إن قلب المرأة لا يتغير مع الزمن ولا يتحول مع الفصول .
قلب المرأة ينازع طويلا و لكنه لا يموت .
قلب المرأة يشابه البرية التي يتخذها الإنسان ساحة لحروبه ومذابحه
فهو يقتلع أشجارها و يحرق أعشابها و يلطخ صخورها بالدماء
و يغرس تربتها بالعظام و الجماجم
و لكنها تبقى هادئة ساكنة مطمئنة
و يظل فيها الربيع ربيعا و الخريف خريفا إلى نهاية الدهور ...
كانت المرأة بالأمس خادمة سعيدة فصارت اليوم سيدة تعسة .
كانت بالأمس عمياء تسير في نور النهار فأصبحت مبصرة تسير في ظلمة الليل .
كانت جميلة بجهلها فاضلة ببساطتها
قوية بضعفها فصارت قبيحة بتفننها
سطحية بمداركها بعيدة عن القلب بمعارفها .
فهل يجيء يوم يجتمع في المرأة الجمال بالمعرفة
و التفنن بالفضيلة
و ضعف الجسد بقوة النفس ؟
أنا من القائلين إن الارتقاء الروحي سنة في البشر
و التقرب من الكمال شريعة بطيئة لكنها فعالة ....
و مرت دقائق و كلانا صامت حائر مفكر يترقب الآخر ليبدأ بالكلام .
و لكن هل هو الكلام الذي يحدث التفاهم بين الأرواح المتحابة ؟
هل هي الأصوات و المقاطع الخارجة من الشفاه
و الألسنة التي تقرب بين القلوب و العقول ؟
أفلا يوجد شيء أسمى مما تلده الأفواه و أطهر مما تهتز به أوتار الحناجر ؟
أليست هي السكينة التي تحمل شعاع النفس إلى النفس
و تنقل همس القلب إلى القلب ؟
أليست هي السكينة التي تفصلنا عن ذواتنا
فنسبح في فضاء الروح غير المحدود
مقتربين من الملأ الأعلى
شاعرين بأن أجسادنا لا تفوق السجون الضيقة
و هذا العالم لا يمتاز عن المنفى البعيد ؟