حدث مرةً لأخٍ أن آذاه اللصوصُ، فجَبُنَ جداً، وبمعونةِ اللهِ خلص منهم،
فأخبر الشيخ عن انزعاجِه وسأله أن يصليَ عليه، فقال الشيخ:
«يا ولدي، إن اللهَ لا يتركنا إن لم نتباعد عنه نحن، لأنه يقول:
لا أتركك، لا أهملك.
ولكن قلةَ إيماننِا هي التي تجعلنا نَجْبُن ونخاف من اللصوصِ الذين حضروا إليك،
حتى ولو كانوا أكثرَ من مركباتِ فرعون وجنودِه،
وقد علمتَ أنهم بكلمةِ اللهِ وعزتهِ قد غرقوا في البحرِ،
ألا تذكر المكتوبَ عن الذين جاءوا لأخذ أليشع كيف أصابهم العمى،
والكتاب القائل:
الربُّ يحفظك من كلِّ سوءٍ، الربُّ يحفظُ نفسَك،
الربُّ يحفظُ دخولَك وخروجَك.
وكيف ننسى القائل:
إن عصفوراً لا يسقطُ على الأرضِ بدون إذنِ أبيكم السماوي،
وإنكم أفضل من عصافير كثيرةٍ. والجُبن هو وليد قلة الإيمان،
وهو منتهى قلة الرجاءِ، وهو يرخي القلبَ ويجتذب الناسَ من اللهِ إلى بلدةِ الهلاكِ.
فلنفر منه يا ولدي، ولنُنَبِّه يسوعَ ربَّنا النائمَ فينا قائلين:
يا عظيمُنا خلِّصنا، وهو ينتهر الريحَ ويُسكِّن الأمواجَ.
لنترك الآن القصبةَ المرضوضةَ ونلتمس عصا الصليبِ التي شقَّت البحرَ
وأغرقت فرعون الفعلي، ونتكل ملقين أنفسَنا على الذي صُلب من أجلِنا،
لأنه يعرفُ كيف يرعانا نحن غنمَه ويطرد عنا الذئابَ الرديئةَ. يا ولدي،
إني لمتعجبٌ منك كيف تفزع من العبيدِ الوقوفِ خارجاً،
ولا تفكر في السادةِ الذين هم من داخل،
لأن اللصوصَ المحسوسين هم عبيدُ الشياطين اللصوصِ الفعليين،
فينبغي لك أن تعرفَ بالنعمةِ أن اللصوصَ أتوْك ولكن المسيحَ لم يتركك،
فأسرع أنت في طلبهِ، واسأله أن يعينك لأنه مكتوبٌ: الربُّ قريبٌ من الذين يدعونه،
والذين يرغبون إليه بالاستقامةِ، وهو يصنعُ مشيئةَ خائفيه ويسمع طلباتهم ويخلصهم.
فاقترن بسيدِك ملتصقاً به وهو يطردُ عنك كلَّ الأردياء، ويُبطِلُ قوَّتَهم»