هل ضاع الصليب !!! اين الصليب وكيف نتصالح معه !!!
فان كلمة الصليب عند الهالكين جهالة و أما عندنا
نحن المخلصين فهي قوة الله ] (1كو 1 : 18)\
الصليب هو حالة الضعف وشكل الهوان ، وعار لكل من يحمله لأنه مكتوب [ ملعون كل من عُلق على خشبة ] والرب أتى وصار على خشبه ليحمل لعنتنا ، أي لعنة الخطية التي تجرأنا وعشنا بها زمان حياتنا في ضلال الأمم ، وتحت سلطانها المُر والمُميت ، لذلك أخذنا حكم الموت عن استحقاق ، والرب سُر أن يحمل عارنا ، مبتلعاً الموت لحياة ، جاعلاً علامة اللعنة والعار هي نفسها علامة الغلبة والانتصار ...
فصار الصليب فخر مجد من يؤمن بالمسيح يسوع إيمان حي يُعطي رؤية المجد بروح قيامة يسوع المسيح ، والصليب بهذه الروح ليس نظرية ، وليس مجرد شعار نحمله ، وليس هو كلام من على منبر نتكلم به ن لأن ما أسهل أن نتكلم عن الصليب وتحمل الآلام والمشقات ، أما من جهة الفعل فنحن مفلسين ، والصليب لنا شعار ، أما هو فضائع بالنسبة لنا !!!
فضياع الصليب هو السمة الشاهدة على ضعفنا ، إذ لا يوجد قبول واضح على مستوى حياتنا اليومية في واقعنا المُعاش . فحينما نتواجه معه التجارب والمشقات فنُصاب بالتململ من التجربة ، وكل واحدأصبح يشتكي بل يصرخ من الظلم الواقع عليه، وفي النهاية تصل الملامة إلى الله ، ونتهم الله بالترك والتخلي عنا ، ونسأل ألف مليون سؤال وسؤال ، لماذا الألم ، لماذا تأتي علينا كل هذه الضيقات والمشقات ويقتل أولادنا وأصدقاءنا وكل قريب من قلوبنا أمام أعيننا ، فما ذنبهم ، وماذا فعلوا ، ونتمرمغ في تراب الأرض ونصرخ وننوح ونتشح بالسواد ، والبعض يثور ويهيج ، ويود لو يفتك بكل من صنع شراً بأخيه ويرفض كلام عزاء الإنجيل ، بل ويقف أمام وصية الله ليلومها ، ويرفض كل كلمة تأتي لتؤيد المحبة والسلام مع الأعداء والصلاة من أجلهم ، ويقول كيف يكون هذا ، وهذا لا يصح ابداً ن بل ولن يكون ، ويعود لمنطق العين بالعين والسن بالسن ، ويرفض ويشجب وصية الله ، وأن كان ليس بالقول إنما في القلب ، والفعل ايضاً !!!
هذه السمة هي سمة الجيل كله. ورئيس هذا العالم ينتهز هذه الفرصة من ضعف الإيمان والبعد عن الله ، وعدم صدق القلب في الإيمان وحفظ الوصية ، فيبدأ أن يُذيق كل من دُعيَّ عليه اسم المسيح الرب ، أنواعاً متعددة من الاضطهادات والظلم والأمراض والأوجاع المتنوعة والمكثفة ، لكي يرتفع صراخ الكل وشكواهم وتذمرهم الذي يصل ويرتفع ليمس الله نفسه . وهكذا يفقد الكل المعنى الحقيقي للصليب وتتبدد قوته من داخل القلوب ومن الأرض كلها، وينشغل المؤمنون بالمطالبة بالحقوق الضائعة، وكيف يأتوا بحق إخوتهم بالقصاص والثورة والفتك بالآخرين ، وإن كان ليس باليد إنما بصب اللعنات والدعوات عليهم !!!
ولكن في غفلتنا وانشغالنا بالواقع المتعب الذي نعيشه وفي ضعف إيماننا وعدم إدراكنا لحركات عدو كل خير ، ننسى أن رئيس هذا العالم هو من يسلب حقوقنا ، وكيف له أن يردها لنا وهو من ضيعها ؟، أو متى كان الله نفسه يعطي طريق الخلاص عن طريق الراحة والخيرات الزمنية ، وهو الذي قال ما أضيق الباب وأكرب الطريق المؤدي للحياة ؟
لقد اختفى الصليب من حياتنا اليوم ، وفقدنا الاحتمال، والصبر، وطول الأناة مع الشكر والحب ، رغم الظلم والاضطهاد والضيق ، حتى يتجلى المسيح ويتمجد فينا ويُشرق بنصرته ويتعظم اسمه ، ونصير له شهوداً أتقياء نُحسب من صفوف الشهداء والقديسين الذين يمجدون الرب ويمدحون صليبه المُحيي ، فالحياة مع الله وحمل الصليب يا إخوتي ليس فكرة ولا مجرد مبدأ ، بل هو ثقل موضوع على أكتافنا ونحن نحمل روح القيامة ، ولنا ثقة أن المسيح الرب غلب العالم ، وافرغ الموت من سلطانة ، وبالضيقات نعبر وادي الشقاء بصبر القديسين ...
نحن كلنا يعوزنا اليوم أن نكون لابسي الصليب ، لا على صدورنا بل في كياننا ، نستعد أن نموت أي وقت وأي لحظة ، لأن لنا حياة هي المسيح والموت لنا ربح ...
فلنستفيق يا إخوتي ونتيقظ وننتبه لحياتنا لأننا قضينا زمان هذا مقداره مبتعدين عن الدرب الصحيح ، لم نحمل الصليب أو نعتنقه إلا شكلاً وكلاماً ، واليوم علينا أن نحيا كلُباس الصليب ، شاهدين لا بأفكارنا وأقوالنا إنما بأفعالنا وحملنا الحقيقي للصليب بكوننا نؤمن بالله فعلاً ، وأعمالنا تشهد لإيماننا !!!
الروح القدس ينبوع عدم الفساد للنفوس والأجساد ، الروح المُحيي الذي يتمجد مع الآب والابن ، والذي يُشكلنا بشكل المسيح الرب ، روح التبني الذي هو عربون خلاصنا الأبدي ، يُثبتكم ويؤيدكم بالقوة في الإإنسان الباطن لتحملوا الصليب بفخر على أكتافكم لتمجدوا الله وتعبروا ضيقة الأيام بقوة قيامة يسوع وفخر آلامة المُحيية ، آمي