وما هو هذا التعبير العملي للحب؟
******************
إنه العطاء والبذل، حتي الموت.
نحب المحبة التي تصعد علي الصليب، المحبة التي تصل إلى الموت من أجل من تحبه،
أو على الأقل تكون مستعدة قلبياً أن تصل إلي الموت وأن تبذل ذاتها.
...
انظروا في التوبة وفي مقومة الخطية، كيف أن الرسول يعاتب أهل العبرانيين ويقول: "
لم تقاوموا بع حتي الدم، مجاهدين ضد الخطية" (عب 12: 4).
أتريد أن تحب الله؟ ينبغي إذن أن تحبه حتي الدم..
تقاوم الخطية حتي الدم. تصعد علي الصليب.
تصلب ذاتك "تصلب الجسد مع الأهواء والشهوات" (غل 5: 24" تصلب العالم داخل قلبك،
فلا يتحرك في داخلك.
وتصلب ذاتك، فلا تتحرك هذه الذات طالبه أن تظهر. هنا يبلغ الحب غايته.
وهنا تفتخر علمياً بصليب ربنا يسوع المسيح، وتقول عنه "هذا الذي به قد صلب العالم لي، وأنا
للعالم" (غل 6: 4).
نتعلم من صليب السيد المسيح، أن نحب وأن نبذل.
ولا يمكن أن نحب وأن نبذل إلا إذا أنكرنا ذواتنا.
إن السيد المسيح، قبل أن يبذل ذاته، أخلي ذاته أولاً وأخذ شكل العبد..
إذن إذا أحببت، وأردت أن تبذل، عليك أن تخلى ذاتك أولاً من كل محبتك لنفسك وشعور بذاتك..
أي أن تتواضع، وتأخذ شكل العبد وحينئذ يمكنك أن تبذل..
وثق أن البذل هو التعبير الحقيقي عن الحب:
أبونا إبراهيم أبو الآباء، ظهرت محبته لله بالبذل .
فبدأ أولاً بأن ترك من أجل الله عشيرته ووطنه وبيت أبيه، وجال وراء اله متغرباً يعيش في خيمة.
ومع ذلك فإن حب إبراهيم لله، لم يظهر في قمته إلا حينما وضع ابنه الوحيد عل المذبح، مع الحطب،
وأمسك بالنار وبالسكين، لكيما يقدمه محرقة لله..
هناك عوائق قد تحاول منع الإنسان من البذل:
مثال ذلك: محبة الراحة،محبة الكرامة ومحبة الذات..
أما الحب الحقيقي، فلا يعرف لذاته راحة ولا كرامة إلا في تحقيق محبته.
وهكذا يبذل كل شئ لأجل من تحب.
يعقوب أبو الآباء، عندما أحب راحيل، بذل من أجلها الشيء الكثير..
تعب من أجلها عشرين سنة تحرقة الشمس بالنهار، والبرد بالليل..
وكانت هذه السنوات في نظره كأيام قليلة من أجل محبته لها. (تك 31: 40)، "تك 29: 20).
أن المحبة تستطيع أن تعمل الأعاجيب.
المحبة تحتمل كل شئ، وتبذل كل شئ.
إن كنت لا تستطيع أن تبذل، فأنت إذن تحب ذاتك، وليست تحب غيرك..
وإن عاقتك الكرامة عن البذل، فأنت إذن تحب الكرامة أكثر وهكذا أيضاً إن عاقتك محبة الحياة،
أو محبة الحرية..
حينما أحب دانيال الرب، لم يجد مانع من أن يلقي في جب الأسود الجائعة،
ولم يمنعه الخوف، ولم يرى حياته أغلى من الحب.
كان الحب في قلب دانيال، أقوى من الخوف، وأغلي من الحياة.
و الثلاثة فتية بالمثل في محبتهم لله، لم يجدوا مانعاً من أن يلقوا في أتون النار.
استهانوا بالنار وبالموت وبالحياة، لأجل الله، والقديس بولس الرسول،
قال في التعبير عن محبته للمسيح: "خسرت كل الأشياء، وأنا أحسبها نفاية،
لكي أربح المسيح" و"ما كان لي ربحاً، فهذا قد حسبته من أجل المسيح خسارة،
بل إني أحسب كل شئ أيضاً خسارة من أجل فضل معرفة يسوع المسيح ربي" (في 3: 6-8).