1 - هناك أشخاص يهمهم ذواتهم فقط ، ولا يهتمون بالآخرين . لا يبالون إن غضب فلان أو رضي .
أما أنت فاحرص على شعور كل أحد ، وحاول أن تكسب كل أحد ، لأن الكتاب يقول :
(( رابح النفوس حكيم )) . وان عرفت أن واحداً من الناس متضايق منك ، فلا يهدأ قلبك حتى ترضيه .
اجعل كل أحد يحبك ، وكما قال الكتاب :
(( ان استطعتم فعلى قدر طاقتكم سالموا جميع الناس )) .
لذلك قدم للناس محبتك ، واكتسب محبتهم ، واعتبر أن محبة الناس كنز ثمين يجب أن تحرص عليه .
2- وفي سبيل محبة الناس ، احترم كل أحد ، حتى من هو أصغر منك وأقل شأناً .
كثير من الناس يحترمون من هم أكبر منهم أو من هم أعظم مركزاً ، ولكنهم يتجاهلون من هم أقل منهم ، وبهذا يخسرون الكثير . أما أنت فتدرب على احترام الكل وتوقير الكل . لا تقل كلمة فيها إقلال من شأن أحد ، أو جرح لشعور إنسان . ولا تعامل أحداً باستصغار أو بأحتقار ، ولا تتجاهل أحداً مهما كان مجهولاً . درب نفسك على عبارات تقدير وتوقير بالنسبة إلى أولادك أو اخوتك الصغار أو مرؤوسيك أو خدمك ..
واعلم أن أمثال هذه العبارات سوف لا تنسى ، سيتذكرها أولئك الصغار طول العمر ،وسترفع من روحهم المعنوية ، وستجعلهم يحبونك . إن كثيراً من الكبار ينسون احترامك لهم لأنه شيء عادي بالنسبة إليهم . أما الصغار فلا ينسون . احترامك لهم عمل باق لا يضيع . واعرف أن الله لا يحتقرنا على الرغم من الفارق اللانهائي بين عظمته وضآلتنا ، والله مع ذلك يتنازل ويكلمنا ، ويتضع مستمعاً إلينا ساعياً لخلاص أنفسنا .
3- لذلك فإن تواضعك للناس هو عامل هام في كسب محبتهم لك .
لا تكلم أحداً من فوق ، ولا تتعال على أحد ، بل عامل الكل باتضاع ، فإن الناس يحبون المتضعين . إن كان لك مركز كبير ، إنس مركزك ، وعش مع الناس كواحد منهم . لا تشعرهم بفارق ..
في إحدى المرات سألني أحد الآباء نصيحة ، فقلت له : ] كن إبناً وسط اخوتك ، وكن أخاً وسط أبنائك [ ذلك لأن الاتضاع يستطيع أن يفتح حتى القلوب المغلقة ... والناس قد يخافون من هو عال وكبير بينهم ، ولكنهم يحبون من ينسى مركزه في محبتهم . اكتسب إذن محبة الناس لك لا خوفهم منك . ولا يكن هدفك أن يهابك الناس وإنما أن يحبوك . لا تطلب أن تكون فوق رؤوسهم ، وإنما اطلب أن تكون داخل قلوبهم .
ولا تظن أن تواضعك للناس ، يقلل من شأنك ، بل على العكس انه يرفعك أكثر .. تذكر قول الشيخ الروحاني : ] في كل موضع حللت فيه ، كن صغير اخوتك وخديمهم [ .. وقد قال السيد المسيح : (( من وضع نفسه يرتفع ، ومن رفع نفسه يتضع )) ... وما أجمل تلك النصيحة التي وجهها الشيوخ الحكماء لرحبعام الملك ابن سليمان الحكيم حينما قالوا له : (( إن صرت اليوم عبداً اهذا الشعب، واحببتهم وخدمتهم ، يكونوا لك عبيداً كل الأيام )) ..
4- إن أردت أن يحبك الناس ، اخدمهم ، وساعدهم ، وابذل نفسك عنهم ..
اشعرهم بمحبتك بما تقدمه لهم من معونة ومن عطاء ومن بذل . ان الذين يحبون ذواتهم ، يريدون باستمرار أن يأخذوا وأن ينالوا وأن يكسبوا . أما أنت فلا تكن
كذلك . درب نفسك على البذل والاعطاء . لتكن علاقتك بالناس تهدف إلى مصلحتهم هم لا إلى مصلحتك أنت . انظر كيف تريحهم ، وكيف تجلب السرور إلى قلوبهم ، وتدخل الفرح إلى حياتهم .. بهذا يحبونك ..
لا تظن أن الطفل هو فقط الذي تعطيه فيحبك ، بل حتى الكبير أيضاً .. الله نفسه علاقته مع الناس علاقة اعطاء وبذل ، وكذلك الرسل .. الأم محبوبة جداً لأنها باستمرار تعطي وتبذل ..
وإن لم يكن لك شيء تعطيه للناس ، اعطهم ابتسامة لطيفة وكلمة طيبة . اعطهم حباً ، اعطهم حناناً ، اعطهم كلمة تشجيع .. اعطهم قلبك .. اظهر لهم انك تريد ، وانك مستعد ، لكل تضحية من أجلهم ..
5- وإن أردت أن يحبك الناس ، قابلهم ببشاشة ولطف ..
إن الشخص البشوش شخص محبوب .. الناس أيضاً يحبون الإنسان المرح والإنسان اللطيف ، والإنسان الذي ينسهم آلامهم ومتاعبهم بكلامه العذب وشخصيته المريحة .. لذلك حاول باستمرار أن تكون بشوشاً .. حتى في عمق متاعبك وضيقاتك إنس متاعبك لأجل الناس ..
لا تكلم أحداً وأنت مقطب الوجه صارم الملامح ، إلا في الضرورة الحتمية لأجل الصالح . أما في غير ذلك فكن لطيفاً ..
كلم الناس بكل أدب وذوق ، لا تعبس وجهك ..
6- إن أردت أن تكسب محبة الناس ، لا تكن كثير الانتهار ، أو كثير التوبيخ ..
إن الكلمة القاسية كلمة موجعة تتعب الناس . والكلمة الجارحة قد تضيع المحبة وتبددها ، فلا تكن كثير الانتهار .. إن أردت أن توجه لوماً أو نصيحة ، فليكن ذلك بهدوء ووداعة وفي غير غلطة . ولا تشعر الناس بكثرة توبيخك أن تكرههم . وإن أردت أن تقول كلمة توبيخ ، فلتسبقها عبارة تقدير أو عبارة مديح أو مقدمة لطيفة تمهد
الجو لقبول التوبيخ . أو على الأقل تخير الألفاظ في توبيخك فلا يكن جارحاً مهيناً ، ولا يكن أمام الناس حتى لا يشعر من توبخه بالذل والخزي .. كذلك لا توبخ على كل صغيرة وكبيرة وإنما على الأمور الهامة فقط ، إذ لا يوجد إنسان يخلو من الزلل . ويمكنك أن توجه الناس دون أن تجرحهم . ولا توبخ كل أحد ، لأن سليمان الحكيم يقول : (( وبخ حكيماً يحبك ، وبخ مستهزئاً يبغضك )) ..
وإذا انتقدك فلا تكن قاسياً في نقدك ، إنما تكلم عن النقط الحسنة قبل أن تذكر السيئة . إذا انتقدت أحداً لا تحطمه بل كن رفيقاً به . وليكن هدف النقد هو البناء وليس الهدم ..