جـــعــــــت فــــأطـــعمتمــــو نـــــي
ذهب أحد الخدام الأتقياء إلي الكنيسة ليلا لحضور قداس العيد ..
و عند دخوله الكنيسة و جد إنسانا فقيرا متواضع الحال بسيط المظهر ووجد الخدام يحاولون منعه
من الجلوس في المتكآت الأولي لأنها مخصصة لكبار الدولة و كبار الزوار
الذين يحضرون لتهنئة الكنيسة في الأعياد و لمــــا فشلــــوا فــــي إقــــناعــــــــــه
تدخل هذا الخادم التقي و نجح في إقناعه و اصطحبه إلي آخر المتكآت و جلسا وسويا و صليا القداس .
ثم بعد القداس استأذن هذا الإنسان الفقير من الخادم التقي وتظاهر بالانصراف إلي حال سبيله .
و لكن الخادم التقي أشفق عليه ورقت له أحشاؤه ففكر أن يأخذ بركة بسببه ,
فعرض عليه بإلحاح أن يفطرا العيد سويا و امسك به بشدة و قال في داخله : "
ما الفائدة أن أفطر العيد بمفردي أو مع الأهل و الأصدقاء.؟!؟!؟!
البركة و السعادة و الشبع الحقيقي أن أشبع الجوعان .
و تذكر قول المسيح له المجد ."جـــعــــــت فــــأطـــعمتمــــو نـــــي " (مت 25 :35 )
و اصطحب الخادم التقي هذا الإنسان الفقير في فرح و سعادة إلي منزله ..
ولكن سرعان ما وجدت هذه السعادة الروحية ما يحاول إطفاؤها ..
إذ اعترض أهل هذا الخادم التقي علي تصرفه بشدة!!!
و اتهموه بعدم الحكمة إذ كان يكفي أن يعطيه صدقة و يتركه يمضي و ليس من الضروري دخول إنسان
لا يعرفونه إلي منزلهم . و بعد إصرار و مباحثات نجح هذا الخادم التقي أن يستضيف ضيفه الفقير
في بدروم المنزل . و لأن هذا الخادم غير متزوج لذلك فضل أن لا يترك ضيفه الفقير يفطر بمفرده
فقام بإعداد مائدة صغيرة تسعهما هما الاثنان معا.
ثم جلسا معا الفقير و الخادم لتناول إفطار العيد سويا .
ويقول هذا الخادم التقي ( الذي ترهب بأحد الأديرة عقب هذه الحادثة مباشرة)
معلقا علي ما حدث علي المائدة... يقول كنت متوقعا منطقيا من هذا الإنسان الفقير البسيط
أحد تصرفين علي المائدة : إما أنه يخجل في البداية و ينتظر من يقدم له الطعام كأحد الضيوف.
أو أنه ينقض علي المائدة ليفترسها دون أي مقدمات كأحد الفقراء البسطاء أمام إغراء المأكولات
و أمام جوعه و حرمانه.. ويضيف الخادم التقي و لكن الذي حدث عكس هذا و ذاك و إذ بهذا الإنسان
الفقير يمد يديه في منتهي الرضي و الاتزان و يمسك رغيف عيش (خبز)
و في هدوء يرفع عينيه الي فوق و في وقار يكسر الخبز و يا للعـجــــب و الـروعــــــــــة
إذ أنني أفاجأ بوجود ثقبين في يديه . و الدهشة أنه بعد كسر الخبز اختفي عني في التو و الحال ..
إنه المسـيـح الذي يريد أن يتكئ علي موائدنا و نحن نرفض في قسوة و غباوة و عجرفة...
إن أردت فلتقبله بهيئته البسيطة و منظره المتواضع. إخوتي الأحباء في الرب...
إن كنتم تريدون أن يكسر المسيح لكم الخبز فلا تمدوا أيديكم إلي موائدكم .
ولا يهنأ لكم بال إلا بعد أن يكسر الفقير أولا الخبز علي موائدكم ..
نعم هو الرب الذي عرفنا بذاته قائلا: "الحق أقول لكم ما فعلتموه بأحد أخوتي الأصاغر فبي قد فعلتم
" (مت25 :40)