02.01.2014
القديس الشهيد رزق الله بن نبع (+1477م)
1 شباط شرقي (14 شباط غربي)
أصل هذا القديس من دمشق. كان كاتباً، مباشراً في الديوان، لدى أمير طرابلس أو نائبها، وقيل لدى ثلاثة من النواب آخرهم المدعو أزدمر. وكان رزق الله مقدماً عنده وصاحب سره، مكرماً عند الخاصة والعامة من أهل المدينة. وكان الوالي يثق به ويعتمد عليه ويحبه. لذلك حرص على أن يحوله عن إيمانه بالمسيح إلى الإسلام. وقد انتهج في سبيل ذلك أسلوب الرفق والملاطفة. لكن محاولته باءت بالفشل بعدما أبى رزق الله أن يتنازل عن إيمانه بالرب يسوع المسيح تحت أي ظرف. فشعر النائب بالمهانة واغتاظ لذلك أشد الغيظ. وأمر بطرح رزق الله في السجن آملاً أن ينال منه مبتغاه بالشدة بعدما فشل باللين.
انتظر الوالي أياماً أوفد بعدها بعضاً من حاشيته إلى رزق الله عسى أن يكون قد لان ورضخ. فجاؤوا إليه وعرضوا عليه عطايا جزيلة القيمة، فلم يصغ إليهم ولا أغرته عطاياهم، بل جاهر باسم الرب يسوع أمامهم غير مبال بوجوههم مؤكداً أن إيمانه ليس برسم البيع. وزاد امتناع رزق الله الوالي إصراراً وتصميماً على نيل مبتغاه منه مهما كلف الأمر. أليس هو الوالي، وكلمة الوالي لا ترد؟! فقام يتهدده ويصف له أنواع العقوبات التي سينزلها به إن هو بقي على عناده. فكان جواب رزق الله: "إن هذه الدنيا وشرفها وفخامتها هي عندي كل شيء. كالظل العابر هي. وإني لأستهجن عقوباتكم وعذاباتكم وتهديداتكم، ولست أبالي بها لأن محبة إلهي ومخلصي يسوع المسيح، ابن الله الوحيد، تلزمني". ثم أن رزق الله دخل والمرسلين في حوار جريء تجلت فيه جسارته وشهامته. فلما رأوه ثابتاً على رأيه، غير متزحزح عن إيمانه، نقلوا للوالي خيبتهم فأمر بضرب عنقه.
أخرج العسكر رزق الله خارج المدينة إلى مكان يدعى تل المشتهى. هناك طلب من السياف أن يعطيه مهلة ريثما يصلي فكان له ما أراد. وقف رزق الله ووجهه نحو الشرق ثم سجد إلى الأرض وأخذ تراباً وتناوله كما لو كان جسد المسيح ودمه، ثم انتصب ورفع ذراعيه وصلى قائلاً: "أيها الرب يسوع المسيح، إلهي، على اسمك أقبل الشهادة فأعني في هذه الساعة! اقبلني كالقربان النقي في هذه الليلة الشريفة! في يديك استودع روحي!". ولما قال هذا مد عنقه للسياف، ثابتاً واثقاً وقال له: "اضرب على اسم سيدي يسوع المسيح"، فهوى السياف بسيفه بقوة فحسم هامة القديس.
ثم أن قاتليه جمعوا حطباً كثيراً وشاؤوا أن يحرقوه. فما أن ألقوا جسده في النار حتى أنزل الرب الإله على الموضع برداً ومطراً غزيراً حتى فاضت الأنهار، فتفرق الحاضرون جزعين وجمد لهيب النار دون أن يمس الجسد بأذى.
وأتى المؤمنون أثناء الليل فأخذوا جسد القديس ودخلوا به إلى جزيرة قبرص حيث أقاموا عليه الصلوات بكل إكرام ووقار ودفنوه في أحد الهياكل المقدسة.
كان استشهاد القديس رزق الله، وفق بعض المصادر، عصر يوم السبت في الأول من شهر شباط، آخر النهار، من السنة ستة آلاف وتسعمائة وخمس وثمانين لأبينا آدم، الموافق السابع والسبعين بعد الأربعمائة والألف للميلاد. فكان دخوله إلى ربه شهادة لدخول ربه... أيضاً وأيضاً... إلى هيكل العالم!