القدّيس ثيودوروسالطرسوسيّ رئيس أساقفة كانتربري، موّحد الكنيسة ومنظمها في انكلترة(+690م)
ولد القديس ثيودوروس في طرسوسالكيليكية، التي هي مدينة القدّيس بولس الرسول، عام 602 للميلاد. درس في أثينافلمع. ولسبب ما نجهله قد تكون له علاقة بالتغيرات السياسية الكبرى التي اجتاحتالبلاد السورية، انتقل ثيودوروس، راهباً، إلى مدينة رومية حيث انضوى تحت لواء أحدالآباء المعروفين هناك واسمه أدريانوس. ثم أن ثيودوروس برز في مجال الدراساتالمشرقية ونال إعجاب البابا فيتالي.
ويشاء التدبير الإلهي أن يتوفى الرئيسالمسمى لأساقفة كانتربري قبل أن يصار إلى سيامته في روما. ولما بحث البابا عنبديل، أوصى أدريانوس بثيودوروس فقبل به البابا شرط أن يبقى أدريانوس بجانبه. وقدجرت سيامة ثيودوروس في نيسان من العام 668 للميلاد. تجدر الإشارة إلى أن الأسقفالجديد لم يكن ولا حتى كاهناً عندما وقع اختيار البابا عليه، كما أن سنّه كانت قدجاوزت الستين.
وقد أثار تعيين البابا لثيودوروساستغراباً واعتراضاً وجدلاً، فتأخر استلامه لمهامه. لكنه تمكّن، في شهر أيار منالعام التالي، 669م، من الوصول إلى كرسيه حيث باشر عمله لتّوه.
وكان أول عمل قام به زيارة أرجاءأبرشيته الواسعة كافة والوقوف على حالها والمفاسد والفوضى المتفشية فيها وعلىالخلل في الحياة الرهبانية. وقد أعطى توجيهاته في شأن تعييد الفصح والقواعدالرهبانية، كما عمل على إصلاح الإدارة الكنسية وضبط أنظمتها. ويشهد المؤرخون فيمجال التوحيد الإداري والتنظيمي للكنيسة، في بلاد الانكليز، أن ثيودوروس كانأول أسقف تمكن من جمع الكنيسة كلها هناك تحت سلطانه، علماً أنه الأسقف السابع لكانتربري.
ثم في العام 673 رأس أول مجمع أكليريكيفي هارتفارد، فاهتم بسن التشريعات الخاصة بتنظيم الإدارة الكنسية والقوانينالتأديبية. كما اهتم بخلق أبرشيات جديدة وقسمة الأبرشيات القائمة. ويعتبر ثيودوروسأباً للكنيسة الانكليزية، تنظيماً، بلا منازع. فالدارسون متفقون على أنه أتى إلىالكنيسة في انكلترا وهي في فوضى عارمة، وغادرها إلى ربّه، بعد اثنين وعشرين عاماً،وقد انتظمت بصورة دقيقة.
ويبدو أن الأطر الإدارية التي رسمهاكانت من التماسك والمتانة والفاعلية بمكان، بحيث لم تزعزعها القلاقل التي ضربتالكنيسة في أوروبا خلال القرن السادس عشر، وهي ما تزال إلى اليوم في أساس النظامالأبرشي في كنيسة بلاد الانكليز. وقد كتب الأسقف المؤرخ ستابس في هذا المجال يقول:"من الصعب علينا، لا بل من المستحيل، إيفاء ثيودوروس حقّه، لما تدين له بهانكلترا وأوروبا والحضارة المسيحية من فضل عليها".