مقومات التربية المسيحية
علينا كمربين - أهلاً وأمهات - أن نسعى لنغرس في أولادنا الفضائل بعيداً عن الأهواء والرذائل.
ولنأخذ لنا مثلاً هذه القصة الرهبانية كإضاء لنوع التربية التي نحن بصدد الحديث عنها:
(طلب ناسك متميز بقداسته وسيرته وإنسانيته من أحد تلامذته أمراً ليختبر طاعته
أولاً وثانياً ليقدم له أمثولة من خلاله فقال له:
"اقتلع هذه الشجرة التي تراها أمامك من الأرض المغروسة فيها"
وكانت الشجرة شجرة نخيل ضربت جذورها عميقاً بالأرض.
فعمل التلميذ بطاعةٍ محاولاً بكل قوته تحريك الشجرة, لكنه لم يستطع البتة.
فنادى شيخه قائلاً:
"إن ما أعطيتني إياه لأعمله مستحيل للغاية"
عندئذٍ أشار عليه الشيخ بشجرة أخرى غضة, فاقتلعها التلميذ بسهولة).
لقد استطاع التلميذ أن ينتزع الشجرة الغضة من الأرض دون جهدٍ أو عناء يذكر,
على عكس ما حصل معه مع الشجرة التي ضربت جذورها في الأرض لكبر عمرها،
حتى أنه لم يستطع تحريكها قيد أنملة.
ترتبط هذه القصة الرائعة بمفهوم التربية الذي نتحدث عنه.
فالشجرة التي استمرت تضرب جذورها سنيناً في الأرض.
هي أشبه بالطفل الذي كبر وتنامى، وتتأصل عاداته وأسلوب حياته في نفسه وشبكة علاقاته,
وصار يصعب تغييرها.
ولهذا فإذا غرسنا في هذه النفس قيم التربية الصالحة، ونمينا فيها عادات وتقاليد يرضى الله عنها،
وتدخل الرضى والسرور علينا، كأهل تأكدنا من أن أحداً لن يستطيع أن ينزع منه ما وصل إليه
من تربيته الصالحة، وسيبقى إنساناً يحمل المثل الأعلى دائماً.
وعلى العكس من ذلك فإن الإنسان الذي قامت حياته على العادات السيئة والأهواء،
فإنه يصعب تغييرها أيضاً، لأنها تأصلت في نفسه، فشكلت شخصه على مثال لاسوء،
فصار من الصعب تغييرها. لذا علينا الاهتمام بغرس الفضائل حتى تبقى دائماً،
أما الشجرة الغضة في القصة السالفة فهي رمزت إلى نفسٍ لازالت قابلة بأن نغرس فيها الفضائل،
ومازال هناك إمكان قلعها, أي أن نقلع منها الرذائل.
فما علينا إلا الانتباه واليقظة الدائمين لكي لا يتلقى الابن من خلال إهمال تربيته ما ليس مفيداً له.
مستبدلين إياه بمعطياتٍ مفيدة, ويجب ان يبقى هذا مقروناً بالقاعدة المثلى،
أنه حين يقوم بمساعدته يجب ان نلتزم بطريق الحوار والحرية.
وعن طريقهما نعمق طريق حياته بكل ما هو صالح ومرضٍ للرب.