في اليقظة
+كلنا نشبه مسافرين يقصدون المدينة المقدسة. خرجنا من مدينة واحدة. وقطع البعض خمسة أميال ثم توقف, وقطع البعض الآخر عشرة, وذهب آخرون حتى نصف الطريق. أما آخرون فلم يخطوا ولا واحدة.
+هناك ثلاث حالات بالنسبة للانسان:
حالة الذي يمارس الهوى. وحالة الذي يتملّكه. وحالة الذي يقتلعه.
ممارسة الهوى هو أن نعمل به ونستمر. تملّكه هو أن لا نمارسه من جهة ولا نطرحه من جهة أخرى بل نعبّر عنه بتبرير وفي الوقت نفسه نحفظه في قلبنا.واقتلاعه هو أن نجاهد ونمارس ما هو معاكس له.
هل تريدون أن نتكلم عن الكبرياء؟ أم عن الزنى؟ أم تريدون بالحري أن نبحث في المجد الباطل لأننا به نُهزم أغلب الأحيان؟ إن من دواعي المجد الباطل أن لا يحتمل أحد كلمة من أخيه. يسمع كلمة ويضطرب للحال. ويجيب بخمس كلمات بدلاً منها أو بعشرٍ. يصارع, يزرع الفتنة, وعندما ينتهي الصراع يبقى ضامراً الشر على أخيه الذي أَسمَعَه هذه الكلمة. يحقد عليه ويودّ لو كان قال له أكثر مما قال. ويهيء له كلمات أكثر سوءاً ورداءة. ويبقى يفكر:"لماذا لم أقل له ذلك؟ لدي أيضاً شيء أقوله له".وهكذا لا يخرج من غضبه. هذه هي الحالة الأولى. حالة الشر الذي أضحى عادة. لينجنا الله من مثل هذه الحالة. لأنها تؤدي حتماً إلى الهلاك. لذلك لا أزال أقول لكم: أسرعوا في قطع الأهواء عنكم قبل أن تصبح عادات راسخة.
وربما آخر يضطرب لكلمة يسمعها ويجيب بخمس أو عشر كلمات عوضاً عن واحدة, يكتئب ويحقد في قلبه. ولكنه بعد أيام قليلة يندم عما فعل, وغيره يغضب يصارع ويضطرب ويدخل الاضطراب للآخرين ثم يندم للحال . ومع ذلك فإنها تستحق جهنم لأن فيها ممارسة للهوى.
لنتكلم الآن عن الذين يتملكون الهوى. أحد الأخوة يسمع كلمة ويحزن في قلبه. لا يحزن بسبب التعيير الموجه إليه بل لأنه لم يحتمله. هذه هي حالة المجاهدين والمتملكين للهوى.
+لذا يجب على الاخوة هؤلاء, أن يفحصوا أنفسهم جيداً. هل يغذون الهوى نفسه أم أحد أسبابه الذي يجعلهم مغلوبين على أمرهم أو مأخوذين بهواهم.
من كتاب: التعاليم الروحية
للقديس دوروثاوس _ غزّة