وصايا عامة ووصايا خاصة
للانبا مرقس الناسك
القمص تادرس يعقوب ملطي
التوبة، كما أفهمها، لا يحدها زمن أو عمل ما، إنما تتم بتنفيذ وصايا السيد المسيح، وُتقاس بواسطتها.
غير أن بعض الوصايا أكثر عمومية من غيرها، تحوي في طياتها وصايا خاصة كثيرة، وهكذا بضربة واحدة ُتقطع فنون كثيرة للشر.
مثال ذلك، جاء في الكتاب المقدس: "كُلُّ مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ، وَمَنْ أَخَذَ الَّذِي لَكَ فَلاَ تُطَالِبْهُ." (إنجيل لوقا 6: 30). "ومن أراد أن يقترض منك فلا ترده" مت 42:5... هذه وصايا خاصة، أما الوصية العامة التي تحوى هذه جميعها فهي "اذهب وبع أملاكك وأعط الفقراء" مت 21:19. كذلك الوصية القائلة بأنه يجب على المسيحي أن "يحمل صليبه ويتبعني" مت 24:16. قاصدًا بالصليب احتمال الضيقات. فمن يعطى للفقراء كل ما يملكه ويحمل صليبه، يكون بالتبعية قد نفذ كل الوصايا السابقة الذكر.
نفس الأمر ينطبق على قول الرسول: "فأريد أن يصلى الرجال في كل مكان رافعين أيادي طاهرة" 1 تي 8:2. والوصية هي قول الرب "وأما أنت فمتى صليت فادخل إلى مخدعك... وصلِ إلى أبيك الذي في الخفاء" مت 6:6. وأيضًا "صلوا بلا انقطاع" 1 تس 17:5. فمن يدخل إلى مخدعه ويصلى بلا انقطاع يكون قد نفذ بالتبعية أن يصلى في كل مكان.
وأيضًا قيل: لا تقتل، لا تزن، لا تسرق الخ... ولكن الوصية العامة لهذا كله تهدم ظنونًا وكل علو يرتفع ضد معرفة الله (2 كو 5:1.)، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. فالذي يهدم الظنون يكون قد صَّد كل الرذائل السابقة.
لهذا فان الشعب، المحب لله، ذا الإيمان الثابت، يعمل على تنفيذ الوصايا العامة، وفي نفس الوقت لا يهمل تنفيذ الوصايا الخاصة في ظروفها الخاصة بها.
بحسب ظني أن عمل التوبة يتم باقتناء فضائل ثلاث هي:
نقاوة الفكر،
الصلاة الدائمة،
احتمال الضيقات التي تحل بنا.
وهذه الفضائل الثلاث لا ننفذها حسب الظاهر فقط، بل ونتدرب عليها داخليًا، حتى نصير غير شهوانيين بممارستها لمدى طويل.
وطالما أن عمل التوبة لا يتم بدون هذه الفضائل الثلاث، لهذا فإنى أحسب أن التوبة تليق بكل الأزمنة، وتتناسب مع كل الذين يريدون أن يخلصوا، أبرارًا كانوا أم خطاة.
فلا يوجد قمة لكمالٍ لا تستدعى التدرب على هذه الفضائل الثلاث، فيها يدخل المبتدئون إلى التقوى، والسالكون في الطريق ينمون، والكاملون يثبتون فيها (في التقوى).