القيامة هى انتصار على الموت الذى ساد على جميع البشر
******************************************
بل هى نهاية للموت كما قال الكتاب آخر عدو يبطل هو الموت {1كو 15 : 26} فيها تهتف قلوب الجميع لقد مات إلى الأبد وانفتح أمام البشرية طريق الأبدية السعيدة بكل ما فيها من أفراح ومتعة روحية
الموت الذى انتصر على كل إنسان سوف تنتصر عليه القيامة العامة ولا يوجد فيما بعد سيغنى الجميع قائلين لقد مات الموت
وما أجمل ما قيل عن ذلك فى سفر الرؤيا والموت لا يكون فيما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع فيما بعد لأن الأمور الأولى قد مضت {رؤ 21 : 24}
وقد يقول البعض إن القيامة هى عودة الإنسان إلى الحياة وفى الواقع إن هذا التعبير غير دقيق فالانسان يتكون من عنصرين أحدهما حى بطبيعته وهو الروح والعنصر الآخر قابل للموت والتحلل وهو الجسد وعندما يموت الإنسان إنما يموت جسده ويعود إلى التراب كما كان {جا 12 : 7} وتعود روحه إلى اللة وتبقى حية فى مكان الانتظار إلى يوم القيامة حين تعود إلى الجسد المقام
ولأن روح الانسان تبقى حية بعد موته تكون لنا صلة بأرواح القديسين فى العالم الآخر نطلب صلواتهم من أجلنا كما يحدث أحيانا أن اللة يرسل بعض هذه الأرواح إلى عالمنا لتبليغ رسالة أو لإجراء معجزة ولأن روح الإنسان لا تموت بموته لذل نقول لك فى صلواتنا ليس موت لعبيدك بل هو انتقال ونقصد انتقال الروح إلى العالم الآخر بالقيامة ينتهى تاريخ الموت إلى الأبد ولا يكون له فيما بعد سلطان على الناس فأجساد القيامة ستكون أجساداً روحية لا يقوى عليها الموت كما أن الموت كان فى الحياة قبل القيامة هو عقوبة الخطية منذ أيام أبينا آدم وبعد القيامة لا تكون هناك خطية ولا يكون هناك موت
الأبدية بعيد القيامة هى موطن الحياة الدائمة لذلك قيل عن الأبرار إنهم
يحيون إلى الأبد أو تكون لهم حياة الأبدية
وقيل يمضى الأبرار إلى حياة أبدية {مت 25 : 46}
وهناك نوع آخر من الموت سينتهى هو موت الخطية
فالخطية تعتبر حالة موت موت روحى لأنها انفصال عن اللة الذى هو مصدر الحياة الحقيقية { يو 1 : 4 }{ يو 14 : 6 } ولذلك حسنا قال الرب لراعى ساردس المخطئ إن لك إسما أنك حى وأنت ميت {رؤ 3 : 1} وقال الأب
عن توبة ابنه الخاطئ ابنى هذا كان ميتا فعاش {لو 15 : 24} فما دامت الخطية هى حالة موت أدبى وروحى وفى الأبدية لا تكون خطية إذن سوف يزول هذا الموت بعد القيامة ولا يكون له وجود فى عالم الأبرار
والقيامة هى لون من التجلى للطبيعة البشرية ويشمل ذلك التجلى الجسد والروح كليهما معا فنقوم بأجساد روحانية نورانية سماويةغير قابلة للفساد
{1 كو 15 : 42 ،49} فهى غير قابلة للتحلل ولا للموت أجساد لا تمرض
ولا تتعب ولا تشكو ألما ولا وجعا ولا تتعبها شهوة ولا غريزة ولا تنتقلها المادة بل تكون خفيفة فى كل تحركاتها وتنقلاتها
نقوم أيضا بأجساد لا عيب فيها ولا نقص فالأعمى لا يقوم أعمى بل يعود إليه البصر والضعيف لا يقوم ضعيفا بل يمنحه اللة قوة والمشوه وغير الجميل
لا يقوم هكذا بل يلبس فى القيامة جمالا وبهاء ففى القيامة يعوض اللة الانسان على كل نقص قاسى منه فى هذا العالم الحاضر ويعطيه أن يقوم بجسد ممجد على صورة جسد مجده { فى 3 : 21 }
وهكذا الروح أيضا سوف تتجلى بالنقاء والصفاء والبساطة
تتجلى بنقاء أكثر مما كان لآدم وحواء قبل السقوط حينما كانا فى الجنة عريانين ولا يخجلان {تك 2 : 25} إذ كانا فى براءة عجيبة لا تعرف الخطية ولكن طبيعتهما مع ذلك كانت تحتمل الخطأ وفعلا أخطأ الإثنان أما فى الأبدية فسوف توجد براءة غير قابلة للسقوط وتزول من الذهن كل معرفة الخطية بل تنتهى الخطية إلى الأبد وهذا هو الذى قصده القديس بولس الرسول بقوله وأخيرا وضع لى إكليل البر الذى يهبه لى فى ذلك اليوم الديان العادل وليس لى فقط بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضا {2 تى 4 : 8}
إذن تجلى الأرواح فى الأبدية هو أن تتكل بالبر وتصير كملائكة الله فى
السماء {مت 22 : 3} براءة كاملة لا تعرف الخطية ولا تشتهيها ولا تجول
فى ذهنها إطلاقا وذلك بأن ينسى الانسان نسيانا كاملا كل ما كان فى
العالم من خطيئة ومن شر أثناء حياته فيه وهكذا يتنقى القلب والفكر تماما ويعيش الكل فى حياة روحية لهم البصيرة الروحية ولهم الحس الروحى
وليسوا فقط يتنقون من الخطأ وأنما أيضا من الناحية الايجابية تكون لهم ثمار الروح التى شرحها الكتاب بقوله وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام لطف صلاح إيمان { غل 5 : 22 ، 23 } يزول تماماً الصراع الذى كان فى العالم سواء الذى بين الناس أو الذى كان بين الروح والجسد حينما كان الجسد يشتهى ضد الروح والروح ضد الجسد وهذان يقاوم أحدهما الآخر {غل 5 : 17}
إذ يصبح الجسد والروح فى الأبدية فى خط واحد ومسيرة واحدة لا تناقض بينهما ولا صراع كما تزول الخصومات والمشاكل والمتاعب ويعيش الناس فى عالم حب وتفاهم ويكون للكل لغة واحدة يتفاهمون بها معا لعلها لغة الروح وفى حديثهم وتسبيحهم يكون لهم لسان واحد وفهم واحد وتزول الثنائية التى عاش فيها الإنسان بعد الخطيئة ثنائية الجق والباطل والحلال والحرام والصواب والخطأ لأنه سوف لا يكون فى الأبدية بعد القيامة سوى الحق
فقط ولا يكون مجال للاختيار بين طريقتين فليس سوى طريق واحد يسير
فيه الجميع ولا يعرفون غيره وبعد القيامة يعيش الأبرار فى فرح دائم
نسميه النعيم الأبدى
تابعونا في العدد التالي