انتصار المرأة بقوة الخشبة
يعلمنا الكتاب أولاً أن دبّورة كانت نبية.
هذا ما يدعو الإنسان إلى أن لا ييأس بسبب الضعف الأنثوي.
فهن أهلٌ لنعمة النبوة.
وما هي وجهة المعنى الباطني؟
دبّورة هي النحلة، وفيها عسل كلمة الله.
دعت هذه المرأة باراق الذي هو صورة عن الشعب الأول (اليهودي). وياعيل وهي صورة الكنيسة المجتمعة من بين الأمم. اسمها يعني الصعود، الصعود إلى السماء، فما من صعود آخر إلاّ بالكنيسة. فحين تصعد (الكنيسة) من البشري إلى الروحي، من الأرضي إلى السماوي، تقتل سيسرا الذي هو صورة الرذائل اللحمية والإنسان الحيواني أو الأرضي. تقتله بوتدٍ، بخشب الصليب.
قُهِرَ سيسرا مع جيشه ومركباته الحديدية التي بها يهاجم شعب الله، وأنبأت دبورة في النبوءة أن الأمر يكون هكذا. ويُروى أنه حين تمّ النصر بيد امرأة، أنّ دبّورة أنشدت هذا النشيد مديحاً لانتصار المرأة.
ولكن إذا تذكرنا ما قيل أعلاه حسب التفسير المستيكي، ما ترمز إليه دبّورة، وباراق أيضاً، وما صورة ياعيل، تلك المرأة التي قتلت وحدها خصم شعب الله، وما صورة سيسرا نفسه الذي قتلته يدُ امرأة غريبة بقوة الخشبة، حينئذ نفهم أن هذه كلها صور سرّيّة تتم في الأزمنة الأخيرة، وفي نهاية الدهر بيد الكنيسة.
وأنّه سُجِّل في هذا النشيد، نشيدُ ظفرها، أي نشيدُ نصرها في ذلك الوقت الذي فيه يدمَّر آخر عدو، أي الموت. عندئذ تبتهج دبّورة، أي يشعّ مجد النبوءة بما تنبأت به أتمته.
وياعيل، الكنيسة، تتفوق على عدو الجميع المشترك.
وحين يدخل جميع الأمم، عندئذ يخلص أيضاً باراق، أي بقيّة إسرائيل، ويشارك في النصر.
وإذا كنّا أهلاً، ننشد نحن أيضاً هذا النشيد المليء بالخفايا السرية والنبوية.
المرجع: عظات أوريجانوس عن سفر القضاة، (العظة الخامسة والسادسة)