للتأمل : لأن الله يعمل ولا ينام.
فقد خلق العالم وجعلنا أولياء فيه وإنه يخلص اليوم العصاة الفاسدين ويدعونا لنقل خلاصه إلى الضالين.
وهو مقدسنا بروحه القدوس، لنسبحه من أعماق قلوبنا، خادمين المساكين. فأعمدة الأخلاق المسيحية هي الاجتهاد والحركة والخدمة والتضحية.
لأن ربنا ليس صنماً متجمداً مملاً. بل إنه المحبة العاملة. وكل من يثق بالله، يحرره من الروح الاتكالي لآخر درجة من النشاط.
لقد منحك العقل لتستنتج من نظام الطبيعة ترتيب العمل والجهد.
فبدون اجتهاد وبذل، لا نجاح ولا أجر.
فمن الطبيعي أن النملة تعمل وتجاهد في سبيل طعامها، وإلا تموت جوعاً في الشتاء.
لذلك يجب على التلاميذ في المدرسة أن يتعمقوا بدروسهم بدقة وتركيز.
وإن على العامل أن يقوم بواجباته بكل أمانة وضمير. وإلا يفقد عمله.
ولا تنس أن القاعدة الرسولية تقول :
إِنْ كَانَ أَحَدٌ لا يُرِيدُ أَنْ يَشْتَغِلَ فَلا يَأكُلْ أَيْضاً»(٢تسالونيكي ٣: ١٠)
فكل استعطاء وإعطاء عيب، إلا في حالة المرض أو الشيخوخة.
إنما الشباب وذوو الصحة، فليحمدوا الله بأعمالهم ومخافتهم له.
وإنه لشرف كبير، أن تتسخ أثناء شغلك اليدوي في مهنتك. وفخر لك عند الله أن تنزع الزبل من وراء البقر في المزارع. ولا تقدر على بنيان أرضك وفداء صحرائك إلا بعرق جبينك، وجهد مستمر وتضحية في الأجيال.
فما السادة ولا الموظفون هم أسس الشعب، بل الفلاح العامل بيديه.
فهو ركن الامة الركين. والروح القدس يشاء تغيير فهمك الأدبي لعملك.
وقد غسل يسوع أرجل تلاميذه المتسخة.
فلماذا تترفع عن عمل دنس؟
إن المزارع الأمين يفضله الله على مدير المكتب، الجالس كسولاً وراء مكتبه. ويشرب قهوة، تاركاً الآخرين يشتغلون عوضاً عنه.
فإن محبة الله تحررنا إلى العمل وتخلصنا من الكسل المنتن.
انظر إلى الأشخاص والبلدان والحضارات، حيث حل روح المسيح في القلوب.
هناك تعم النظافة والنظام والاجتهاد.
وكل من يشتغل هو محترم.
وانظر إلى البلدان، حيث لم يحل روح المسيح بعد. فهناك تعم الاتكالية والكسل واستغلال المساكين.
فالمؤمن لا يستخدم أخاه الإنسان عبداً لأمنيته.
لأن محبة الله تجعلنا عبيداً لمسرة جيراننا وخيرهم.
ومن هذا الروح، ينبع السلام والتقدم والفرح.
إن المسيح هو الرجاء الوحيد لعالمنا الكسلان