محور الكون
"الكون كلّو عم يدور حول سر الصليب. كلّ إنسان بيفكّر إنّو الكون عم يدور حولو هو، وهو محور الكون. الصليب هو محور الكون، واللي بدّو يكون عا محور الكون، بدّو يكون مع المصلوب على الصليب. اللي ما بيعيش سرّ الصليب ما بيقدر يدرك سرّ الكون:
"كلّ إنسان إلو شكل وكيان بالزمان والمكان، مثل قطعة الجليد، والبشر تا يحافظو على كيانن بيخافوا يقربوا من النار حتّى ما يدوبوا: شو بينفع الجليد إذا حافظ على شكلو وكيانو؟ إذا ما داب وصار مي؟ ما بيتغلغل بالأرض ولا بيروي شجر ولا بشر. ما تخافوا تقرّبوا من النار اللي بتدوّبكم لأنّو بتحوّلكم لماء حي ترووا الأرض. خلّوا محبّتكم تكون مثل السايل تغلغل وين ما كان، ما تخلّوها جامدة وتعطوها شكل وتهندسوها، ما بتمرق لمطرح.
"الملح اللي ما بيدوب ما بيملح. الملح الفاسد بيعوكر المي اللي لازم يملّحها وبيفسد الأكل. والملح الجيّد اللي بيدوب بيختفي بالمي وما بيظهر بالطعام لا شكل ولا لون ولا كيان لكن بيعطي الطعم. وإنتو ملح الأرض. إذا بتجعل حياتك ملكك وحدك بتكون رخيصة كثير، كلّ ما تعطي حياتك بتكبر قيمتها وبتبلغ كمال قيمتها لمّا بتصير ملك الكلّ. رغيف الخبز هو هو على طاولة الغني أو على طاولة الفقير. الرغيف الطيّب لمّا بيطلع من الفرن ما بيسأل مين رح ياكلو، الرغيف تا يتّاكل، الإنسان الصالح رغيف صالح. تاريخ البشر فارغ لولا الصليب، لأنّو تاريخ عابر والصليب ثابت. وتاريخك إنت بيكون فارغ بدون الصليب لأنّك عابر والمصلوب وحدو بيحييك وبيثبتك بحياة الأبد. الصليب هو اللي بيقدّسك بالزمن.
"بداية الخلق وهلق ونهاية الكون عم يصيروا كلّن، بالنسبة لألله، باللحظة الحاضرة. قدّس لحظة عمرك الحاضرة هلّق بالمحبّة بتكون عم تدرك سرّ الخلود بحضرة الله. الإنسان خالد بالمحبّة مع الله. قدّس الزمن، قدّس عمرك، قدّس كلّ لحظة من حياتك، ما تلتهي بدقّات الساعة: ما فيك توقّف دقّات الساعة، لكن فيك تكون جاهز لمّا الساعة تدقّ. يللي بيشيل الله من عمرو، من فكرو وقلبو بيسحقو الزمن وبيغرق بالموت، ومش يعني الله ما عاد موجود، يعني هو ما عاد موجود. مثل ما النور بيظهر الموجود للعيون، المسيح بيظهر الوجود للعقل وللقلب.
"بدون النور عين الإنسان عمياء عن الموجود، وبدون المسيح الإنسان أعمى عن الوجود. الله خلق المادّة وحطّ النظام، خلق العقل وحطّ الروح وأعطى الحياة، مثل ما بالمنطق والتحليل، العقل بيدرك النظام وبيعقل المادّة، بالإيمان والصلا والعبادة الحقّ، الروح بتدرك محبّة الله وسرّ الكون وبتعطي الحياة.
"في زهور بتنقطف بالربيع تا تزيّن، وفي زهور بتشيخ وبتبقى للخريف تا تبدّر، وفي زهور بتنثر أوراقها الريح تا توصّل أريجها لبعيد وتعبّق بريحتها الأرض. بكلّ حركة ألله إلو حكمة، صلّوا تا تفهموا حكمة الله وتعيشوا إرادتو، مش تا تغيّروا مشيئته. مشيئة بيّكم دايما خيركم.
"خلّيك حامل ريحة السنديان والزعتر، ما تتلوّن بألوان هالعالم وتعبق بروايحو. لمسات أصابع الله عليك أهمّ من كلّ اللي رح يلبّسك ياه العالم ويزيّنك فيه. امشي بثبات على درب القداسة، خلّي المسيح يعيش فيك، بتعيش بقلب سرّ الكون، بنبع النور" (كلمات مار شربل)