المسيح شجرة الحياة!
******
"الحق الحق اقول لكم ان لم تقع حبة الحنطة في الارض وتمت فهي تبقى وحدها.
ولكن ان ماتت تأتي بثمر كثير" (يوحنا 12: 24)
يدرك المؤمن أنه لم يكن ممكنا خلاص البشرية من دون التضحية
التي قدمها المسيح المتجسد من خلال
عذابه وصلبه. المسيح الفادي يطلب من المؤمنين حاملي صليبه الإقتداء به والسير على طريق الجلجلة
بفرح وشجاعة ورجاء لأنها توصل في نهاية المطاف إلى الخلاص.
إن التضحية التي قدمها المسيح دون تذمر في تحمله العذاب والإهانة والموت هي التي أعطت وتعطي ثمارا وافرة.
إن حبة الحنطة التي ماتت ودفنت وأعطت حبا كثيرا للعالم كله هي يسوع نفسه.
لقد ضحى يسوع المتجسد بذاته في سبيل البشرية لإعتاقها من نير العبودية ومن أوزار الخطيئة الأصلية،
فمات على الصليب، ودفن في القبر، وقهر الموت وكسر شوكته،
وقام حيا من بين الأموات، فكان بموته وعذابه ودفنه وقيامته مصدر الحب الكثير،
وينبوع النعم الغزيرة التي سوف تستمر بالتدفق على البشرية حتى انقضاء الدهر.
إن النعم التي يمنحها يسوع للذين يؤمنون به ويعتمدون باسمه ويحافظون على وصاياه تؤهلهم
لأن يتمتعوا بالحياة الإلهية على الأرض وبالسعادة الأبدية في الملكوت السماوي.
أراد يسوع أن يكون المؤمن بتعاليمه على مثاله حبة الحنطة التي تقع في الأرض
وتموت وتدفن وتأتي بحب كثير، فدعاه إلى أن يرفض حب حياته الأرضية خشية أن يفقدها في الآخرة،
وإلى أن يبغضها في هذا العالم رغبة منه في الحصول على الحياة الأبدية.
وقد عبر عن هذه الدعوة بأسلوب واضح ومباشر وقوي جدا لم يكن أحد يتوقعه،
فكان له تأثير عميق في نفوس من سمعوه وأمنوا برسالته ولا يزال وقع كلامه يسكن قلوب
وعقول وضمائر المؤمنين. فمن أحب حياته فقدها ومن أبغضها في هذا العالم حفظها للحياة الأبدية.
و "إن الذين ينقادون لروح الله يكونون أبناء الله حقا" (رومة 8/14 ).
يسوع الذي عرف سمو التضحية وذاق شدتها وصعوبتها لن يدع المؤمن الذي يحملها إكراما له
من دون مكافأة وهو الذي قال لتلاميذه الذين ضحوا بكل شيء في سبيله: "
أنتم الذين تبعتموني في جيل التجديد تجلسون على اثني عشر عرشا،
وتدينون أسباط إسرائيل الإثني عشر" (متى 19 / 27-29).
إذا المعنى واضح، ومرسل لقلبك ... إن لم تقبل حبة الحنطة أن تخضع لقصد الله منها،
إن لم تقبل أن تخضع لمشيئته في أن تموت، فإنها ستظل وحيدة بلا نفع،
وحتما سيأتي وقت تتحلل فيه، وتتآكل وتفنى.
لكن إن قبلت الحبة قصد الله، إن خضعت،
إن قبلت أن تقع، إن قبلت أن تنسى ذاتها وتموت فهي تصير نافعة جدا،
تتحول إلى نبات أو شجرة وتأتي بثمر كثير.
المسيحيون المؤمنون هم أبناء الرجاء والإيمان والتقوى والشجاعة والصمود والشهادة.
ومع النبي أيوب نقول: "الرب أعطى والرب أخذ فليكن اسم الرب مباركا".
فهذا، إذن، هو طريقنا وليس آخر، والمسيح نفسه الذي هو إلهنا ومعلمنا وقدوتنا،
هو أول من سار فيه حتى النهاية!
† "تعرفون ألحق والحق يحرركم" †