لا أريد زيارتها
لاحظت مُنى ساعي البريد يضع خطابًا في صندوق البريد، فأسرعت وأخذته، ثم قدمته لوالدتها.
قرأت الأم الخطاب ثم قالت لابنتها مُنى: "هذا الخطاب من خالتك فإنها ستحضر الأسبوع القادم وستأتي معها ابنة خالتك آن ماري".
- ولماذا تحضران؟
- إنهما يحباننا، ويريدان زيارتنا.
- أنا لا أريد زيارة آن ماري.
- لماذا؟
- أين ستنام؟
- ستنام معكِ في حجرتك!
- لا أريد أحدًا ينام معي.
- إنها ابنة خالتك، وهي تحبك.
- لا أريد حبها، لا أريد أن يدخل أحد إلى حجرتي، ويلمس اللعب، وينام معي على سريري
- إنها تحبك، ويجب أن تستضيفيها.
- أنا قلت لا، لا أريد زيارتها.
صمتت الأم قليلًا ثم قالت لها: "إنكِ لم تختبري الحب. إنني أثق أنك عندما تلتقين معها ستحبينها".
- لا، لن أحبها.
- لا تقولي هذا، فإنك لن تكوني سعيدة في كل حياتك ما لم تحبي الآخرين. لا تحكمي على شيء ما لم تختبريه أولًا.
عندئذ صمتت الأم وتركت ابنتها الطفلة الصغيرة تفكر فيما سمعته.
مرت الأيام وحضرت الخالة ومعها آن ماري فاستقبلتهما الأم بكل بشاشة، ثم فتحت باب حجرة ابنتها وقالت لها: "هذه حجرة أختك مُنى، إنها تحبك، وستتمتع باللقاء معكِ هذه الأيام، ستنامين بجوارها على هذا السرير المتسع".
لم تنطق مُنى بكلمة ولم تظهر أية علامة للترحيب بابنة خالتها.
مرّت ساعات قليلة وجاء وقت النوم، فقالت مُنى لآن ماري: "سأسمح لكِ بالنوم على السرير، لكن لا تلمسيني؛ لتنامي في طرف السرير".
- أنا لست سمينة، والسرير متسع، وسآخذ طرف السرير.
- احذري من أن تلمسيني!
- لا تخافي، سأكون كعصفور صغير لا يأخذ حيزًا من السرير.
- لا تلمسي أية لعبة في الصباح ما لم أذن لك.
- لن ألمس شيئًا!
بينما كانت مُنى عبوسة كانت آن ماري مبتسمة جدًا.
أعطت مُنى ظهرها لآن ماري وأخذت جنبًا من السرير.
لكن آن ماري لمست بيدها كتف مُنى وقالت لها: "كيف تنامين دون أن تمارسي أية لعبة؟"
بعبوسة صرخت مُنى في وجهها وهي تقول: "ألم أقل لكِ لا تلمسيني؟!"
ابتسمت آن ماري وهي تقول: "إنني آسفة، لكن لا أنام قط أنا وأخي الصغير ما لم نلعب معًا لعبة "
ضرب الوسائد".
- ماذا تعنين؟
- هلم كل منا تمسك بوسادة وتضرب أختها؛ إنها تسلية لطيفة، هلم نجربها.
أمسكت كل منهما بوسادتها وصارت تضرب أختها على وجهها، فتظاهرت آن ماري أنها مغلوبة
وبدأت تسقط بظهرها من على السرير، فصارت مُنى تضحك. بدأ صوت ضحكهما يعلو.
فسمعت الوالدتان ذلك فتعجبتا، وانطلقتا نحو الحجرة لتنظرا ماذا حدث؟
إذ شعرت الطفلتان باقتراب الوالدتين تظاهرتا بأنهما نائمتان،
وعانقت كل منهما الأخرى وأغمضتا أعينهما، وكتمت كل منهما أنفاسها.
فتحت الوالدتان باب الحجرة وأدركتا ما يحدث. لكنهما تظاهرتا بأنهما لا تفهمان ما يحدث،
ثم خرجتا من الحجرة.
قامت الطفلتان وصارتا تلعبان معًا إلى فترة طويلة،
وفي الصباح طلبت مُنى من آن ماري أن تتصرف كما تشاء في الحجرة.
ارتبطت الطفلتان معًا بالحب، ولم يفترقا ليلًا ونهارًا.
انقضى الأسبوع وجاء موعد سفر آن ماري، فصارت مُنى تبكي
وتطلب منها أن تعود ثانية وهي تقول لها: "لم أشعر بالسعادة كل أيامي مثلما شعرت بها في هذا الأسبوع".
بعد أيام قالت منى لأمها: "لقد عرفت يا أمي السعادة الحقة.
أود أن يشاركني كل إنسان فيما لديّ. العطاء والحب هما سرّ السعادة.
انتزع مني روح الأنانية، لأرى في الكل أخوة.
ليشاركني الكل فيما وهبتني.
فأشاركك اتساع قلبك يا إلهي.
هب لي الحب الحقيقي،
فأعيش سعيدًا كل أيام غربتي