرياء، بل خطاة وتحت حكم الموت.
و مادامت أجرة الخطية موت (رو 6: 23).
إذن الموت عقوبة. فمن ينجينا من هذه العقوبة إلا الذي يحملها عنا.
فالذي ينكر عقوبة الموت الواقعة على الإنسان بسبب
خطاياه، وينكر معها أن السيد المسيح حمل هذه العقوبة، إنما ينكر أهم
مبادئ المسيحية في الفداء والكفارة وبالتالي ينكر عمل التجسد
الإلهي.
و المعروف أن الابن قد تجسد ليكون كفارة عن خطايانا.
و
هذا واضح من قول القديس يوحنا الحبيب " في هذا هي المحبة: ليس أننا
نحن أحببنا الله. بل هو أحبنا وأرسل ابنه كفارة عن خطايانا "
(1يو 4: 10).
وقوله أيضًا " إن أخطأ أحد، فلنا شفيع عند الله الآب، يسوع
المسيح البار. هو كفارة لخطايانا، ليس لخطايانا كل العالم أجمع" (1يو
2: 12) ونجد في كل هذه النصوص ارتباط كلمة كفارة، بكلمة خطايانا.
إذن ليست هناك براءة للإنسان، إنما هناك خطايا، عفو عنها، عن طريق الكفارة
التي قام بها المسيح بموته عنا من أجل محبته لنا.
وهكذا قال الرسول أيضًا "متبررين بنعمته، بالفداء الذي بيسوع المسيح،
الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه، لإظهار بره من أجل الصفح عن
الخطايا السالفة " (رو 3: 14، 15).
ويفهم من هذا إن عبارة متبررين بدمه تحمل الصفح عن الخطايا السالفة
وليس البراءة من الخطايا السالفة.
و كل ذلك كان بالكفارة، بالفداء بالدم الكريم.
و
موت المسيح بسفك دمه على الصليب، كان عوضا عن موتنا نحن. وموتنا كان
العقوبة التي يفرضها العدل الإلهي عن خطايانا. وقد وقعت هذه العقوبة
على المسيح حينما وضع عليه إثم جميعنا.
عبارة "لا عاقب الله ابنه" (المقصود بها التخلص من كلمة (العقوبة)
جملة ونحن نستبدلها عبارة "عاقبنا الله في ابنه" أو ترك ابنه يحتمل
العقوبة نيابة عنا.." "وسر أن يسحقه بالحزن" (أش 53: 1). عبارة "ولا
الابن عاقب نفسه" محاولة أخرى للتخلص ن كل (العقوبة) فالابن قد تحمل
العقوبة بإرادته، إذ بذل ذاته عنا. وقال في ذلك " لأني أضع نفسي
لآخذها. ليس أحد يأخذها منى، بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطان أن
أضعها. ولى سلطان أن أخذها أيضًا" (يو 10: 17، 18).
إذن في حمل العقوبة عنا، لا نقول إن الابن عاقب نفسه،
إنما نقول إنه بذل نفسه، بإرادته، ليحمل العقوبة عنا
وفى كل ذلك العقوبة موجودة ولازمة، ونقضيها العدل الإلهي. الذي قال
للإنسان "موتا تموت" (تك 2: 17). وعلى رأى القديس أثناسيوس
الرسولي في كتابة (تجسد الكلمة) " إن لم يمت الإنسان لا يكون صادقا
ولا عادلًا".
العدل إذن كاد يقتضى العقوبة.
ومن محبة الله لنا،حمل هذه العقوبة عنا.
إذن المسيح في موته، كان ذبيحة حب، وكان ذبيحة للعدل ورفع العقوبة.
كان حامل خطاها، وكان كفارة عن جميع الشر.
و الذين يركزون على المحبة دون العدل، وعلى المغفرة دون ذكر للخطايا،
إنما ينسون أن هذه المحبة قد ظهرت في الكفارة والفداء، كما قال الرسول
"إن الله بين محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا" (رو
5: 8).
و عبارة مات لأجلنا تعنى استيفاء العدل الإلهي.
هذا
العدل الذي كنا مطالبين به. فدفعه هو عنا. كما قال الرب عن المديونين "وإذ
لم يكن لهما ما يوفيان سامحهما جميعًا" (لو 7: 42).. وكيف سامحهما؟
بأن دفع إلينا نيابة عنهما وكيف دفع الدين؟ بموته على الصليب.
المرجع: كتاب سنوات مع أسئلة الناس، جزء 8 - أنبا شنوده الثالث