من له أذنان للسمع، فليسمع!
********
هكذا قال السيد المسيح: "من له أذنان للسمع، فليسمع" (مت 13 : 43)
ذلك لأن هناك من لهم آذان، ولكنهما لا تسمعا.
وعن أمثال هؤلاء قال السيد المسيح: "لأنهم مبصرين لا يبصرون وسامعين لا يسمعون ولا يفهمون".
فقد تمت فيهم نبوة إشعياء القائلة "قلب هذا الشعب قد غلظ وآذانهم قد ثقل سمعها" (إش 6 : 10).
**
فما السبب في أن هؤلاء لهم آذان ولكنها لا تسمع؟
السبب الأول هو أن قلوبهم قد غلظت، محبتهم قلت ...
الذي يحب الله، يحب أن يسمع عنه. والذي يحب الخير يحب أن يسمع عنه.
فإن فقد هذا الحب، وانشغل قلبه بمحبة مضادة، فإنه لا يحب أن يسمع عن الله، ولا عن الفضيلة ...
يصير السماع ثقيلا على أذنيه.
وإن قيل له شيء، لا يدخل أذنيه، ولا يدخل فكره ولا قلبه. إنه ليس على مزاجه ...
كالشاب الغني (مت 19 : 22).
"سامعين لا يسمعون"
مثل أهل سادوم، حينما أنذرهم لوط.
ومثل الابيقوريين والرواقيين الذين كلمهم بولس الرسول، فقالوا: "
ترى ماذا يريد هذا المهذار أن يقول؟" (أع 17 : 18).
لعل هذان المثالان يذكرانا أن الكبرياء تمنع الأذن من السماع.
تقف حائلا دون سماع كلمة الله.
هكذا كان كلام السيد المسيح يكشف رياء الكتبة والفريسيين، ويقدم تعليما أعلى من تعليمهم،
كما كان كلام الرب فيه الروح، بينما كلامهم فيه الحرفية لذلك كانوا لا يريدون أن يسمعوه.
**
إن العناد أيضا والتشبث بالرأي، يمنع الأذن من السماع.
مهما كان الرأي قويا ومقنعا، فإن الأذن لا تسمعه، ما دام الإنسان متشبثا برأيه.
ولذلك فإن بعض كلام المسيح ما كان يرفضون سماعه فحسب، بل كانوا يرفعون الحجارة ليرجموا قائله
(يو 10 : 31) وكانوا يصفونه بأنه ضال، ومضل ومجدف.
**
الخوف أيضا يمنع الأذنان من أن تسمعا.
كان بيلاطس يعتقد أن السيد المسيح بريء، بل وأنه بار (مت 27 : 24)
ومع ذلك منعه الخوف من أن يستفيد من نصيحة زوجته له: "إياك وهذا البار" (مت 27 : 19)
ولعل الخوف أيضا منع كثيرا من ولاة الرومان من الإيمان. الخوف سد آذانهم.
**
ما أجمل قول الرب لتلاميذه الأطهار: "أما أنتم فطوبى لآذانكم لأنها تسمع" (مت 13 : 16).
إنها الأذن التي ينبع سماعها من قلب فيه إيمان وتسليم، وفيه حب،
وفيه أتضاع قلب لا يعاند ولا يرفض ولا يتشبث بحكمة بشرية وبمعرفة خاصة.
وفيه رغبة للسماع مثل مريم أخت مرثا. أما النوع المضاد فيرفض كل نصيحة وكل كلمة.
له آذان ولكنها ليست للسمع!
(من كتاب كلمة منفعة - البابا شنوده الثالث)
† "تعرفون ألحق والحق يحرركم" †