04.17.2014
القدّيس الشهيد في الكهنة أنيقيطس الحمصي، أسقف رومية
(القرن 2م)
هو الأسقف الحادي عشر على رومية إذا حسبنا القدّيس بطرس أوّلهم. خلف القدّيس بيوس الأول. وُلد، فيما يبدو، في حمص السورية. ذُكر أنه استشهد، من أجل المسيح، بعد وفاة الإمبراطور الروماني أنطونيوس بيوس المكنى بـ "التقي" بشهر واحد. قيل أن جلوسه على سدّة الأسقفية دام إحدى عشر سنة وأربعة أشهر وثلاثة أيام.
وقد سام تسعة أساقفة وسبعة عشر كاهناً وأربعة شمامسة. أُحصي، في السنكسار الرومي، في عداد الشهداء رغم أن ظروف استشهاده غير معروفة. ولا يّستبعد بعض الدارسين أن يكون قد اعتّبر شهيداًَ لا لأنه قضى بشهادة الدم بل لأنه كابد آلاماً وضيقات كثيرة من أجل الإيمان بيسوع.
أفسافيوس القيصري في كتابه الخامس (الفصل 24) من كتابه عن تاريخ الكنيسة نقل ما ذكره القدّيس إيريناوس، أسقف ليون، في بلاد الغال بين العامين 178 و200م عن أنيقيطس. مناسبة الكلام كانت أن فيكتور، رئيس كنيسة رومية (189– 198م) حاول أن يقطع بوليكراتس أسقف أفسس وأساقفة آخرين، على أبرشيات في آسيا الصغرى، من وحدة الكنيسة العامة كهراطقة.
كما كتب رسائل أعلن فيها حرم جميع الإخوة هناك. السبب كان تمسّك تلك الكنائس بالعادة القديمة المتّبعة فيها في شأن الاحتفال بعيد الفصح في الرابع عشر من شهر نيسان، في أي يوم وقع، نظير الفصح اليهودي، من دون العادة المتّبعة في بقية الكنائس وهي الاحتفال بالعيد في الأحد الذي يلي الرابع عشر من نيسان.
الخطوة التي اتّخذها أسقف رومية، فيكتور، يومذاك، لم تلق استحسان بقية الأساقفة. الكثيرون اعترضوا. وقد عكس أفسافيوس اعتراضهم بقوله: لكن هذا لم يرضِ جميع الأساقفة فطلبوا إليه أن يراعي ما هو للسلام وأن يراعي وحدة ومحبّة الجوار. ولا تزال كلماتهم موجودة، وفيها توبيخ عنيف لفيكتور.
ومن هؤلاء الأساقفة إيريناوس الذي أرسل رسائل باسم الإخوة في بلاد الغال، الذين كان يترأس عليهم وحقاً... فعل إذ نصح فيكتور بأن لا يقطع كنائس لله برمتها حافظت على تقليد عادة قديمة لأن النزاع ليس محصوراً في اليوم فقط بل بطريقة الصوم أيضاً. فالبعض يظنّون أنه يجب أن يصوموا يوماً واحداً وغيرهم يومين وغيرهم أكثر.... ويضيف إيريناوس في رسالته إلى فيكتور "هذا الاختلاف في حفظ الصوم لم ينشأ في أيامنا بل في أيام آبائنا، قبل ذلك بوقت طويل...
ومع ذلك فقد عاش جميع هؤلاء في سلام ونحن أيضا نعيش في سلام مع بعضنا البعض. وعدم الاتفاق في الصوم يؤيّد الاتفاق في الإيمان". عند هذا الحدّ من الكلام يشير إيريناوس إلى أسلاف فيكتور الذين تعاطوا الخلاف بروح السلام فيقول: "بين هؤلاء كان المشايخ قبل سوتير، رئيس الكنيسة التي تديرها أنت الآن، نعني أنيقيطس وبيوس وهيجينوس وتلسفوروس وزيستوس...
هؤلاء مع أنهم لم يحفظوه أرسلوا العشاء الربّاني لمن حفظوه في الأبرشيات الأخرى". ويتابع إيريناوس الكلام فيقول: وعندما كان المغبوط بوليكاربوس في رومية، وقت أنيقيطس، واختلفا قليلاً في بعض أمور أخرى، حلّ السلام بينهما في الحال، دون أن يتشاجرا بصدد هذا الأمر. فإن أنيقيطس عجز عن إقناع بوليكاربوس بالعدول عن اتّباع ما كان يمارسه دوماً مع يوحنا الرسول ربّنا وباقي الرسل الذين اختلط بينهم، كذلك عجز بوليكاربوس عن إقناع أنيقيطس بحفظه، إذ قال إنه يجب أتّباع العادات التي مارسها المشايخ قبله. ورغم أن الحالة كانت على هذا الوجه فقد احتفظا كلاهما بعشرتهما معاً وتنازل أنيقيطس عن خدمة العشاء الربّاني في الكنيسة لبوليكاربوس كعلامة احترام وافترقا في سلام، من حفظ ومن لم يحفظ، محتقظين بسلام كل الكنيسة.
إلى ذلك ورد عن أنيقيطس أنه قاوم العرفانية وسواها من الهرطقات كالمرقيونية. يُذكر أن العرفانية هي الموقف الفلسفي الذي يقول بأن معرفة المرء لحقائق الوجود هي المستمدّة من طاقات المرء الذاتية وقدراته، فيما المرقيونية هي القول برفض إله العهد القديم باعتباره إله الشريعة وهو غير إله المحبّة المتكلّم في العهد الجديد. كذلك تقصر المرقيونية الكتب القانونية، كتب العهد الجديد، على عشر من رسائل القديس بولس، بالإضافة إلى صيغة خاصة لإنجيل لوقا. وتجعل إنسانية الرب يسوع وآلامه ظاهرية.
ومن الذين شهدوا لأنيقيطس، إضافة إلى أفسافيوس القدّيس إيريناوس والقدّيس إيرونيموس.
تاريخ وفاة أنيقيطس غير محدّد بدقّة. أقرب التواريخ هو العام 161م. وقد دُفن في مدفن القدّيس كليستوس. يصوّرونه، في العادة، وبالقرب منه عجلة يُظنّ أن القصد منها الإشارة إلى أداة التعذيب الذي ربما تعرّض له.