فلاح والثمرة غير المثمرة
يروي أن فلاحاً زرع بعض شجيرات التين، في أرض صالحة، وتعهدها بالعناية والرعاية، فنمت جميعاً وأثمرت. لكن واحدة فقط بين جميع الأشجار، ظلت ضعيفة ذابلة، لا تحمل ثمراً ؛. ومر صاحب الحقل يتفقد نتاج أرضه، فاستلفتته هذه الشجرة العقيمة، فقد أخذت من العناية ما أخذته جميع الأشجار، لكنها من دونهم أخلفت ما كان متوقعاً منها ؛ فقال صاحب الأرض للزارع : إقطع هذه الشجرة، لماذا تتركها ؟
إنها تشغل مساحة من الأرض الغالية، وتستنفذ المال والجهد بلا فائدة ترجي، فاقطعها الآن. ونظر الزارع إلي صاحب الأرض وقال : أيها السيد ، أنت علي حق فيما تقول، فالشجرة الخضراء المثمرة أحق بالرعاية من الشجرة الضعيفة التي لا ثمر لها، والأرض غالية، والجهد كبير.
لكنني أرجوك أن تتركها هذه السنة أيضاً، ولسوف أعتني بها عناية خاصة، وابذل فيها جهداً مضاعفاً، فإنني أرجو أن تأتي بثمار كثيرة حلوة كغيرها من الأشجار. إني أشفق عليها، ولا يسعدني أن أراها مجرد أغصان جافة تُقتلع للوقود؛ لماذا يا سيدي أطعم جهدي وتعبي للنار ؟
وترك صاحب الأرض الشجرة كرغبة الزارع، فأقبل عليها، ونقب الأرض حولها، ووضع لها المخصبات، وأجزل لها من عنايته وجهده، وراح يراقب، وينتظر، في صبر وأمل. ولابد أن سعادته كانت غامرة، وهو يري أوراق الشجرة الجافة تخضر. فما جاء الصيف حتي كانت ثمراتها الحلوة قد ثقلت فوق أغصانها النامية
* قال صاحب الزرض للزارع : حسناً فعلت، لقد افتديت بصبرك هذه الشجرة من الحريق، وجعلت لحياتها ووجودها معني وقيمة أبدية، فالحياة التي دبت فيها ـ بعد موت ـ ستثمر بذوراً جديدة، تخصب الأرض، وتأتي بثمار جديدة جيلاً بعد جيل؛
هذا المثل البسيط، يفسر لنا موقفاً يبدو في أذهاننا غريباً، وهو لماذا يصبر الله علي عالمنا الشريرة ؟؛