لمست طرف رداءه, فوقف نزيف دمها (لوقا ٨ : ٤۰ - ٥٦)
هذا هو الأحد الثالث من زمن الصوم المقدس.
فيه نكتشف وجه يسوع الرب والمحب وجهاً يلاقي البشر في بؤسهم، فيحول البؤس هذا إلى سلاح وفرح.
لا يذكر الإنجيلي لوقا البشير اسم المرأة المصابة بنزيف دم إذاً هي تمثّل فئة كبيرة من المجتمع.
وبحسب الشريعة، نزف الدم عند المرأة، في ميعاده أو في غير ميعاده، يُعتبر نجاسة، ولا أحد يحق له أن يلمسها أو أن يلمس مكاناً قد لمسته, ومن الطبيعي الخجل من حالتها.
منذ اثنتي عشرة سنة :
هو رقم أسباط إسرائيل الإثني عشر، ورقم عمر يسوع لدى إطلالة له بعد الولادة والختانة والتقدمة في الهيكل .
في الوقت عينه، هو رقم الرسل، نواة العهد الجديد، ورقم ما بقي من كسر، اثنتا عشر قفة.
المنزوفة في وضعها, تعاني منذ اثنتي عشرة سنة ولم يقدر أحد من الأطباء على شفائها اللاقدرة عند الانسان، يقابلها قدرة يسوع.
دنت من وراء يسوع أي بل خفيةً.
فهي لا تريد أن يعرف بها أحد، وهذا الأحد ممنوع عليه لمسها، وهي بدورها لا تمس أحداً ولكن تعلم أن قوةً من يسوع تشفي، وبفعل نجاستها، عليها أن تسرق الشفاء من لمس طرف رداء يسوع، وهي المؤمنة بحقيقة المسيح.
ماذا لمست المرأة ؟
طرف رداءه أي الهدب الذي كان اليهود يزيدونه على لباسهم.
وهذا الهدب، عند اليهود، يذكـّر بالوصايا:
مُرهم أن يصنعوا لهم أهداباً على أذيال أثوابهم مدى أجيالهم .
فترونه وتذكرون جميع وصايا الرب وتعملون بها (عدد ١٥/٣٨-٣٩)
فالمنزوفة قد لمست الشريعة التي يحملها يسوع، فشُفيت من شريعة يسوع في حين أن شريعتها تعلنها نجسة.
فبدون يسوع والإيمان به، تبقى الشريعة ناقصة وعاجزة عن منح الخلاص.
إن التمسك بهدب ذيل الثوب، من أجل نيل الخلاص، هو علامة أزمنة الخلاص :
إنه في تلك الأيام سيتمسك عشرة الناس بذيل ثوب يهودي قائلين :
إننا نسير معكم فقد سمعنا أن الله معكم" (زكريا ٨/٢٣)
وفي قصة المنزوفة، لقاء بين مسيح منتظر وبين بائسة تنتظر الخلاص.
فالشفاء تم فوراً، وهذا علامة:
لا بقوة إنسان، بل بقوة الله، لأن قوة قد خرجت من يسوع.
هي قوة إلهية، وهي نفسها قد ظلّلت مريم ونقلت يسوع إلى الجليل.
إنها القوة التي بها علّم يسوع وطرد الأرواح النجسة وحقق الشفاءات.
ولدى شفائها، صارت المنزوفة مبشّرة أمام الشعب لأنها أعلنت عمّا قام به يسوع.
ويسوع جعل منها ابنة، أي ابنة وعود العهد القديم بالخلاص الذي يتحقق الآن في المسيح.
فالخلاص يرتبط مباشرة بالإيمان، والإيمان، بلسان يسوع خلّص المنزوفة من واقعها، أما مفاعيله فهو السلام، هذا السلام المرتبط بيسوع وبكل تدبيره الخلاصي