الثّمن مدفوع بالكامل :
ـ=============
كان هناك شابّا من أسرة ثريّة ، وقد ٱقترب موعد تخرّجه من الجامعة .
وكان يحلم منذ شهور عديدة بسيّارة رياضيّة فاخرة رآها في أحد المعارض
، ولعلمه أنّ والده لديه من الأموال ما يمكنه به شراء كلّ ما يريد ،
فقد أبدى له رغبته الشّديدة في ٱمتلاك هذه السّيارة .
وٱنتظر الشّاب يوم تخرّجه بفارغ الصّبر ، منتظرا علامة من والده تفيد بأنّه ٱشترى له سيّارة أحلامه .
وأخيرا أتى اليوم الذي طال ٱنتظاره ، وٱستدعى الأب ٱبنه في مكتبه الخاص ،
وقال له كم هو فخور به ! وكم يحبّه ، وكم هو ٱبن بارّ !
ثمّ أعطاه علبة مغلّفة على شكل هديّة جميلة . أخذ الشّاب الهديّة بمزيج من الدّهشة وخيبة الأمل ،
وفتحها فوجد إنجيلا مغلّفا بغلاف من الجلد الفاخر وعليه أوّل حروف إسمه مكتوبة بالذّهب .
غضب الشّاب وصرخ بمرارة في وجه أبيه : على الرّغم من كلّ أموالك ،
فكل ما ٱستطعتَ أن تقدّمه لي هو مجرّد إنجيل ؟
وترك الإنجيل وٱندفع خارجا ولم يعد .
لم يتّصل الشّاب بأبيه لمدة طويلة جدّا ، ومرّت سنوات طويلة ،
تزوّج على إثرها الشّاب وكوّن أسرة جميلة ، ونجح في عمله وٱمتلك منزلا رائعا .
وذات يوم فكّر في والده ، وأدرك أنّه قد تقدّم به السّن جدّا وربّما يكون محتاجا إليه في شيخوخته ،
فقال في نفسه لأقوم وأذهب إلى زيارته .
و لكن قبل أن ينفّذ قراره ، وصلت إليه برقيّة تخبره بوفاة والده !!
وبأنّه قبل وفاته قد نقل إليه كلّ أملاكه . ٱنطلق الشّاب مسرعا إلى بيت أبيه ،
وما أن دخل حتّى ٱمتلأ قلبه حزنا وندما شديدا .
وفي مكتب والده وجد الإنجيل الذي تركه منذ سنين كما هو .
فتحه والدّموع تسيل من عينيه ، وبدأ يقلب في صفحاته ،
وبينما كان يتصفّحه إذ سقط من غلافه شيء معدني ٱرتطم بالأرض ،
وٱنحدرت دموعه كالسّيل على خدّيه عندما رأى أنّ به مفتاح السّيارة الرّياضية التي كان يحلم بها !!
وعلى ميداليّة المفتاح بطاقة عليها عنوان المعرض ،
وتاريخ تخرّجه من الجامعة ، وعبارة : '' الثّمن مدفوع بالكامل '' . !
كم من مرّة ضيّعنا من بين أيدينا نِعم وبركات أعطاها الله لنا لمجرّد أنّها أتت من طريق غير
الذي كنّا نتوقعه ..؟
فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً ،
فَكَمْ بِالْحرِيِّ أَبُوكُمُ الذِي فِي السَّمَاوَاتِ يَهِبُ خَيْرَاتٍ للذِينَ يَسْأَلُونَهُ ؟
ـ متى 7 : 11 ـ