موضوع: مهما استشرس الفساد !! الأربعاء مايو 14, 2014 9:37 pm
+كان متطوّع يعمل في مؤسّسة للأحداث المشاغبين. وكان أحد الأولاد معروفاً بسلوكه الشاذ وسرقة السيّارات والتعدّي على الآخرين. وجود المتطوّع في المؤسّسة كان على أساس إنساني أكثر مما كان على أساس مهني. أخذ، مرّة، الحدثَ المشاغبَ معه إلى القرية. وهناك قال له: خذ مفتاح السيارة، ودونك بعض المال. اذهب إلى أحد مطاعم الوجبات السريعة واشتر ما ترغب به نفسك. فإنّ عندي عملاً أقضيه في القرية على مدى ساعة ونصف. اذهب وعد إليّ في ذلك الحين، ثمّ نعود معاً إلى المؤسّسة. ارتبك الولد. قال للمتطوّع باستغراب ولعثمة: "ولكنك تعرف أنّي أسرق السيّارات فكيف تكلّفني بهذا العمل؟!" "لأنّ عندي ثقة أنّك لن تفعل ذلك بعد اليوم!" وبالفعل أخذ الحدث السيارة وغاب ساعة ونصف الساعة ثمّ عاد إلى حيث طلب منه المتطوّع. من ذلك اليوم شيء في نفس الشاب تغيّر. محبّة المتطوّع، ثقته به، تقديره له جعله إنساناً جديداً.
+حين يتوقّع منك أحدٌ الانتقام سامحْه ترَ ما لم يكن في الحسبان. حين يتوقّع منك الإعراض اهتمّ به تُحدثِ انقلاباً في نفسه. أنت لا تحتاج إلى تقنيات في هذا الشأن، فقط إلى قلب محبّ. أن تَخرج من نفسك. أن تجعل نفسك في موقع مَن يلتقيك. أن تركّز اهتمامك في سواك بدل أن يكون كل همّك نفسَك. السرّ هو في أن تبادر، في أن تتأنّى، في أن ترفق. السرّ في أن تمتنع عن الظنّ بالسوء، في أن تخرج من طلب ما لنفسك. الجواب، بإزاء العنف والفجور والشرّ، هو في أن ترأف. لا تَدِنْ. لا تطالبْ أحداً بشيء. لا يكنْ همّك في أن تعظ كثيراً.
قلّة الكلام مع موقف محبٍّ خير من كثرة الكلام بروح ديّانة. هذا يأخذ وقتاً ونتائجه غير مضمونة؟ ماذا إذاً؟ لِمَ العجلة؟ ماذا تنفع العجلة؟ لماذا علينا أن نؤخذ أبداً بالنتائج السريعة؟ أنت ازرع المحبّة! هذا يكفيك! فأنت لا تعرف ماذا يحدث بعد ذلك. القلب سرّ وحده الله عارف به. أحياناً موقف محبّة واحد، كلمة محبّة واحدة تغيّر الإنسان وسريعاً. اترك الأمور تأخذ مجراها. دع روح الربّ يعمل. بزرعك المحبّة في نفوس الناس تطلق مسار الروح في النفس. وللروح منطقه الخاص وطرقه الخاصة. أنت لا تعرف تماماً كيف يعمل روح الله لأنّك لا تعرف سرّ القلب. الروح يسفّه كل علم ظواهري. بالعكس، كلّما استغرق المرء في العلم والتقنيات كلّما كان ذلك طلباً لبدائل عن روح الربّ. روح الربّ لا يحتاج من قِبَلك إلى معرفة أخرى غير معرفة الله. ومعرفة يسوع تأتيك من محبّتك ليسوع. هذه انثرها في علاقاتك بالناس. دَعِ البذار الإلهي يفعل بقوّة ذاته ترَ عجائب. الله حيّ! المأساة أنّنا نتصرف كأنّه غير موجود. هذا هو الحجر الذي رذله البنّاؤون لكنّه صار رأس الزاوية.
+هناك عمل كلّنا مدعو إلى القيام به: ترميم أنفسنا والبشريّة بنعمة الله. لا يكن تصرّفك جملة ردود أفعال. لا نسلكن كجاهلين ونحن عارفون. عالمنا بحاجة إلى الكثير. يعاني من الكثير. ولكنْ شيء واحد كلّنا قادر على أن يعطيه، كلّنا بدون استثناء، به تتيسّر كل حاجات البشريّة ومن دونه تبقى البشريّة في بؤس. الحاجة إلى واحد. وبهذا الواحد تنحلّّ كل مشكلة: الرحمة! أن ترحم لا بمعنى أن تشفق فقط بل أن تحبّ من الحشا. أن تتّخذ الآخرين في حشاك كما تتّخذ الأمّ أولادها. محبّة الله لنا هي من هذا النوع. لذا لا نكفّ عن سؤاله: يا رب ارحم!
+فيما يستشري الفساد من حولنا، فيما يشتدّ العنف ويتفجّر الفجور ويتفاقم الشرّ تبقى علامة الصليب علامة الخلاص. الصليب رمز للمحبّة، رمز للرحمة. ثمّة حاجة إلى مَن يبذل نفسه، إلى مَن يفتدي سواه، إلى مَن يمدّ محبّة المسيح بين الناس. لا خلاص إلاّ بالصليب. لا خلاص من الموت، من الفساد، من الوجع، من العنف، من الفجور إلاّ بالحبّ. أحبَّ واعمل ما تشاء. أحبَّ، في كل شيء، تستقِم كل أمورك والناس! أحبَّ تساهمْ في تقويم العالم!
الأرشمندريت توما (بيطار) رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي – دوما
نصيف خلف قديس خادم الكل
عدد المساهمات : 6708 تاريخ التسجيل : 10/01/2014 الموقع : الكويت
موضوع: رد: مهما استشرس الفساد !! الخميس مايو 15, 2014 4:52 am
زائر زائر
موضوع: رد: مهما استشرس الفساد !! الجمعة مايو 16, 2014 5:15 am