القدِّيس اسبيريدون يأمرُ ابنتَه بالتكلُّم
عندما انتهى المجمعُ في نيقية بإدانةِ الآريوسيَّة، عادَ كلُّ الآباءِ إلى مواطنِهم ليحملوا الى رعاياهم مقرَّراتِ المجمعِ وليستأنفوا دورَهم في رعايةِ قطيعِ المسيح.
خلالَ هذه الفترة، إذْ كانَ اسبيريدون بعيدًا في نيقية، رقدَتْ إبنتُه إيريني. لم تتزوَّجْ أبدًا وكانتْ في ريعانِ الشبابِ عندما دعاها اللهُ إلى الخدرِ السماويّ.
ولمَّا وصلَ الأسقفُ إلى المنزل، اقتربتْ منه إحدى النساءِ باكيةً. أخبرتْهُ أنَّها أودعَتْ لدى إيريني إناءً ذهبيًّا لتضعَهُ الأخيرةُ في مكانٍ بعيدٍ آمنًا. وقد كانَ هذا الإناءُ الشيءَ الثمينَ والوحيدَ الذي كانتْ تملكُه هذه المرأة. وافقَتْ إيريني وخبَّأته، لكنَّها ماتتْ فجأةً قبلَ أنْ تخبرَ المرأةَ بمكانه. فاستنجدَتْ المرأةُ بالقدِّيسِ ليبحثَ عنِ الإناءِ الذهبيِّ في أرجاءِ المنزل. بحثَ اسبيريدون في كلِّ مكانٍ، ولكنْ من دونَ جدوى. فشعرَ بالأسفِ تجاهِ المرأةِ لأنَّها كانتْ فقيرةً بحاجةٍ إلى هذا الإناءِ القيِّمِ. فذهبَ القدِّيسُ والمرأةُ مع الذين كانوا في منزلِه إلى قبرِ ابنتِه واستدعى الميتةَ كأنَّها ما زالتْ حيَّة:
«يا ابنتي إيريني، أينَ الذهبُ الذي أُعطيَ لكِ لتخبِّئيه؟»
فسُمعَ صوتُ إيريني مجيبةً وكأنَّها استيقظتْ من نومٍ عميق: «أبي، أنا خبأتُه في مكان كذا وكذا في المنزل».
خاطبَها القدِّيسُ ثانية: «نامي الآنَ يا ابنتي حتَّى يوقظَكِ سيِّدُ الكلِّ إلى الحياةِ الأبديَّة».
فسمعَ كلُّ الحاضرينَ صوتَ الابنةِ الميتةِ بوضوحٍ وإمتلأوا رعبًا من هذه الأعجوبة.
رجعَ القدِّيسُ إلى بيتِهِ ووجدَ الذهبَ في المكانِ المحدَّدِ حيثُ خبأتْهُ ابنتُه، فدفعَه إلى المرأة. حزِنَ القدِّيسُ على موتِ ابنتِه كأيِّ أبٍ حنون،
ولكنَّهُ رضيَ بموتِها الأرضيِّ كأيِّ شخصٍ يحبُّ الله، إذْ إنَّ الأمرَ هو إرادةُ الله.