جهنم لم تعد لنا
+ليتنا نرجع إلى الله، أيها الحبيب، ونتمم مشيئته. فقد خلقنا وأوجدنا لنكون شركاء في الحياة الأبدية وليس لكي يطرحنا في جهنم أو يسلمنا للنار. لأن جهنم للشيطان وليست لنا، وأما نحن فقد أعد لنا الملكوت منذ زمن بعيد.
+وفي شرح هذه الحقائق، قال السيد للذين عن اليمين: "تعالوا يا مباركي أبى رثوا الملكوت المعدّ لكم منذ تأسيس العالم" (مت 25: 40). وأما الذين عن اليسار فيقول لهم: "إذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية"، وهنا لم يقل: "المعدة لكم"، بل "المعدة لإبليس وملائكته" (مت 25: 41).
+ليتنا لا نحرم أنفسنا من الدخول إلى حجرة العروس. فطالما نحن في هذا العالم، مهما كانت خطايانا بلا حصر، فيمكن غسلها بالتوبة الصادقة عما ارتكبناه.
+أما عندما نرحل إلى العالم الآخر فلن تنفعنا أعمق توبة، ولو صررنا على أسناننا وقرعنا صدورنا ونطقنا بكل عبارات الاستغاثة. فإنه لن يبرد أجسادنا المحترقة بقطرة ماء ولا بطرف إصبعه، ولن نسمع سوى تلك الكلمات التي قيلت في مَثل الغني: "بيننا وبينكم هوَّة عظيمة" (لو 16: 26).
+لذلك أطلب إليك أن تشفى حواسك حتى تعرف الله كما ينبغي أن يُعرف. لأن الرجاء لا يتبدد إلا في الهاوية، حيث يصير العلاج عديم الفائدة... أما هنا فمتى استخدمناه، ولو كنا مُسنِّين، فإنه يجلب لنا قوة عظيمة.
لهذا فإن الشيطان يستخدم كل الطرق حتى يبذر فينا بذور اليأس، لأنه يعلم أننا إن تُبنا، ولو قليلاُ، فسننال مكافأة. وكما أن الذي يقدم كوب ماء بارد لا يضيع أجره. هكذا مَنْ يقدم توبة عن شروره التي ارتكبها ولو لم تكن بقدر ما تستلزمه شروره، فإنه لا يضيع أجره. فالحاكم العادل لا يغفل عن أي شيء صالح، مهما كان صغيرًا. لأنه إن كان في يوم الدينونة يدقق في خطايانا، حتى أنه يحاسبنا عن كل كلمة وكل فكر، فبالأكثر جدًا يدقق في أعمالنا الصالحة، سواء أكانت كبيرة أو صغيرة...
من كتاب :ستعود بقوة أعظم
رسالة من القديس يوحنا الذهبي الفم
إلى ساقط يائ
س