ماذا كان يقصد السيد المسيح على الصليب بقوله: "قد أكمل"
********************
"يا أبتاه في يديك أستودع روحي" (لوقا 46:23)
لقد أكمل الرب عمله على الصليب. كما أكمل عمله الذي كان له قبل الصليب.
وبقي له عمل آخر ليعمله بعد أن يسلم الروح على الصليب. بقي أن "يسبي سيبا،
ويعطي الناس عطايا" (أف 4: 8 ).
بقي أن ينزل إلى الجحيم ويبشر الراقدين على الرجاء.
وينقل هؤلاء القديسين الراقدين من الجحيم إلى الفردوس،
فاتحا أبواب الفردوس المغلقة منذ أيام الخطية الأولى ...
لذلك اذا أتم الفداء، لم يعد هنك داع للتأخير. عليه إذن أن يخرج من هذا الجسد
ليكمل عمل الخلاص الخاص بالراقدين أيضاً.
فليسلم الروح إذن في يدي الآب حتى يمكنه أن يعمل الأعمال التي موعد عملها بعد الموت.
وهكذا صرخ بصوت عظيم "يا أبتاه فى يديك أستودع روحي" ..
فى يديك أنت استودعها، وليس فى يدي غيرك ...
"رئيس هذا العالم يأتي، وليس له في شيء" (يو 3: 14)
أنا من عند الآب خرجت، وأتيت إلى العالم، وايضا أترك العالم وأرجع إلى الآب (يو 28:16).
كم أشتاق رئيس هذا العالم أن يحصل على هذه النفس، أن يقبض عليها كسائر الأرواح التي في السجن.
ولكنه لن يقدر على هذه النفس بالذات التي سيستقبلها الآب فى يديه.
نفس هذه لا يستطيع أحد أن أن يأخذها مني.
لى سلطان أن أضعها، ولي سلطان أن آخذها أيضا (يو. 17:01، 18).
أن روح لعازر المسكين عندما خرجت من جسده حملتها الملائكة (لو 22:16).
وروح العذراء حملها المسيح أما روح المسيح فيحملها الله الآب.
يقول معلمنا متى الرسول أن المسيح "صرخ بصوت عظيم"
(متى 5: 27)
وأسلم الروح. فماذا نفهم من عبارة "صرخ بصوت عظيم."
لا شك أنه من الناحية الجسدية كان في منتهى الانهاك والأرهاق.
بعد كل تعبه في حمل الصليب حتى وقع تحته، وبعد تعب الجلد واللطم والصلب،
وبعد أن سال ما في جسده من دم وماء، وبعد أن جف حلقه حتى قال "أنا عطشان".
كيف صرخ بصوت عظيم وقد لصق لسانه بحنكه؟ ان صراخه في ساعة الموت "بصوت عظيم"
دليل على أنه له قوة أخرى فوق قوة الناسوت، اي دليل على لاهوته.
صراخه بصوت عظيم دليل على انتصاره، لانه بالموت داس الموت وقهره.
هذه الصرخة زعزعت الشيطان وقهرته.
حقا كان في موت المسيح، نصرة، نصرة الفادي الذي أستطاع أن يخلص العالم كله،
ويسحق رأس الحية ... وفي عبارة "في يدك استودع روحي"
طمأنينة عظيمة لنا من جهة خلود الروح. إنها لا تنتهي بالموت ...
الموت بالنسبة له مجرد عبور أو انتقال من حياة إلى حياة. انما المهم في الموضوع كله هو:
اين تستقر الروح بعد موتها؟
إن اطمأن الانسان على هذه النقطة، استقبل الموت بفرح، وقال:
"لي اشتهاء أن انطلق."
وانت أيها الأخ: هل انت مطمئن على مصير روحك هل عندما تلفظها
- بعد عمر طويل - ستودعها في يدي المسيح، أو ستحملها الملائكة مثل روح لعازر؟
أم سيقبض عليها الشيطان ويقول "انها لي. كانت من جندي، تعيش في طاعتي ...
لذلك سآخذها لتكون معي".
أطمئن يا أخي إذن أين ستذهب روحك. ضع أمامك باستمرار تلك الأغنية الجميلة "
لتمت نفسي موت الأبرار، ولتكن آخرتي كآخرتهم" (عدد 109:23).
أستودعها في يديه من الآن بالبعد عن كل دنس، وبالالتصاق كل حين بالرب.
كن كملائكة الكنائس السبع الذين كان الرب ممسكا بهم فى يده اليمنى.
ضع نفسك أنت ايضا في يدي المسيح. وتأكد أنه سيسمعك صوته الجميل وهو يغني "
أنا أعطيها حياة أبدية، ولن تهلك إلى الأبد، ولا يخطفها أحد من يدي"
(يو 28:1، 29).
وكلما تحاربك الخطية بفكر أو شهوة، أسأل نفسك في صراحة:
هل روحي الآن في يد الأب...؟
† "تعرفون ألحق والحق يحرركم" †