الابتهاج بالله مع مريم
الابتهاج بالله مع مريم
القديس أمبروسيوس
عندما كشف الملاك رسالته للعذراء مريم أعطاها علامة لكي يكسب ثقتها.
قال لها عن أمومة إمرأة عجوز عاقر،
لكي يُظهر أنَّ الله قادر على فعل كل ما يشاء.
وعندما سمعت مريم هذا،
إنطلقت مسرعة إلى مدينة يهوذا في جبال اليهودية،
لم تتشكك في كلمة الله.
ولم تشعر بأي تردد بشأن الرسالة أو شك حول العلامة التي أعطاها.
وذهبت بكل حماس وتلهف نحو الغرض،
بطاعة وإلتزام في الضمير، مسرعة من شدَّة الفرح.
وأين يمكنها أن تتجه مسرعة إلاَّ نحو الأعالي تلك التي كانت ممتلئة بالله؟!
الروح القدس لا يهُّب أو يعمل من خلال جهود بطيئة صعبة.
إذ بشكل سريع يتم إستعلان بركات مجيئها ويكون وجود الرب واضحاً،
فبمجرد أن سمعت أليصابات سلام مريم إرتكض الجنين في بطنها،
وإمتلأت من الروح القدس.
لاحظ التباين وإختيار الكلمات.
كانت أليصابات هي من سمع صوت مريم،
أمَّا يوحنا فكان أول من أدرك النعمة.
هي سمعت بآذان الجسد، أمَّا هو فقفز من شدة الفرح بشأن معنى السر.
هي كانت على بينة من وجود مريم،
أمَّا هو فكان على بينة من وجود الرب.
المرأة على علم بوجود المرأة، ويوحنا السابق على علم بتعهد خلاصنا.
المرأة تتحدث عن النعمة التي تلقتها،
في حين أن الطفلان ينشطان في سرية،
ويكشفان سر الحب بمساعدة أمهاتهن، اللتان تنبأن بروح أولادهن.
الطفل يقفز في الرحم، والأم تمتلئ بالروح القدس، لكن ليس قبل ابنها.
حالما امتلأ الابن بالروح القدس ملأ والدته بنفس الروح.
يوحنا يقفز من الفرح، وروح مريم تبتهج بدورها.
عندما ارتكض يوحنا بابتهاج، امتلأت أليصابات بالروح القدس،
لكننا نعلم أنه بشأن إبتهاج مريم،
ليست هناك حاجة أن تمتلئ من الروح القدس (مجدداً).
إذ أنَّ إبنها - الذي يفوق فهمنا -
يعمل في والدته بطريقة تتجاوز فهمنا.
أليصابات إمتلأت من الروح القدس بعد الحمل بيوحنا،
بينما مريم إمتلأت بالروح القدس قبل الحمل بالرب.
أليصابات تقول لها:
"طوبى لك لأنك آمنت"
أنتم أيضاً مباركون لأنكم سمعتم وآمنتم.
النفس التي تؤمن تحبل وتلد كلمة الله، وتعترف بأعماله.
فلتكن نَفسُ مريم في كُل واحد منكم حتى يُعَظَّم الرب.
ولتكن روح مريم في كل واحد منكم، حتى يبتهج بالله.
المسيح له أم واحدة فقط بالجسد، لكننا جميعاً نلد المسيح بالإيمان.
كل نفس تتلقى كلمة الله،
لو أنها فقط بقيت عفيفة طاهرة خالية من الخطية،
وحياءها غير مدنس.
النفس التي تنجح في ذلك، تُعلن عظمة الرب،
تماماً كما عظمت نَفس مريم الرب،
وابتهجت روحها بالله مخلصها.
في موضع آخر نقرأ:
"عظموا الرب معي".
الرب يتعظم،
ليس أن الصوت البشري يمكنه أن يُضيف شيئاً إلى الله،
بل هو يتعظم في داخلنا. المسيح هو صورة الله،
وإذا فعلت النفس كل ما هو صواب ومقدس،
تُعظِّم صورة الله تلك (المسيح)، التي على شبهها خُلقت.
وبتعظيم صورة الله (المسيح)،
يكون للنفس نصيب في عظمتها وتتمجد.