بينما كان أحد رجال الأعمال مسافرا
في القطار، جلس إلى جواره شاب لم
يتجاوز من العمر سبعة عشر عاما..
كانت تبدو على الشاب علامات القلق والتوتر، ولم
يكن يتحدث إلى أحد، بل كان يلتصق بوجهه إلى النافذة
باهتمام، وكأنه ينتظر أن يرى أحدا بالخارج!..
لكن من يستطيع رؤية أي شيء وسط ذلك الظلام الحالك!!..
مضت الحال ھكذا معظم اللیل، وأخیرا انقطع
الصمت، عندما سأل الشابُ رجلَ الأعمال الجالس
إلى جواره عن الوقت، وعما إ...ذا كانوا قد اقتربوا من محطة
'سميث ڤيل' ((Smithville..)) أجابه رجل الأعمال عن سؤاله
ثم أردف قائلا: "لا أعتقد أن القطار يتوقف في 'سميث ڤيل'
لأنها مجرد بلدة صغیرة".. أجابه الشاب:
"لقد وعدني المسئول عن القطار، بأن يتوقف لیتسنى لي النزول
إن أنا أردت ذلك، لأنني كنت أعیش هناك قبلا.."!.. وعاد الصمت مرة أخرى..
ما أن بدأ الحديث من جديد، حتى تحدث ذلك الشاب
عن قصة حیاته، فقال: "منذ أربعة أعوام، كنت أعیش
مستقرا مع عائلتي في'سميث ڤيل'، إلى أن جاء
يوم، حین ارتكبت أمرا رديا جدا، ضاق بي الأمر
من أجله، فقررت بعده ترك المنزل..
لم أودع أحدا، بل غادرت البیت فجأة، وھا أنا
وقد أصبح لي أربع سنوات أعاني من الوحدة وأنتقل
من مكان إلى مكان، حیث أعمل بضعة شھور ھنا
وبضعة شھور ھناك".. سأل رجل الأعمال ذلك الشاب:
"وھل ينتظر أحد عودتك"؟ أجابه: "لست أعلم..
لقد أرسلت رسالة إلى والدي منذ بضعة أسابیع
مخبرا إياھم، بأنني سأمر بالبلدة في ھذا الیوم
وفي هذا القطار، وحیث أن منزلنا لیس بعیدا
عن السكة الحديد، فقد طلبت منھم أن يعطوني علامة:
إن كانوا يسامحونني، ويقبلونني من جديد في البیت
فما علیھم إلا أن يضعوا منديلا أبیض مقابل بیتنا، وإلا فإني لن أعود إلى الأبد"..
حال وصول رسالة ھذا الشاب إلى أھله، لم يعد
للأب والأم أي مقدرة على الانتظار، فلقد اشتاقوا له جدا
وطالما انتظروا عودة ابنهم إلى البیت..
أخذت الأم كل ما عندھا من ملايات بیضاء معلقة
إياھا على سطح البیت، وقال الأب في نفسه
'لعل ابني لا ينتبه إلى تلك الملايات وسط اللیل'، فأخذ
يلف الأشجار التي أمام البیت، بكل ما وجد عنده
من أقمصة بیضاء!!
ازدادت ضربات قلب ذلك الشاب عندما اقترب منه المسئول
عن القطار، معلنا بأن 'سميث ڤيل' صارت على بعد 5 دقائق فقط
وعلیه أن يخبره بأسرع وقت ممكن، لیتسنى له إيقاف القطار..
أخذ ذلك الشاب يحدق باجتهاد من النافذة
وأخذ بمساعدته ذلك الرجل أيضا..
كان الصمت يسود، والدقائق تمر وكأنھا ساعات..
بعدھا، لمح الاثنان معا شجرة علیھا منديل أبیض
لكن لم يكن البيت قد اقترب بعد، ثم رأوا شجرة ثانیة، وأخیرا..
إذا بھم يرون البیت، والأشجار،وكل ما هو قريب من البیت
جمیعھا، ملفوفة بالملايات والفوط البیضاء!!..
إن محبة ذلك الأب لابنه، دفعته لأن يعلق كل ما كان لديه
من أقمشة بیضاء، معلنا بذلك رغبته في المصالحة
وفي رجوع ابنه إليه..
صديقي.. إنَّ "اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ
بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا" (رو5:
لم يعلق اللهُ أقمشةً بیضاء، لكنه من أجل خطاياي
أنا ومن أجل خطاياك أنت، عُلّق على خشبة الصلیب
ومات بالجسد عوضا عنا وفداء لنا؛ وهكذا، فإن الله
"كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحاً الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ، غَيْرَ حَاسِبٍ
لَهُمْ خَطَايَاهُمْ؛ إِذاً نَسْعَى كَسُفَرَاءَ عَنِ الْمَسِيحِ، كَأَنَّ اللهَ يَعِظُ بِنَا
نَطْلُبُ عَنِ الْمَسِيحِ: تَصَالَحُوا مَعَ اللهِ" (2كو5: 19، 20)..
إنه فاتح أحضانه وينتظر عودتك بشوق
فهل ترغب في المصالحة؟
هيا الآن تصالح مع خالقك الذي يحبك، إنه في انتظار عودتك!