ﻣﺎﺫﺍ ﺗﺰﺭﻉ ؟
ﻳُﺤﻜﻰ ﻋﻦ ﺳﻴﺪﺓ ٍ ﻣﺆﻣﻨﺔ ﻣﺤﺒﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻛﺒﺮ
ﺍﻭﻻﺩﻫﺎ ﻭﺗﺰﻭﺟﻮﺍ ﻭﺧﺮﺟﻮﺍ
ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺷﻌﺮﺕ ﻧﻮﻋﺎ ً ﺑﺎﻟﻮﺣﺪﺓ ﻭﺑﻨﻔﺲ
ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﺣﺴﺖ ﺍﻧﻬﺎ ﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖ
ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻄﺎﺀ ﻭﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ. ﻓﺎﺭﺍﺩﺕ ﺍﻥ
ﺗﺴﻜﺐ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺤﺒﺔ ٍ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻫﻢ
ﺑﺤﺎﺟﺔ ٍ ﺍﻟﻰ ﺫﻟﻚ.
ﻓﻔﻜﺮﺕ ﺑﺄﻥ ﺗﺘﺒﻨﻰ ﻃﻔﻼ ً ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺍﻟﻰ ﻣﺤﺒﺘﻬﺎ...
ﻭﻋﻄﻔﻬﺎ ﻭﻋﻨﺎﻳﺘﻬﺎ .
ﺫﻫﺒﺖ ﻳﻮﻣﺎ ً ﺍﻟﻰ ﺍﺣﺪ ﻣﻼﺟﺊ ﺍﻻﻳﺘﺎﻡ ﻭﻃﻠﺒﺖ ﺍﻥ
ﺗﺘﺒﻨﻰ ﻃﻔﻼ ً ، ﻓﺮﺡ ﺑﻬﺎ ﺟﺪﺍ ً ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ
ﻭﺍﺳﺮﻋﻮﺍ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻌﻨﺒﺮ ﺣﻴﺚ ﺍﻻﻃﻔﺎﻝ
ﻣﻮﺟﻮﺩﻳﻦ .
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺭﺁﻫﺎ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻻﻭﻻﺩ ﺍﻟﻤﺴﺎﻛﻴﻦ ﻭﻋﺮﻓﻮﺍ
ﺗﺮﻳﺪ ﺍﻥ ﺗﺨﺘﺎﺭ ﻭﺍﺣﺪﺍ ً
ﻣﻨﻬﻢ ، ﻧﻬﺾ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻓﺮﺍﺷﻪ ﻭﺍﻟﺘﻔﻮﺍ
ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻜﻞ ﻳﺤﻠﻢ ُ ﻭﻳﺘﻤﻨﻰ ﺑﺄﻥ
ﻳﻘﻊ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻫﺎ ﻋﻠﻴﻪ ِ ﻟﻜﻲ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ
ﻭﻳﺼﺒﺢ ﺍﺑﻨﺎ ً ﻟﻬﺎ . ﻟﻜﻦ ﻭﺍﺣﺪﺍ ً ﻣﻦ ﺃﻭﻟﺌﻚ
ﺍﻻﻃﻔﺎﻝ ﻟﻢ ﻳﺘﺤﺮﻙ ﻣﻦ ﺳﺮﻳﺮﻩ ﻭﻟﻢ ﻳﺄﺗﻲ ﺍﻟﻴﻬﺎ .
ﺍﺳﺘﻐﺮﺑﺖ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﺫﻟﻚ ﻭﺳﺄﻟﺖ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﺒﺐ
ﻓﺎﻗﺘﺮﺏ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﺣﺪ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻴﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﻭﻫﻤﺲ ﻓﻲ
ﺍﺫﻧﻬﺎ ﻗﺎﺋﻼ ً : ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻟﺪ ﻣﺼﺎﺏ ٌ ﺑﺸﻠﻞ ﺍﻻﻃﻔﺎﻝ
ﻭﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﺘﺤﺮﻙ ﻣﻦ ﺳﺮﻳﺮﻩ .
ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺍﺟﺎﺑﺖ ﺑﺼﻮﺕ ٍ ﻣﺮﺗﻔﻊ : ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻄﻔﻞ
ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺭﻳﺪ ﺍﻥ ﺍﺗﺒﻨﺎﻩ .
ﺷﻌﺮﺕ ﺍﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺍﻟﻴﺘﻴﻢ ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻦ
ﻭﺍﻟﻤﻬﻤﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺍﻛﺜﺮ
ﺍﻟﻜﻞ ﺍﻟﻰ ﻋﻨﺎﻳﺘﻬﺎ ﻭﺭﻋﺎﻳﺘﻬﺎ ﻓﺤﻤﻠﺘﻪ ﺑﻜﻞ ﺭﻓﻖ ٍ
ﻭﺣﺐ ٍ ﻭﺫﻫﺒﺖ ﺑﻪ
ﺍﻟﻰ ﺑﻴﺘﻬﺎ ﺣﻴﺚ ﺗﺮﺑﻰ ﻭﺗﺮﻋﺮﻉ ﻓﻲ ﺟﻮ ٍ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻭﺍﻟﺤﻨﺎﻥ ﺍﻟﻰ
ﺍﻥ ﺍﺻﺒﺢ ﺷﺎﺑﺎ ً .
ﻳﻮﻣﺎ ً ﻣﻦ ﺍﻻﻳﺎﻡ ﻫﺒﺖ ﻋﺎﺻﻔﺔ ٌ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﺟﺪﺍ ً ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺎ ﻳﻌﻴﺸﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ ، ﻭﻓﻲ ﻧﺼﻒ
ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﻧﺎﺋﻤﺔ ﻓﻲ ﺳﺮﻳﺮﻫﺎ ﻛﺎﻥ
ﺍﻟﺸﺎﺏ ﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﺳﺎﻫﺮﺍ ً ﻭﻫﻮ ﺟﺎﻟﺲ ﻓﻲ ﻛﺮﺳﻴﻪ
ﺍﻟﻤﺘﺤﺮﻙ ، ﻓﺠﺄﺓ ً ﺍﺯﺩﺍﺩﺕ ﺣﺪﺓ ﺍﻟﻌﺎﺻﻔﺔ ﻭﻛﺎﺩﺕ
ﺍﻟﻨﺎﻓﺬﺓ ﺍﻟﻤﻔﺘﻮﺣﺔ ﻣﻘﺎﺑﻠﻪ ﺗﺘﺤﻄﻢ ﻭﺷﻌﺮ
ﺑﺎﻟﺨﻄﺮ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﺧﺎﺻﺔ ً ﻋﻠﻰ ﺍﻣﻪ ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ ﺍﻟﺘﻲ
ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺗﺒﻨﺘﻪ ُ ﻭﺭﺑﺘﻪ
ُ
ﺑﻜﻞ ﻣﺤﺒﺔ ٍ ﻭﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ، ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺍﺣﺲ ﺑﺪﺍﻓﻊ ٍ
ﺷﺪﻳﺪ ٍ ﻟﻜﻲ ﻳﻌﻤﻞ ﺷﻴﺌﺎ ً ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺑﻪ ﺍﻥ ﻳﻨﻘﺬ ﻣﻦ
ﺍﻧﻘﺬﺗﻪ ﺑﺤﺒﻬﺎ ﻭﻋﻄﺎﺋﻬﺎ
ﻭﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﺍﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ﻭﺟﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺍﻗﻔﺎ ً
ﺭﺟﻠﻴﻪ ِ ﺛﻢ ﺳﺎﺭ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺸﺒﺎﻙ ﻓﺎﻏﻠﻘﻪ ﻭﺍﻧﻘﺬ
ﻧﻔﺴﻪ ُ ﻭﻭﺍﻟﺪﺗﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻄﺮ ﺍﻟﻤﺤﺘّﻢ .
ﻟﻘﺪ ﺷُﻔﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﺑﻤﻌﺠﺰﺓ ٍ
ﺍﻟﻬﻴﺔ .
ﻣﺮﺕ ﺍﻻﻳﺎﻡ ﻭﺍﺻﺒﺤﺖ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ ﻋﺠﻮﺯﺍ ً
ﺗﺠﻠﺲ ﻓﻲ ﻣﻘﻌﺪﻫﺎ ﺍﻟﻤﺘﺤﺮﻙ ﻭﺍﺻﺒﺢ ﺍﻻﺑﻦ
ﺍﻟﻤﺘﺒﻨﻰ ﻳﻐﻤﺮﻫﺎ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻏﻤﺮﺗﻪ ﺑﻬﺎ
ﻭﻳﻌﺘﻨﻲ ﺑﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﺍﻋﺘﻨﺖ ﻫﻲ ﺑﻪ ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺭﺍﺣﺖ
ﺗﺤﺼﺪ ﻓﻲ ﺷﻴﺨﻮﺧﺘﻬﺎ ﻣﺎ ﺯﺭﻋﺘﻪ ﻓﻲ ﺷﺒﺎﺑﻬﺎ