(( وللوقت خرج دم وماء .....بئراً جديدة انفتحت على الجلجثة )) (( فصحيات ....95 ))(( من المعلوم أن الدم يتجلط عقب الموت...فكيف خرج الدم والماء والى ماذا يرمز كل منهما ؟))
جاء في انجيل يوحنا ( فَأَتَى الْعَسْكَرُ وَكَسَرُوا سَاقَيِ الأَوَّلِ وَالآخَرِ الْمَصْلُوبِ مَعَهُ.
33 وَأَمَّا يَسُوعُ فَلَمَّا جَاءُوا إِلَيْهِ لَمْ يَكْسِرُوا سَاقَيْهِ، لأَنَّهُمْ رَأَوْهُ قَدْ مَاتَ.
34 لكِنَّ وَاحِدًا مِنَ الْعَسْكَرِ طَعَنَ جَنْبَهُ بِحَرْبَةٍ، وَلِلْوَقْتِ خَرَجَ دَمٌ وَمَاءٌ.
35 وَالَّذِي عَايَنَ شَهِدَ، وَشَهَادَتُهُ حَقٌ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ لِتُؤْمِنُوا أَنْتُمْ.
36 لأَنَّ هذَا كَانَ لِيَتِمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «عَظْمٌ لاَ يُكْسَرُ مِنْهُ».
37 وَأَيْضًا يَقُولُ كِتَابٌ آخَرُ: «سَيَنْظُرُونَ إِلَى الَّذِي طَعَنُوهُ».....يوحنا 19 )
لقد أثبتت الأبحاث المتطورة في عصرنا الحاضر على الكفن المقدس المحفوظ في تورينتو بايطاليا أن رأس الحربة اخترق الجنب الأيمن بين الضلعين الخامس والسادس دون أي كسر لتنفذ من خلال غشاء التامور الى عضلة القلب والماء هو المصل المتجمع تحت غشاء التامور والضاغط على عضلة القلب
الدم من داخل تجويف القلب الذي أصابه الهبوط بسبب النزيف المستمر
ومن المعلوم أن الدم يتجلط عقب الموت ، فخروج الدم والماء اشارة الى أن السيد المسيح قد ذاق الموت بالجسد بناسوته أما لاهوته لم ينفصل قط لا عن جسده ولا عن نفسه ، لذلك ظل الجسد حيا باللاهوت وهو التفسير لهذه الظاهرة الفريدة
وقال الراهب كاراس المحرقي في كتاب " رحلة الألام "عن طعنة في جنب المصلوب
ويذهب اليهود إلى بيلاطس البنطيّ، ويطلبون منه أن تُكسر سيقان المذنبين الثلاثة كما اعتادوا ويُرفعون ليُدفنوا (يو31:19)، فيجيب بيلاطس طلبهم ويُرسل مجموعة من العسكر إلى ساحة الصلب، لكي يكسروا سيقان المذنبين ويتأكدوا أنَّهم قد ماتوا، وكان هذا يُعد عمل رحمة للمصلوبين لكي يعّجلوا بموتهم.
فكسروا سيقان اللصين المذنبين وبعد أن أتمّوا هذا العمل جاءوا إلى يسوع، وكانت الأدلة تُشير بوضوح إلى أنَّه قد مات، ولم تعد بعد حاجة إلى كسر ساقيه، خاصة وأنَّ واحداً من العسكر طعن جنبه بالحربة، الأمر الذى يكفي بمفرده أن يقضى على القدوس، حتى لو لم يكن قد فارق الحياة، فلمَّا طُعن بالحربة للوقت خرج من جنبه دم وماء!
وكأن بئراً جديدة انفتحت على الجلجثة لكـى تروينا بماء الحياة وتخلصنا بدم الفداء، وكما يقول القديس مارإفرآم السريانيّ: " لقد تدفق من الجنب الإلهيّ قوة سرية حطّمت الشيطان مثل داجون " (1صم1:5-5).
ويبدو أنَّ مُعلمنا يوحنَّا قد حرص على تدوين هذه الحادثة، لأنَّه يرى فى عدم كسر ساق المسيح وفى طعنه بالحربة فى جنبه تدخلاً إلهياً، تمت به نبوتان من العهد القديم فيقول: " لأَنَّ هَذَا كَانَ لِيَتِمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: عَظْمٌ لاَ يُكْسَرُ مِنْهُ " (يو36:19)، وهذا قد ذُكر عن خروف الفصح الذى كان رمزاً للمسيح، فخروف الفصح كان ينبغي أن يكون ذَكَراً وبلا عيب، ليُشير إلى قداسة المسيح ولا يُكسر عظم منه إشارة إلى أنَّه سيُقدّم نفسه كفارة كاملة عن البشرية (خر12).
وفى طعنة الحربة يرى البشير إتمام نص كتابى أخير فيستطرد قائلاً: " وَأَيْضاً يَقُولُ كِتَابٌ آخَرُ: " سَيَنْظُرُونَ إِلَيَّ الَّذِي طَعَنُوهُ " (يو37:19)، أمَّا الكتاب الآخر فهو سفر زكريا النبيّ الذى جاء فيه: " وَأُفِيضُ عَلَى بَيْتِ دَاوُدَ وَعَلَى سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ رُوحَ النِّعْمَةِ وَالتَّضَرُّعَاتِ فَيَنْظُرُونَ إِلَيَّ الَّذِي طَعَنُوهُ " (زك10:12) لقد طعنوا ابن الإنسان بحـربة ولكن من قبلهم قد طعنـه الدهر، عندما أفرغ سهام الألم فى صدره!
هذا وقد تأمل كثيرون من آباء الكنيسة القدامى فى خروج الماء والدم من جنب المصلوب البار فقال القديس كيرلس الأورشليميّ: " إنَّ المُخلّص إذ قد فدى العالم بالصلب، لمَّا طُعن فى جنبه أعطى الدم والماء، حتى إنَّ البعض فى أيام السلام يعتمدون بالماء، والآخرين فى أيام الاضطهاد يعتمدون بصبغة دمائهم، أي بدم موتهم ".
أمَّا القديس أُمبروسيوس فقد قال: " بعد الموت يتجمّد الماء فى أجسادنا، ولكن من الجسد الذي لا يفسد مع أنَّه ميت نبعت حياة للكل، الماء والدم اللذان خرجا منه، الماء للاغتسال والدم للفداء ".
ويقول قداسة البابا شنودة حول خروج الدم والماء من الجنب المطعون
عندما طعن السيد المسيح بالحربة ، خرج من جنبه دم وماء ( يو 9 : 34 ) وقد شهد القديس يوحنا الحبيب بهذه الحقيقة فى رسالته الأولى ( 4 : 6 )
وقال أيضا ( والذين يشهدون فى الأرض هم ثلاثة : الروح والماء والدم . والثلاثة هم فى الواحد ) ( 1 يو 4 : 8 ) ما اعجب هذه الآية فى موضوع خلاصنا . فما سرها ومعناها ؟
معناها أن الخلاص الذى قدمه المسيح بالدم ، على الصليب ، تناله أنت بالماء والروح فى المعمودية ...
ويشهد لخلاصك هؤلاء الثلاثة : الروح والماء والدم . بدون الدم لا حياة ، لانه بدون سفك دم لا تحصل مغفرة ( عب 9 : 22) ولكن كيف تنال هذا الخلاص المقدم لك بالدم ؟ يقول السيد المسيح ( من آمن واعتمد خلص ) ( مر 16 : 16 ) وفى المعمودية يولد من الماء والروح
( يو 3 : 5 ) وينال مغفرة الخطايا ( أع 2 : 38 )
والماء والدم ، نراهما أيضا فى سر الافخارستيا .....
حيث أن الكاهن فى صلاة القداس الالهى يمزج الخمر بالماء . ويقول فى صلوات القداس
( وكذا الكأس بعد العشاء ، ومزجها من خمر وماء ... ) وبهذا الدم الذى نتناوله ممزوجا بالماء ، ننال الحياة . ونرى فى كل منهما علاقة بالحياة ، فى الدم وفى الماء ولكن قبل تذكارات هذا التناول أود أن اختم بكلمة عن اللقان عن غسل الأرجل ....
لما طعن الجندي جنب المسيح وهو علي الصليب، خرج من جنبه (دم وماء) (يو24:19).
فما الحكمة اللاهوتية من هذا؟
خرج من جنبه الدم الذي يعطي معني الفداء. ولكن كيف ننال نحن هذا الفداء نناله بالماء (المعمودية) لذلك حسن أن أجتمع علي الصليب الدم والماء، ليعطي الوسيلة للفداء.
إن دم المسيح الذي يطهرنا من الخطية نناله بالماء. ما أجمل – في سر الأفخارستيا – أن نمزج الدم بالماء.
ولعل موضوع الدم والماء يظهر واضحًا في قول القديس يوحنا الحبيب الذي شهد هذا الحادث (خروج الدم والماء) وهو إلي جوار الصليب:
(الذين يشهدون في الأرض هو ثلاثة: الروح والماء والدم. والثلاثة هم واحد (1يو8:5). إن الفداء الذي نناله توضحه هذه الآية.
الفداء قدمه لنا الدم (دم المسيح). ونحن ننال استحقاقات هذا الدم بالميلاد من الماء والروح.
إذن في المعمودية تجتمع هذه الثلاثة في الشخص الواحد المعمد: أعني الدم والروح والماء.
أما في المجيء الثاني للسيد المسيح فقد قال الرسول يوحنا في سفر الرؤيا ( هوذا يأتي مع السحاب وستنظره كل عين والذين طعنوه وينوح عليه جميع قبائل الامم
أمين يا رب كيف نقترب من مجد جنبك المطعون ، ليت روحك القدوس يهدينا كما في أرض مستوية
انفتح جنبك يا ربي لكي أتطهر وأتقدس وتدخل نفسي التي يطاردها ابليس عميقا في محاجيء صخرك في ستر معاقلك فجنبك المطعون هو مدينة الملجأ الحقيقية
انفتح جنبك يا رب لتدخل نفسي داخلك فتجد راحتها وهناك تعطيني حبك وأعطيك حبي تكون لي وانا لك أيها الراعي بين السوسن