روبين ويليامز وسرّ البهجة
يقول مارك تواين الكاتب الأميركيّ الشّهير:
"أفضل طريقة لإدخال البهجة في نفسك هي محاولة إدخال البهجة في نفوس الآخَرين".
إلّا أنّ هذه المقولة لم تُصِبْ في حياة الممثّل الأميركيّ المحبوب روبين ويليامز.
فويليامز أدخل البهجة بإبداعِ شخصيّته الفريدة في نفوس الملايين،
إلّا أنّه سطّر نهايته بالانتحار اليائس.!!!
كيف تهون عليه نفسه أن يضحّي بأعماله ونجاحاته؟!
أسئلة كثيرة أثارها الموت المفاجئ لويليامز قبل أسبوع.
ويبدو أنّ نهاية ويليامز ليست، ولن تكون، الأخيرة،
بل هي إحدى حلقات هزيمة الفنّانين وكثيرين أمام فراغ الإكتئاب
ومحاولاتهم اليائسة إشباع ظمأهم الدّاخليّ.
فقَبْل ويليامز سلسلة طويلة من زملائه ممَّن لقَوا حتفَهُم إثر جرعة مخدّرات زائدة.
نذكر على سبيل المثال لا الحصر:
- الممثّل فيليب سايمور هوفمان،
- المغنّية ويتني هيوستن،
- الفنّان الأميركيّ مايكل جاكسون،
- الممثّل الأستراليّ هيث ليدجر،
- الممثّلة إيمي واينهاوس...
- كما تخضع لينزي لوهان للعلاج من إدمان المخدّرات للمرّة السّادسة بالنّسبة لها، وأيضًا المغنّي اليافع جاستن بيبر الّذي كان قد قُبض عليه لقيادته السّيارة مُسْرِعًا تحت تأثير المخدّرات قبل أشهر، بينما خضعت المغنّيتان سيلينا جوميز وبريتني سبيرز للعلاج بسبب الإدمان والإكتئاب.
كيف يقضي الإكتئاب على من كانت مهنته إضحاك الجماهير؟!.
كيف نفهم حالة الإكتئاب، رغم أنّه يتوفّر لكلّ هؤلاء الفنّانين جميع العناصر الجيّدة للحياة؟!
يبدو أنّ هذا الفرح كان خارجيًّا، ولم يدخل الى أعماق كيان الإنسان.
" وما الحياة بدون فرح داخليّ سوى تخبّط مستمرّ محبط، وعطش
لا ينتهي نحو فراغ الشّهرة والمال والسّلطة وسائر مغريات هذا العالم!."
يظهر هؤلاء في قمّة السّعادة والبهجة، ولكن في دواخلهم يأس ناتج عن عدم كفاية ما عندهم،
أو حتّى من محاربة آخَرين لهم، أو من حسد أو من مضايقات. شيء ما ينقُص!...
المسيحيّة تكتب بخبرة قدّيسيها بأنّ البهجة تأتي بالإقتراب من يسوع المتجسّد
والمصلوب والقائم من بين الأموات.
ينمو فرح المسيحيّ بنموّ عطشه ليسوع ينبوع الحياة دون سواه.
التّحدّيات كثيرة في العالم، ولكن، "به (أي بيسوع فقط) تبتهجون،
مع أنّكم لا بدّ أن تحزنوا حينًا بما يصيبكم الآن من أنواع المِحَن" (1بطرس1: 6).
لا ينفعنا الهروب من واقع أليم نحو فراغ أكبر يدفعنا إلى اليأس،
وإلى ما يجعلنا نظنّ بأنّ خيارنا الوحيد هو أن تنتهي حياتنا.
لا بدّ لنا أن نعي بأنّه يوجد لدينا خيارات أُخرَى مُتَاحَة، خيارات الحياة، والفرح.
نُدْرِكُ هذا عندما نرى أنّ الله موجود، وأنّ الآب نفسَه يحبُّنا (يوحنّا 16: 27)،
وأنّه محبّة خالصة، وأنّه أرسل ابنه يسوع
"لتكون لنا حياة وليكون لنا أفضل وأوفر" (يوحنّا 10:10).
علينا أن نصلّي بمحبّة من أجل جميع المُكْتَئِبِين ليُدْرِكُوا هذا.
كيف نصل إلى هذا الإيمان، وإلى هذه الثقة وهذا الوعي الدّاخليّ،
بأنّ الرّبّ هنا، والآن، معنا يؤازِرُنَا؟!، فنفرح فرحًا مجيدًا،
فرحًا لا يستطيع أن ينتزعه أحد منّا، لأنّ قلبَنا يعاينُ الرّبّ (يوحنّا 16: 22).
يشرح المتروبوليت بولس يازجي أنّ التّلاميذ طلبوا من يسوع "طريقةً"
لمواجهة الصّعوبات الآتية، فأعطاهم "علاقةً"، ويختم قائلًا:
"يثبت فرحي بالله ليس عندما يكون هو لي معينًا، بل عندما يصير لي كافيًا!".