الشذوذ الجنسي والأيمان
الشذوذ الجنسي خطيئة، والخطيئة تعلن الحرب على المؤمن من الخارج دائماً وتروم الدخول الى الداخل والسيطرة عليه. التساهل مع الخطيئة يعني القبول لتحويل الحرب الى الداخل أي الى القلب. كثيراً ما يسقط الأنسان في الخطيئة بسبب تساهله وعدم حزمه أو عدم قُدرته في التصدي والمقاومة. فبالتساهل مع التجربة وعدم التصدي لها بأهميتها وقوّتها تتحول الحرب من الخارج الى الداخل .
كيف يحدث التطور؟
تكون الخطيئة في الخارج شيئاً مُثيراً كما كان منظر شجرة معرفة الخير والشر لأمنا حواء . هكذا كل شىء يمكن أشتهائه أو أقتنائه ، يتحول الى ذات المنظر الجميل الذي رأته حواء في الشجرة الطيبة للأكل ومتعة للعيون ومنية للتعقل " تك 3 : 6" في البدء يأتي الفكر ضعيفاً ، يمكن طرده بسهولة ، لكن بالتساهل معه ينزل الى القلب فيتحول الى خطيئة ، هذا الشعور بحد ذاته هو شعور داخلي ، فإن أستيقظ الأنسان الى نفسه يمكنه التخلص منه ، أن هذا الشعورسيتطورالى أنفعال أو شهوة ، والشهوة خطيئة وحسب قول الرب:( من نظر الى أمرأة ليشتهيها فأنه زنى بها في قلبه) وهكذا الحال بأشتهاء أي شىء. آخر، حيث بالأشتهاء يبدأ الأنسان بالخضوع للفكر فيبدأ الصراع الحقيقي بين الضمير والشهوة ، فأن طُرِدت الشهوة بحزم ، يمكن التخلص منها . أما الخضوع لها فيسمح بأنتشارها كخلايا السرطان الى أن تحتل فكر الأنسان وقلبه وحواسه.
بالتساهل مع الشهوة ، ستقوم هي بالتعبير عن حقيقتها عملياً. وهكذا تصل الى الخطيئة فيمارسها الأنسان عملياً فيكتمل هدف التجربة فيه. وهل تستريح التجربة بهذا الحد ؟ الجواب كلا ، بل تريد أن تتكرر . فأما على الأنسان أن يتوب بعد سقطته أو يستمر في عمل الخطيئة فتتحول الى عادة والى أدمان فيخضع الى سيطرتها لكي يصبح عبداً لها فيرتكبها أحياناً بغير أرادته بسبب فقدانه للسيطرة فيموت في الخطيئة وحسب الآية:( أما تلك التي تعيش مُنغمسة في اللذات، فقد ماتت، وأن كانت حية) "1طيمو 6:5 .
الرسول يعقوب يُحذرنا من الشهوة قائلاً: (ان الله لايجربه الشر ولا يجرب أحداً، بل الشهوة تجرب الأنسان فتستهويه وتغويه. والشهوة اذا حبلت ولدت الخطيئة، والخطيئة اذا أقترفت ولدت الموت)" يع 1: 14-15 .
الأبرار والقديسين كانوا في منتهى الحزم ، لا يتساهلون مع أنفسهم أنما كانت لهم السيطرة والرقابة الشديدة على أبواب أحاسيسهم ، كذلك كانت لديهم الرقابة على كل كلمة تخرج
من أفواههم ، أنما الرقابة على الضمير أيضاً ، هكذا لا يقدر المُجرب أن يقترب ليحارب . المجرّبون الأقوياء المتكلين على قوة الله ، يحاربون وينتصرون ، لا وبل يُرحّبون بالتجربة وينتصرون على مكائدها فينالون النصر. هكذا يمكن أستغلال الشر لكي يصبح سبباً للخير فينال المُجرّب أكليل الظفر والنصر ، علماً بأن الله لا يسمح أن يُجرّب المؤمن فوق طاقته .
الجنس هو علاقة بين أثنين وهذه العلاقة يجب أن تكون مبنية على أساس الحب الصادق فتصبح العملية الجنسية شىء قانوني قياساً بعلاقة الحب الموجودة بينهما والمقترنة
بالزواج الكنسي لكي يصبح الأثنان جسداً واحداً وكما أراد الله(ما جمعه الله لا....) . كذلك، الحب هو الذي يجمع الأقانيم الألهية في واحد .
أذن يجب أن تبنى العلاقة بين الأثنين بالحب المرتكز على قاعدة متينة من الوعي والأدراك والتفاهم ، لأن الحب هو ظاهرة الهية مقدسة كما هو اسمى من الحاجة الجنسية الوقتية. الجنس يكون ناجحاً عندما يكون مرتبطاً بالحب عكس الجنس الذي يتوخى منفعته الخاصة بدون الحب ، لأن الحب يرتبط بالروح فتتكون في الأنسان علاقة داخلية ذات جوهر مبنية على وعي أيماني عميق لذا الأيمان مطلوب في تكوين تلك العلاقة وحسب الآية:( ليعرف كل واحد منكم كيف يحفظ جسده في الطهارة والكرامة غير منساق للشهوة الجامحة كالوثنيين الذين لا يعرفون الله ، والا يتعدى حقوق أخيه ويسىء اليه في هذا الأمر لأن الرب هو المنتقم لجميع هذه الأساءات.... الله دعانا ، لا الى النجاسة بل الى العيش في القداسة) 1تس 4:4-7 .
الجسد زمني زائل أما الروح فخالدة ، لذا يجب أن يترقى دائماً ما للروح على الجسد حيث الجنس هو علاقة مؤقتة بين الأجساد ، لكن نقول بأن الحب الطاهر بين الأثنين والمبني على أساس الزواج الكنسي المقدس لا يخلو من الجنس ، لكن لا يرتبط الجنس كلياً بالحب لأن الحب ظاهرة منفصلة تعلو فوق كل الشهوات الجنسية لكونه علاقة دائمية لا يفصل بين الأثنين الا الموت . بينما الجنس قد يكون لأفراغ الشهوة ولأرضاء شعور وقتي قد يأتي كمسألة أتفاق بين الطرفين بطريقة الصدفة أو مقابل المال ، لذا يكون منفصلاً من المشاعر وبعيداً عن كل علاقة حب ، هكذا نسميه جنس بدون حب، يأتي بطريقة الفحشاء والرذيلة البعيدة عن كل أخلاق كمن يعيش في الظلمة . عن هذا أوصانا رب المجد قائلاً: (وكما في النهار، لنسلك سلوكاً لائقاً. لا في العربدة والسكر. ولا في الفحشاء والأباحية، ولا في النزاع والجسد ،وأنما البسوا الرب يسوع المسيح "أي تمثلوا به" ولا تنشغلوا بالتدبير للجسد لقضاء شهواته) .
أذن الرب حذر الأنسان لكي لا يصبح عبيداً لتلك الخطيئة ، الحب الحقيقي قد يخلومن الجنس لأسباب مرضية أوفي فترة الشيخوخة فيعبرعنه بكلمات وهمسات ولمسات هادئة، اذن الجنس يصبح كنشوة فقط تعبر عن أستمرارية الحب الصادق وهكذا تتقلص عملية الأتصال الجنسي بين الكبار عندما يسقط الزوج من الرجولة لكبر سنه فيصبح البديل المعبرعن الحب السفرات أو نزهات في الحدائق العامة أو المناطق الرومانسية ، تفقد الحرارة الجنسية لقلة مقدرة الرجل وكذلك لعدم أستجابة المرأة فيصبح الأداء غير مهم لأن العلاقة الأولى للحب ولغرض الحب لا للجنس باقية ، ولأن الحب هو اساس العلاقة عكس العلاقة الموجودة بين عاشقين لسبب الجنس ، حيث في هذه الحالة سيكون الجنس هو أساس العلاقة أما الحب فيكون مخفياً ، لذا يكون الجنس شاذاً لا أخلاص فيه ولا ثقة أو وفاء فيستطيع أي من الطرفين أن يحول تلك العلاقة ليربطها مع طرف آخر كالتعامل على السلع فيسىء كل واحد الى جسده كبضاعة معروضة للبيع علماً بأن ذلك الجسد خُلِق لكي يكون مقدساً فيجب أن يصان وحسب الآية :(أهربوا من الزنا ) .
فكل خطيئة يرتكبها الأنسان هي خارجة عن جسده، أما الزاني فهو يخطأ الى جسده) "1 قو " . 18:6
هكذا يتهاوى الأنسان في الرذيلة فيصبح عبيداً لها لأن حياته كانت مبنية على أساس هش يتعارض مع طبيعة الأنسان القويمة التي رسمها الله له منذ البداية لكي يكون الزوج ملك لزوجته ، وبالعكس فيخدم كل منهما الآخر كما يليق بسر الزواج المقدس ، وكما علمنا الرسول بولس : ( وليوف الزوج زوجته حقها الواجب. وكذلك الزوجة حق زوجها. فلا سلطة للمرأة على جسدها ، بل لزوجها. وكذلك أيضاً لا سلطة للزوج على جسده. بل لزوجته ،
فلا يمنع أحد كما الآخر عن نفسه الا حين يتفقان معاً على ذلك . ولفترة معينة لقصد التفرغ للصلاة) "1قو 7: 3-4"، وغيرذلك لا يتسم بالصدق لأنه ينتهك حدود الحب الصادق لأجل الملذات الوقتية .
طرق الشذوذ عن تلك القواعد كثيرة كممارسة العادة السرية وخاصةً عند المتزوجين حيث تعبر تلك العادة عن الخيانة الزوجية. كذلك يلجأ الشاذ الى الأدمان في مشاهدة الأفلام الجنسية وتبذير الأموال لشراء مجلة أو صورة للعاهرة أو مشاهدة أفلام أباحية لمشاهدة طرق الممارسات الجنسية أو أوضاعها، ما يدفعه المجرب الى القناعة فيدعوه الى زيارة بيوت الدعارة أو الملاهي الليلية . هكذا تتطور تلك الممارسات الشاذة الى الخيانة وممارسة الجنس بطريقة البغاء أو الفحشاء فيتجرع الى أنكار سر الزواج المقدس ، فينكر المسيح المشترك مع الزوجين في هذا السر، وبعد ذلك ينكر الطرف الآخر. كذلك يصبح الأنسان شاذاً جنسياً ،لا وبل قد يتحول الى وحش هائج عندما يقوم بأختصاب أمرأة خارج أرادتها الشخصية . أو ممارسة الجنس لأجل أشباع الرغبة . كذلك يمكن أن تتطور شرور الأنسان في هذا المجال الى ممارسة الجنس بأشكال غير طبيعية وكأنه يبحث عن أكتشاف جديد وغايته هي التنويع والتجديد كمن يبحث عن موديل وكما فعلوا قوم لوط "تك 19" فنزل عليهم غضب الله . في العهد القديم قاوم رجال الله تلك الأعمال بشدة فقام الملك آسا بملاحقة الشاذين في الجنس وحسب الآية ( وأباد من الأرض طائفة العاهرين الذين يمارسون الشذوذ الجنسي كجزء من عبادتهم الوثنية واستأصل جميع الأصنام التي أقامها آباؤه) :1 مل12:15". وكذلك فعل أبنه الملك يهوشافاط وكما تقول الآية:( أباد من البلاد الذين يمارسون الشذوذ الجنسيفي عبادتهم الوثنية ممن بقوا من أيام أبيه آسا) 1مل 46:22 .
للأسف سبق الأنسان العاقل الحيوان الغير الواعي بشذوذه الجنسي كعملية اللواط أو ممارسة الجنس بين مثيلين والتي لا نستطيع أن نجدها يوماً بين الحيوانات حيث تمارس الجنس بطريقته الطبيعية ، كما لا يتعدى الحيوان على أنثته الغير البالغة أبداً ، بينما الأنسان العاقل يتعدى ، لا وبل يتزوج من القاصرات في بعض المعتقدات . هكذا تورطت الحكومات وأشتركت بهذه الجريمة فسنت قوانين يسمح بزواج المثيلين رسمياً. لا وبل تسمح قوانينها بزواج رجل من حيوان او أمرأة من كلبها . أما في المانيا فقد تزوج شاب من قطته الجميلة ، هكذا فقد الأنسان عقله الى حد تزوج أحد الشاذين رسمياً وفي المحكمة من وسادته حيث تم تزيين الوسادة ببدلة عرس أغلى من قيمة العروس المادية. أما الأغرب من كل هذا هناك كنائس تقوم بعقد قران بين المثيلين ، نقول لذلك المرشد القائم بهذا العمل ، ا نعم تتورط بعض الكنائس وخاصةً التي لا ترتبط بالمرجعية فيتصرف المسؤول تصرفاً ذاتياً دون أن يردعه أحد.
أمثال هؤلاء يؤيدون الجريمة لا وبل يشتركون فيها لعدم التزامهم بوصايا الكتاب أو لقلّة معرفتهم للحقائق أو بسبب الأغراءات المالية المدفوعة لهم يقومون بصياغة شرائع جديدة تتكيف مع الزمن فيخلقون عادات أجتماعية شاذة تقود المجتمع الى الأنحطاط والسقوط فتفسد الحياة الروحية بسبب أنقيادهم الى تلك الأوضاع الأجتماعية الغريبة بعيدة كل البعد عن السلوك المسيحية الصحيحة ، أما الزواج المدني فيتنافس مع الزواج الكنسي وكأنه صراع على السلطة ، يريد الأول أزاحة الأخير .
أصول الزواج المدني في أرض الواقع غير عميقة ، لهذا سيكون أحتمال فشله في أية لحظة ولأصحابها الهلاك في الآخرة وحسب قول الرسول في " 1 قو 9:6": (أما تعلمون أن الظالمين لن يرثوا ملكوت الله؟
لا تضلوا: فأن ملكوت الله لن يرثه الزناة ولا عابدوا الأصنام ولا المتخنثون ولا مضاجعوا الذكور ) .
أخيراً نقول الألتزام بشرائع الله يصون الحياة الزوجية ويكوّن عائلة سعيدة ، والزوجين مُحبين لبعضهما لا وبل يشكلون جسداً واحداً مؤمناً يلتجأ الى الرب أثناء التجربة والله هو الذي يحارب في المؤمن الذي يثق به، لأن الأنسان هو ساحة للمعركة وفيه ينتصر الله المحارب على مكائد الأبليس . لأن جسد المؤمن هو الهيكل المقدس لسكنى روح الله القدوس ولهذا يُمكننا أن نستنتج من كل ما ذكرناه ، بأن المشكلة ليست في أن نُجَرَّبْ ، أنما في أن نقبل التجربة ونرضخ لها . الخضوع للتجربة مرهون بالأنجذاب الى الشهوة التي تتعشعش فينا والأنجذاب اليها هي علامة الأستسلام للأيحاء الشيطاني الذي يزرعه فينا . وهكذا فالأنسان يسقط مرتين ، الأولى داخلياً عندما يقتنع فيستسلم. والثانية خارجياً ، عندما يقرر تنفيذ خطة المجرب. وهكذا أيضاً بالنسبة الى النصرفانه يبدأ من الداخل ، فيبدأ الصمود أمام العدو ، فلا يستطيع أقتحام تلك القلوب والأفكار ، لأنها لن تستسلم له بل تستهزأ به كما فعل القديسين به بقوة مُخلصهم الفادي له المجد دائماً .
بقلم
وردا أسحاق عيسى