"انظروا إلى نهاية سيرتهم؛ فتمثلوا بإيمانهم"
(عب7:13)
القديس يوأنس القصير | الأنبا يحنس القصير | يؤنس
(339-405 م.)
← اللغة القبطية: abba Iwannhc pikoloboc،
اليونانية: Ιωάννης Κολοβός،
الإنجليزية: Saint John the Dwarf
, Saint John Colobus, Saint John Kolobos.
الأنبا يوحنا القصير أو الأنبا يوأنس القصير أو الأنبا يحنس القصير أو يحنس القزم،
القس ببرية شيهيت.
هو بخلاف أنبا يوأنس قمص شيهيت الذي من القرن السابع،
وأيضًا خلاف يحنس كاما الذي من القرن التاسع.
القديس يحنس القصير هو الأخ الروحي للقديس أنبا بيشوي،
وقد تتلمذ كلاهما على يدي القديس الأنبا بموا القمص بشيهيت.
تكشف لنا سيرة هذا العظيم بين آباء البرية بوضوح عن الخط الروحي لحياة الراهب
الذي يترك العالم لا كرهًا فيه بل عشقًا في الله.
فقد انسحب قلب أبينا إلى السماويات وانشغل بالإلهيات.
وفي هذا كله لم يكف عن العمل اليدوي لكي يقدم بالحب ما أمكنه للأخوة المحتاجين.
ومع سموّه الروحي الفائق كان متواضعًا ومطيعًا.
هكذا ارتبط قلبه بالله واهب الحب والتواضع والطاعة.
دعوة سماوية:
وُلد هذا القديس سنة 339 م. ببلدة طيبة بالصعيد من عائلة فقيرة،
وكان أبواه تقيين جدًا وكان له أخ أكبر، صار فيما بعد راهبًا فاضلًا أيضًا.
شعر يوحنا بالدعوة السماوية وهو في الثامنة عشر من عمره،
فقام لفوره وذهب إلى القديس بموا، ورجا منه أن يتخذه تلميذًا له.
وإذ رأى الأنبا بموا حداثة سنّه طلب منه التريّث لعلّه لا يحتمل الجهاد وشقاء الحياة النسكية،
ولكن يوأنس أجابه أنه على استعداد لطاعة معلمه في كل ما يأمره به.
صلى الأنبا بموا وصام ثلاثة أيام قبل أن يقبله، وبعد هذه الأيام الثلاثة ظهر له ملاك الرب
وقال له:
"نِعْم ما فعلت بقبولك الشاب يوأنس تلميذًا، لأنه سيكون أبًا لجماعة كثيرة، وسيخلص كثيرون بسببه".
فرح الأنبا بموا بهذه الإشارة الإلهية فرحًا عظيمًا ثم صلى وصام ثلاثة أيام أخرى
ثم ألبس يوأنس الإسكيم، وكان ذلك في عام 357 م.
جهاده الروحي:
درب نفسه أن يمسك لسانه وبطنه وقلبه من أجل محبته لله. كان ينقطع عن الطعام أحيانًا لمدة أسبوع،
وإذا أكل لا يملأ معدته بالخبز.
ارتبط صومه بصلواته،
فكان دائم الصلاة في مغارة تحت الأرض.
كان مشغولًا على الدوام بالتأمل في الله،
فلم يكن يفكر في أمرٍ ما في العالم.
ففي يوم جاءه الجَمَّال ليحمل عمل يديه ويبيعه،
فلما دخل ليحضر السلال كان مشغولًا بالتفكير حتى نسي الجمّال.
قرع الجمّال الباب وتكرر الأمر، واضطر في المرة الثالثة أن يدخل قلايته وهو يكرر:
"السلال للجمّال، السلال للجمّال"
حتى لا ينشغل بالتأمل عن الجمَّال.
مرة أخرى حدث هذا أيضًا مع أحد الإخوة.
إذ قرع الأخ بابه للمرة الثالثة يطلب السلال،
أمسك بيد الأخ وأدخله قلايته وقال له:
"خذ ما تريد وأمضِ، فإني مشغول الآن وغير متفرغ لك".
طاعته:
عاش يوأنس أخًا بالروح للأنبا بيشوي كوكب البرية،
وكان يوأنس مطيعًا لمعلمه طاعة تامة يؤدي كل ما يأمره به في رضا وسكون.
وقد أراد معلمه ذات يوم أن يمتحنه، فأعطاه عودًا يابسًا وقال له:
"يا يوأنس ازرع هذه الشجرة"،
فأخذها منه وزرعها على الفور وظل يسقيها ثلاث سنين.
أزهر بعدها هذا العود اليابس، وتحول إلى شجرة باسقة مثمرة.
وامتلأ بموا فرحًا بهذه الشجرة، وكان يقطف من ثمرها ويقدمه للإخوة قائلًا:
"ذوقوا وانظروا ما أشهى ثمرة الطاعة".
وقد قضى يوأنس في خدمة معلمه اثنتي عشرة سنة،
ولما حانت ساعة انتقال المعلم جمع الإخوة وأمسك بيدي يوأنس وقال لهم:
"تمسكوا بهذا الأخ فإنه ملاك في جسم إنسان"،
ثم التفت إلى يوأنس وقال: "عِش في المكان الذي غرست فيه شجرة الطاعة".
ظلت تلك الشجرة قائمة بمنطقة دير الأنبا يحنس القمص ببرية شيهيت حتى وقت قريب،
قيل أنها كانت موجودة إلى حوالي عام 1921 أو بعد ذلك.
حدث أنه كان يسكن أحد المقابر ضبعة ضارية.
فسأله الأنبا بموا أن يمضي ويأتي بها، قائلًا له:
"إن أقبلتْ نحوك أربطها وقدها إلى هنا".
مضى الأنبا يوحنا القصير، وكان الوقت مساءً، فلما أقبلت نحوه الضبعة
تقدم إليها فهربت منه. سار خلفها قائلًا:
"إن معلمي طلب مني أن أمسكك وأربطك".
فوقفت، وأمسك بها وربطها وأقبل بها إلى الشيخ، فتعجب الأنبا بموا.
وإذ خشي عليه من الكبرياء قال له:
"لقد طلبت منك أن تحضر لي ضبعة، فمضيت واحضرت كلبًا"،
وللحال أطلقها.