أنواع القيامة
الموت لا يعني فقط الموت الجسدي، فهناك نوعان من القيامة: قيامة الموتى وقيامة الأحياء.
قيامة الموتى:
قيامة الموتى معروفة، وهي قيام الميت من الموت ليصبح حيًا مرة أخرى. والسيد المسيح أقام 3 من الأموات: أقام ابنة يايرس وهي في البيت، وأقام ابن أرملة نايين وكانوا سائرين به في الشارع، وأقام لعازر وهو داخل القبر.
قيامة الأحياء:
أما قيامة الأحياء، فمعناها كما قال الشاعر:
ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء
ومعنى "ميت الأحياء" أي أنه حي لكنه معتبر ميت.
جميع الخطاة موتى روحيًا وإن كانوا يحيون جسديًا:
والكتاب المقدس يتكلم كثيرًا عن هذا الموت الروحي المحتاج إلى إقامة. حيث يقول: "وَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، الَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلًا" (رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 2: 1). ويقول في نفس الإصحاح: "وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 2: 5).
فكل واحد سائر في الخطية معتبر عند الله ميت، ومحتاج أن يقوم من الأموات، مهما كان في وظيفة كبيرة، ومهما كان يعمل مشروعات كبيرة، لكنه معتبر عند الله ميت. لأن الله هو الحياة، فالرب يسوع المسيح يقول: "أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ" (إنجيل يوحنا 11: 25). "أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ" (إنجيل يوحنا 14: 6). فما دام هو الحياة يكون المنفصل عنه بالخطيئة، منفصل عن الحياة، يعتبر ميت. والله هو النور حيث يقول: "أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ" (إنجيل يوحنا 8: 12). فالمنفصل عنه يكون منفصل عن النور، ويعيش في الظلمة. فيكون الخاطئ أمام الله فاقد للحياة ويعيش في الظلمة لذلك يقول: "اسْتَيْقِظْ أَيُّهَا النَّائِمُ وَقُمْ مِنَ الأَمْوَاتِ فَيُضِيءَ لَكَ الْمَسِيحُ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 5: 14). أي استيقظ وقم من الأموات لأنك ميت.
هؤلاء الذين يعتبرون كأنهم أموات لأنهم يعيشون في الخطيئة، حتى لو ظهر أنهم يقومون بأي أعمال صالحة من الخارج السيد المسيح قال عنهم: إنهم يشبهون: "قُبُورًا مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً، وَهِيَ مِنْ دَاخِل مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ" (إنجيل متى 23: 27).
هذه القيامة التي هي قيامة الأحياء تكون بالتوبة، والله يريد ذلك، لأنه يقول في الكتاب: الله لا يريد موت الخاطئ بل أن يخلص ويحيا، ونص الآية: "وَهُوَ لاَ يَشَاءُ أَنْ يَهْلِكَ أُنَاسٌ، بَلْ أَنْ يُقْبِلَ الْجَمِيعُ إِلَى التَّوْبَةِ" (رسالة بطرس الرسول الثانية 3: 9). وهناك آية جميلة في أعمال 11 تقول: "إِذًا أَعْطَى اللهُ الأُمَمَ أَيْضًا التَّوْبَةَ لِلْحَيَاةِ" (سفر أعمال الرسل 11: 18) لكي يحيا هذا الميت روحيًا بالتوبة. والتوبة ليس معناها أن يترك الخاطئ خطاياه فقط، ولكن أن يصنع أثمارًا تليق بالتوبة وهذا ما نادى به يوحنا المعمدان قائلًا: "فَاصْنَعُوا أَثْمَارًا تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ.. وَالآنَ قَدْ وُضِعَتِ الْفَأْسُ عَلَى أَصْلِ الشَّجَرِ، فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَرًا جَيِّدًا تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ" (إنجيل متى 3: 8). والرب بنفسه نادى بالتوبة فقال: توبوا فقد اقترب ملكوت السموات.
هناك طريق للحياة وطريق للموت:
لقد أعطى الرب حرية إرادة فهناك إنسان يختار الحياة وإنسان يختار الموت. الذي يختار الحياة هو من يسير في الفضيلة. ولكن الذي يختار الموت هو من يسير في الخطيئة. والسيد المسيح يقول: إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون.
أطلب من الرب أن يتوبك:
إن لم تستطع أن تتوب فصلي قائلًا: توبني يا رب فأتوب. وهذه الآية الجميلة وردت في سفر أرميا ونصها: "تَوِّبْنِي فَأَتُوبَ، لأَنَّكَ أَنْتَ الرَّبُّ إِلهِي" (سفر إرميا 31: 18).
كذلك يقول الرب: "ارْجِعُوا إِلَيَّ، يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ، فَأَرْجِعَ إِلَيْكُمْ، يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ" (سفر زكريا 1: 3). وأذكر أنني في محاضرة حوار مع الله قلت عن هذه الآية: أنت تقول يا رب "ارجعوا إلي فأرجع إليكم" فكيف نرجع إليك دون أن ترجع أنت إلينا. وأريد أن أعقب على ما قلته سابقًا وعلى العتاب في حوار مع الله "ارجعوا إلي فأرجع إليكم"، "ارجعوا إلي" أي بإرادتكم اقبلوا النعمة التي أعطيها لكم لكي ترجعوا إلي فأرجع إليكم، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. لذلك تدخل النعمة لتقيم الخاطئ وتخلصه، "بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 2: 5).
إذًا التوبة قيامة للأحياء تخلصهم من عثرات الحياة الدنيا، ومن حروب الشياطين ومن أعوان الشياطين.
نفس الكلام الذي قلناه على قيامة الأحياء ينطبق أيضًا على غير المؤمنين وعلى الملحدين والأمم والكنعانيين والسامريين، على كل من كانوا بعيدين عن الله. الله دخل في حياتهم وحولهم.
أيضًا كما قلت، لأنه لا يشاء موت الخاطئ مثلما أن يرجع ويحيا، خلصهم المسيح لأنه قال: "لأَنِّي لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ" (إنجيل متى 9: 13).
الخاملين أحياء بالجسد ولكنهم أموات روحيًا:
بقي أيضًا من موت الأحياء الناس الخاملين الذين يكون حضورهم مثل عدم حضورهم، فحضورهم لا يضيف شيئًا. الدليل على الحياة هو الحركة، الشخص الحي يتحرك في كل اتجاه. لكن هؤلاء لا يتحركوا في العمل الطيب أبدًا. وجودهم مثل عدمه. لذلك قال الله عن هؤلاء الخاملين في سفر إرميا: "مَلْعُونٌ مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَ الرَّبِّ بِرِخَاءٍ" (سفر إرميا 48: 10).
كونوا إذًا نشطاء وكاملين في عمل الرب ولا تكونوا من الموتى الأحياء الذين هم أحياء ويحسبون موتى.