الله هو النار

زائر

الله هو النار
بقلم الأب سيرافيم روز

(كاليفورنيا، 1934-1982)

إن قول القديس سيرافيم ساروفسكي "الله هو النار"

يذكّرنا ليس بعظمة مجد الله فحسب، بل بأمانينا وإمكانياتنا التي يمكن أن نتطلع إليها

لأن لا أحد يستطيع التقرب من الله إذا لم يصبح هو نفسه مثل النار.

وليس هذا الكلام مجرد عبارة فصيحة بل حقيقة روحية أثبتها كثير من القديسين بحياتهم.

كان هناك نسّاك عائشون في برد وصقيع كان من المفروض أن يموتوا بسببه

ولكنهم كانوا يتدفّؤون بحرارة النار الداخلية فيهم،

وحتى العلماني موتوفيلوف تمكّن برحمة الله من أن يحسّ بهذا الدفء الداخلي

في حضور القديس سيرافيم ومن رؤيته كأنه في وسط الشمس الساطعة

إن هذه النار بحسب قول القديس سيرافيم هي إظهار ملموس لنعمة الروح القدس

التي أعطيت للرسل يوم الخمسين وتعطى حتى الآن لكل مسيحي في يوم معموديته.
للأسف لا نستطيع أن نرى بعيوننا أو نلمس بأيدينا هذه النار بسبب برودتنا

وعمانا الروحي إلا في لحظات صلاتنا الحارة ووحدتنا مع الله وإن بقدر قليل.
لا يمكن لأحد التقرب من الله إلا من خلال هذه النار.

بعد أن طُرد جدّانا الأولان من الفردوس أقام الله على بابه
"لهيب سيف متقلّب لِحِرَاسَةِ طَرِيقِ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ" (تك 24:3)،

ولغاية هذا اليوم نتضرع إلى الله في صلواتنا التي تسبق المناولة

ألا تحرقنا ثمرة شجرة الحياة الجديدة أي جسد ودم الرب يسوع بسبب عدم استحقاقنا.

كان القديس سيرافيم يقول إن الله هو النار التي تحرق كل ما هو نجس

ولا يمكن لأحد نجس جسديا أو روحيا أن يكون له نصيب معه.

لذلك المتواجد في الجحيم لا يشعر إلا بألم في حضور الله
لأنه نجس والنار الإلهية تحرقه وتعذّبه.
ولكن نفس النار التي تحرق غير المستحقّ تقدر أن تطهّر النجس
وتحوّل غير المستحقّين إلى مستحقّين لأنهم يحبّون الله ويريدون أن يصيروا أبناء له.
إننا نصلّي قبل المناولة:

"أيها المخلّص ليكن لي جسدك المقدس ودمك الكريم كنار ونور،

ملهبا مادة الخطيئة ومحرقا أشواق الأهواء
ومنيرا إياي بجملتي، لأجثو للاهوتك ساجدا".

يشبّه القديس سيرافيم الإنسان المسيحي بشمعة مشتعلة تشعل الشموع الأخرى
ومع ذلك لا تضعف النار فيها، وهكذا تنتشر كنوز النعمة الإلهية.
وهذه هي دعوة المسيحي أن يكون ملتهبا بحبّه لله وشوقه

إلى خدمته وممتلئا بالحضور الناري للروح القدس.

وإذا تمكّن من أن يصبح مثل هذه الشمعة المشتعلة في هذه الحياة

فإنه سيصل إلى حالة أعظم في الحياة الآتية. "حِينَئِذٍ يُضِيءُ الأَبْرَارُ كَالشَّمْسِ فِي مَلَكُوتِ أَبِيهِمْ"

(مت 43:13). نحن بسبب عدم استحقاقنا لا يمكن أن نتصور مثل هذه الحالة لأنه

"مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ:

مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ" (1كو 9:2).
ولكن هذه الحالة هي الهدف الأساسي في حياة المسيحي والغاية التي يعيش من أجلها.

الله هو النار 10367169_667193199984716_1009449308858709524_n