رغدة نائب المدير العام
عدد المساهمات : 18519 تاريخ التسجيل : 10/01/2014 العمر : 51 الموقع : لبنان
| موضوع: القضاء والقدر (من وجهة نظر مسيحية ونظرة الى القدريين) الإثنين يناير 13, 2014 5:27 pm | |
| القضاء والقدر (من وجهة نظر مسيحية ونظرة الى القدريين) (موضوع يمس الايمان)
رغم من نمو مبادئ الحرية والتمحور حول الإنسان في زمننا الحاضر, إلا أن الإيمان بالقدر والنظرة القدرية للحياة ما تزال حاضرة بقوة حتّى عند المسيحيين , بما تحمله هذه النظرة من تصّور خاطئ عن الله. فالله بحسب القدريين أشبه بإلهٍ سادي، متعته التحكم بمصائر الناس, وضربهم بالمصائب, حتّى أنه يتحكم بأدق التفاصيل إن كانت خيراً أم شراً. و يلاحظ أن كلمة الله أصبحت تترجم (القدر) بقصد أو بغير قصد، عدا عن ازدياد تعلّق الناس بمعرفة (قدرهم) بطرائق مختلفة ... أمام هذه النظرة القدرية لله والحياة المناقضة للإيمان المسيحي لا بد من الرجوع إلى الجذور, حيث دافع آباء الكنيسة بعلمهم وإيمانهم عن مبدأ حرية الاختيار وقدرة الإنسان على صنع قراره, مظهرين صورة الله المُحب والمحتِرم لحرية الإنسان حتّى في وقوعه بالخطيئة. فسبق أن واجه العديد من الآباء هذه القدرية المتمثلة بعصرهم بالغنوصية أو بذوي المعتقدات الفلكية و غيرها... وكان من أبرزهم العلاّمة اوريجانوس الاسكندري, الذي جعل حرية الاختيار أساساً لنظرته إلى الكون والإنسان في وجه قدرية الغنوصية, مستعملاً في ذلك أسلوبه العلمي والمنطقي المميز وذلك في كتابه الشهير في المبادئ تحت عنوان "حرية الاختيار". فبدأ بتفصيّل حركة الكائنات بأنواعها ومنشئها مصنفاً إياها لأربعة أنواع: ففي الكائنات من يتلقى حركته من الخارج كالحجارة, وأخرى تمتلك بذاتها علّة حركتها كالنبات, والثالثة تتحرك بالغريزة كالحيوانات, وأخيراً الكائنات العاقلة الحرة بحركتها. و على هذا يؤكد اوريجانوس على حرية الحركة عند الكائن العاقل المبرر بامتلاك العقل, فالحرية ملازمة للعقل الذي يملك القدرة على التمييز بين الخير والشر و بالتالي الاختيار بينهما. ورغم وجود ظروف خارجية لا سلطة للإنسان عليها إلا أنه "ما من أمر يحدث قبل أن يمدّه الإدراك برضاه" (1). كما أن نفي حرية الإرادة يجعل سبب الخطأ من طبيعة الجسد وهذا ينافي التربية بأنواعها, فالعقل قادر على استخدام المؤثرات الخارجية إما للخير أو الشر. لكن اوريجانوس لا يكتفي إلا بالدفاع المستند على الكتاب المقدس وذلك بنصوص كتابية تدعم حرية الاختيار, فمن العهد القديم يعطي شواهد كما في موسى: "جعلت أمامك طريق الحياة و طريق الموت فاختر الخير و سر في دربه" (تثنية15/19:30) وكذلك ميخا النبي (8:6). ومن العهدالجديد: "من يسمع أقوالي ويعمل بها يشبه إنساناً حكيماً بنى بيته على الصخر, ومن يسمع أقوالي ولا يعمل بها يشبه إنساناً أحمق بنى بيته على الرمل" (متى 24:7، وكذلك متى39:5, متى 34:25).. أما القديس بولس في رسالته لأهل روما (4:2) يتحدث عن حرية اختيارنا للخلاص أو للهلاك. ولكن على كثرة الشواهد الداعمة لحرية الاختيار في الكتاب المقدس يوجد شواهد أخرى اعتمدها الغنوصيون لنفي حرية الاختيار في الكتاب نفسه, ما جعل اوريجانوس يعرض شواهد الغنوصيين و يناقشها ليظهر روح النص الحقيقية. فهم الغنوصيون مثلاً قول الله لفرعون: "أما أنا فسأقسي قلب فرعون" (خروج21:4, 3:7) على أن الله جعل القساوة في قلب فرعون فلا يوجد عند فرعون حرية اختيار هلاكه, فأخذ اوريجانوس فهم الغنوصيين للنص واستعمل نفس مفرداتهم في دفاعه لإثبات خطئهم وهي الطبيعة الهالكة (الأرضية), فيقول: "إن كان فرعون عاصياً بالطبيعة فلماذا يحتاج أن يقسي قلب فرعون فهو قاسي أساساً؟".. فمن خلال اسلوب اوريجانوس المميز ومعرفته العميقة للكتب والفلسفة استطاع أن يؤكد على حرية الاختيار وإثبات عدالة الله وصلاحه ومن ثم محبته. غير أن سؤالاً يبقى مطروحاً هو: كيف يمكن لله الكلي القدرة والمعرفة أن لا يعلم بمصائر خليقته والأحداث المرافقة لحياة الإنسان والكون؟ فنجد جواباً يرضينا عند القديس يوحنا الدمشقي الذي تحدث عن الله الذي يعلم كل شيء لكنه لا يسبق فيحدد كل شيء، "فهويسبق ويعرف ما هو باستطاعتنا ولكنه لا يسبق ويحدده فهو لا يشاء حدوث الشر ولا يقتصر الفضيلة (2) فعدم تدخل الله في اختياراتنا لا ينفي معرفته المسبقة لها. هذه المعرفة المسبقة لا تلغي حرية الاختيار بل تعززها لأنها معرفة يغمرها حب الله الامتناه "ولا يسع الحب أن يتناول غير كائنات حرة" (ا. جولي, الإيمان مغامرة) وعلى هذا يبقى الإنسان حراً في خياراته تصحُبه عين مُحبة ساهرة على خيره رغم نتائج خياراته. في النهاية، الكتب المقدسة و فكر الآباء جميعها تدعو الإنسان، الذي خلقه الله على صورته حراً ,عاقلاً,وملكاًعلى الأرض بما فيها؛ لتحمل مسؤوليته في مواصلة عمل الخلق ولا يتهرب منها متستراً بنظريات القدر. [/size]
| |
|
نصيف خلف قديس خادم الكل
عدد المساهمات : 6708 تاريخ التسجيل : 10/01/2014 الموقع : الكويت
| موضوع: رد: القضاء والقدر (من وجهة نظر مسيحية ونظرة الى القدريين) الإثنين يناير 13, 2014 7:20 pm | |
| | |
|
رغدة نائب المدير العام
عدد المساهمات : 18519 تاريخ التسجيل : 10/01/2014 العمر : 51 الموقع : لبنان
| موضوع: رد: القضاء والقدر (من وجهة نظر مسيحية ونظرة الى القدريين) الثلاثاء يناير 14, 2014 11:15 am | |
| | |
|
زائر زائر
| موضوع: رد: القضاء والقدر (من وجهة نظر مسيحية ونظرة الى القدريين) الخميس يناير 16, 2014 5:00 am | |
| |
|
رغدة نائب المدير العام
عدد المساهمات : 18519 تاريخ التسجيل : 10/01/2014 العمر : 51 الموقع : لبنان
| موضوع: رد: القضاء والقدر (من وجهة نظر مسيحية ونظرة الى القدريين) الخميس يناير 16, 2014 2:14 pm | |
| | |
|