أمي العذراء
في آخر السبعينات وفي أحد ليلي الميلاد في لبنان ، ذهبت مع أمي لشراء الطعام لتحضيره لعشاء ليلة الميلاد ، وبينما كنا نمشي على جانب الطريق وعند وصولنا إلى قرب أحد الدكاكين إذا
بالصراخ والقتال داخل هذا المحل ، وفجأةً بصاحب الدكان يحمل البندقية الرشاشة ، ويصرخ بأعلى صوته على الذي كان في الداخل أخرج من هنا ، فوقفت أنا وقلت لأمي "دعينا نتفرج !" وإذ
بأمي تصرخ فيا وتمسك يدي بقوة عظيمة ، وتقول أسرع من هنا … وبينما كنا نركض إذ بطلقات الرصاص من بعدنا … فمن بعد التسوق عدنا طريقنا وإذا بالرصاص على الجدار المكان الذي
كنت أرغب في مشاهدة هذا العمل الإجرامي . واليوم أتذكر هذه الحادثة بولع ، فتعلمني دروس وحكم في اللاهوت والحياة أبتدأً من عمل أمي العذراء في حياتي وصولاً إلى مار شربل للحياة .
- فأمي الأرضية كانت كأمي السماوية ، التي في حياتنا الروحية نمشي معها على الطريق التي هي المسيح ، فعند المخاطر وخيبة الأمل والكسل والرذائل ، نحن نريد أن نتفرج ونكون من
المشاهدين وبينما أمنا تعرف ما هو الذي يخلصنا من حيل العدو الغافلة ، ومن الشيطان الذي يصلي لنا كالأسد (كما يقول ما بولس) فعندما نكون مع أمنا العذراء في صلاة الوردية ، هي تعتني
بنا لأن يسوع أعطنا ما نحتاجه في حياتنا الروحية من العناء الأمومي إلى الغذاء الجسدي (الأفخارستية).
- والدرس الأهم هو الحرب على الحياة ، وحتى لو لم أرى هذه الحرب المستترة ، هذا لا يعني أنها ليست موجودة ، كما ولو كانت المرأة حامل ولا ترى الطفل الذي في أحشاءها هذا لا يعني
أنها ليست حامل ، والذي في داخلها ليس إنسان أو غير موجود ، كما والإجهاض الذي يتم في الخفية ، فهذا لا يعني أنه لا يموت طفلين كل ثانية في العالم لأني في هذه الحرب لا أقدر أن أكون
من المتفرجين على القتل ، لأنه قد أموت أنا فيها، أما أكون أنا من يطلق النار على أخي الإنسان ، أو أصفق للموت ، أو أكون من يمشي على الطريق والحق والحياة مع أمي العذراء ، التي
لا تقبل أن أكون من المتفرجين ، فتمسك يدي وتسرع بي إلى الخلاص. هكذا أمنا تريد منا أن نمسك نحن أيضاً بيد البابا يوحنا بولس الثاني بحقيقة الحياة والأخطار التي تهددها وتهدد العائلة
المسيحية والكنيسة والعالم، وبأيدي أختنا وأخينا
وكل الذين لا يعرفون بأنهم سوف يموتون هم أيضاً في هذا العراك، ومعاً نتمسك بأمنا التي تسرع بنا إلى أبنها يسوع المسيح. ونكون كلنا شبكة
المحبة في العالم .