| القلــــــــب | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
النهيسى الادارة العامة
عدد المساهمات : 912 تاريخ التسجيل : 15/05/2014
| |
| |
النهيسى الادارة العامة
عدد المساهمات : 912 تاريخ التسجيل : 15/05/2014
| موضوع: رد: القلــــــــب الأربعاء يونيو 18, 2014 3:54 am | |
| قساوة القلب لقداسة البابا شنودة الثالث
قساوة القلب لها اتجاهان: قساوة في التعامل مع الناس، وقساوة في التعامل مع الله. أما القساوة في التعامل مع الله، فهي الرفض المستمر للحياة مع الله ولطاعة وصاياه، وإغلاق القلب تجاه محبته، وعدم الانجذاب نحو إحسانات الله التي يظهرها للإنسان في عديد من المناسبات...
أما القسوة في التعامل مع الناس، فمظهرها قسوة المعاملة، والكلمة القاسية، والنظرة القاسية، والعقوبة القاسية، والتوبيخ القاسي. وقد تكون القسوة على الجسد في تعذيبه، أو قد تكون القسوة على النفس في إذلالها وسحقها، والتشهير بها، والعنف في معاملته.
والإنسان الخاطئ يقع في هذين النوعين من القساوة.
وعكس القوة: الرحمة والحنو والعطف والإشفاق...
إن القسوة كثيرًا ما تكون مظهرًا أو نتيجة لكبرياء القلب.
وعلى القساة أن يحترسوا، وليخافوا على أنفسهم من قساوة قلوبهم. لئلا يلاقوا نفس المعاملة. وبالكيل الذي به يكيلون، يُكال لهم ويزاد! فإن القسوة مكروهة من الكل. كما كانت قسوة فرعون الذي ما كان يلين مطلقًا ولا يتوب..
أما القلب الطيب، فإنه قريب جدًا من الله، فهو كعجينة لينة في يد الله يشكلّها مثلما يشاء. وعكس ذلك القساة لأن قلوبهم صخرية صلبة، لا تستجيب لعمل النعمة فيها!
القلب القاسي -من جهة الحياة الروحية- يعيش في جو من اللامبالاة! كلمة الله لا تترك تأثيرها فيه. فهو لا يتأثر بكلام الروح. بل قد يسخر منه ويتهكم، ويرفض السماع! تصبح وصايا الله ثقيلة عليه، بينما الثقل كله هو في القلب!
إنه لا يتأثر إطلاقًا بأي دافع روحي. لا يتأثر بحنان الله، ولا حتى بإنذاراته وعقوباته! ولا يتأثر أيضًا بالأحداث مهما كانت خطيرة! لا يؤثر فيه مرض، ولا موت أحد أحبائه! ولا تؤثر فيه صلاة ولا عظة، ولا كلمة روحية. وكل إحسانات الله إليه، يقابلها بنكران الجميل، أو ينسبها إلى أسباب بشرية!
وقساوة القلب تؤدى إلى العناد والمكابرة. والشخص القاسي القلب، قد تشرح له خطأه لمدة ساعات، وكأنك لم تقل شيئًا! إنه لا يعترف بالخطأ، بل يصّر على موقفه. قلبه صخري، لا يلين ولا يستجيب!
وبسبب إصراره وعناده وعدم استجابته، تتخلى عنه النعمة، وينحرف إلى الضياع! مثل هذا الإنسان، توبته ليست سهلة
الإنسان الرقيق الحساس، دموعه قريبة. أما القاسي فيندر أن تبتل عيناه مهما كانت الأسباب! لأن الدموع دليل على رقة الشعور. أما القاسي فلا رقة في مشاعره، سواء في تعامله مع الله أو مع الناس.
قساوة القلب تقود أيضًا إلى الحدة والغضب فالشخص القاسي القلب تشتعل مشاعره ضد الآخرين بسرعة، ويحتّد ويثور، ويهدّد وينذر. ولا يحتمل أن يمسّه أحد بكلمة. وفي نفس الوقت لا يراعى شعور الآخرين. فيجرح مشاعر غيره بسهولة وفي لا مبالاة! ولا مانع عنده من أن يهين غيره ويشتمه ولا يبالى بوقع الألفاظ عليه...
وهنا يجمع بين أمرين متناقضين: فيكون حساسًا جدًا من جهة المعاملة التي يعامله بها الناس، بينما لا إحساس له! إطلاقًا من جهة تعامله هو مع الآخرين.!
فهو، إذا وبخّ غيره -بحق أو بغير حق- يكون كثير التوبيخ وعميقة. وإذا غضب على أحد، يكون طويل الغضب وعنيفة..
في قسوته لا يحتمل أحدًا. ويريد أن يحتمله الكل! وعليهم ألاّ يثوروا بسبب ثورته عليهم، بل يتقبلوها كما لو كانوا يستحقون ما ينالهم منه!
وعمومًا، فالقسوة منفرة. ومن يتصف بها يخسر من يتعامل معهم من الناس، ويفشل في حياته الاجتماعية...
أسباب قسوة القلب:
* ربما من أسباب هذه القسوة، طباع موروثة عن الآباء أو الأمهات..
وهنا قد يسأل البعض: ما ذنب إنسان ورث طبعًا قاسيًا؟ بينما غيره قد وُلد وديعًا، وليس في حاجة إلى بذل مجهود لمقاومة قسوة كالتي وُلد بها غيره..
وهنا نقول إن الطبع يمكن تغييره مهما كان موروثًا.. والذي يبذل جهدًا لتغيير طبعه، تكون مكافأته عند الله أكثر...
* من أسباب قسوة القلب أيضًا، الكبرياء التي تدفع الإنسان إلى أن يبالغ في كرامته وعزة نفسه، ووجوب احترام الناس له، بأسلوب يجعله يقسو على كل شخص يظن أنه يمس كرامته بشيء!
والكبرياء تجعل القسوة تظهر في ملامحه وفي نظراته، وفي حدة صوته، وفي نوعية ألفاظه، وطريقة معاملاته...
* ومما يقسّي القلب أيضًا، تأثير الآخرين: إما بأصدقاء يوحون إليه بمعانٍ جديدة عن القوة والبطولة، أو عن الحرية وما يلزم له من حقوق.. وهكذا يثور على كل سلطة أو رئاسة، سواء في البيت أو في الدراسة. بل قد يثور أيضًا على النظام وعلى القانون! ويرى الرجولة في أن يفرض رأيه!
وفى بعض بلاد الغرب: كثير من الشباب -حينما يشعرون بنضوجهم- يرفضون الخضوع لآبائهم بحجة الحرية الشخصية! ويعتبر الشاب أن نصيحة والده له، هي مجرد رأى يمكن أن يأخذ به، أو لا يأخذ! وهكذا يتقسى قلبه من جهة والده. ويصر على أنه هو صاحب القرار، مهما كان قليل الخبرة في الحياة!
يلزم إذن أن نربى أولادنا منذ طفولتهم المبكرة، حتى لا تتلفهم أفكار جديدة عليهم، تتلفهم وتقسي قلوبهم، وتدفعهم إلى الجدل في البديهات، والى رفض كل شيء لمجرد الرفض!
تلك الأفكار التي تصّور لهم الطاعة ضعفًا، والخضوع خنوعًا، والهدوء خوفًا وجبنًا..!! وفي تقسية قلوبهم، تقلب لهم كل الموازين، فيفرحون بذلك إحساسًا منهم بالوجود وبالشخصية...! وكما تصل إليهم تلك الأفكار من أشخاص، يمكن أن تصل إليهم من بعض الكتب والمطبوعات...
وما نقوله عن تأثر الصغار بأفكار غيرهم، يمكن أن نقوله عن الكبار أيضًا!
مثال ذلك في محيط الأسرة: زوجة الأب التي تقسى قلب زوجها على أولاده من زوجة سابقة. وتظل تحدثه عن أخطائهم وخطورتها، حتى يثور عليهم ويقسو في معاملتهم..! أو مثل أم تظل تصب في أذن ابنها المتزوج أحاديث عن أخطاء زوجته، أو إهانات هذه الزوجة لها، حتى تتغير معاملته لزوجته ويقسو عليها...
فعلى كل إنسان أن يكون حريصًا، ولا يسمح للقسوة أن تزحف إليه من الآخرين، ولا يصدق كل ما يسمعه...
| |
|
| |
النهيسى الادارة العامة
عدد المساهمات : 912 تاريخ التسجيل : 15/05/2014
| موضوع: رد: القلــــــــب الأربعاء يونيو 18, 2014 3:57 am | |
| الفصل السابع
من
كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث القلب
| |
|
| |
النهيسى الادارة العامة
عدد المساهمات : 912 تاريخ التسجيل : 15/05/2014
| موضوع: رد: القلــــــــب الأربعاء يونيو 18, 2014 3:59 am | |
| أهمية القلب ودخوله في كل عمل لعل من أبرز الأمثلة على أهمية القلب، هي قول الكتاب في سفر الأمثال: "فوق كل تحفظ أحفظ قلبك، لأن منه مخارج الحياة" (أم23:4). ذلك لأنه من القلب يصدر كل شيء، وهو الذي يعبر عن حقيقة الإنسان، وعن خفاياه ونواياه. والله يعرف كل ما في قلب الإنسان. لذلك قيل عنه إنه "وازن القلوب" (أم2:21) وأنه "فاحص القلوب" (مز9:7) (رؤ23:3). القلب هو مركز المشاعر، ومركز العواطف، ومركز الحب. والرب يريد هذه المشاعر والعواطف القلبية، لذلك قال: "يا ابني، أعطني قلبك" (أم26:23). وإن أعطيتني قلبك، كنتيجة طبيعية: سوف "تلاحظ عيناك طرقي". والحياة الروحية ليست مجرد ممارسات في العبادة، أو فضائل ظاهرية، إنما هي حياة قلبية، حياة قلب يرتبط بالله بعلاقة الحب، وكل فضائله وعباداته وممارساته، تكون نابعة من هذا القلب، ومزينة بعلامة الحب. هي ليست مجرد ممارسات من الخارج يمارسها الإنسان.. ولا مجرد ناموس، أي وصايا تنفذ حرفيًا.. أنما الحياة الروحية -قبل كل شيء- هي حياة القلب مع الله. وما أجمل قول المزمور في مثل هذا المعنى: "كل مجد ابنة الملك من داخل" (مز44). مع أنها "مشتملة بأطراف موشاة بالذهب، ومتزينة بأنواع كثيرة "إلا أن كل مجدها من الداخل، في قلبها في روحها.. وسنرى الآن علاقة القلب بالمشاعر وباللسان والفكر والإرادة، وبالتوبة والعبادة وكل الحياة مع الله. القلب مصدر المشاعر فيه الحنو والطيبة، أوفيه القسوة والشدة. فيه الإيمان والثقة، أو فيه الشك وفقدان السلام. فيه التواضع والوداعة، كما قيل عن السيد المسيح إنه وديع ومتواضع القلب (مت29:11). لا تظن أن الاتضاع هو أن يقول إنسان كلام أتضاع. مثل أن يقول "أنا خاطئ. أنا لا استحق شيئًا". فقد يقول هذا، ولا يحتمل مطلقًا أن يقول له أحد: أنت خاطئ أو أنت مخطئ!! التواضع الحقيقي هو تواضع القلب. والكبرياء هي ارتفاع القلب. أول خطية في العالم، كانت خطية قلب، خطية كبرياء. بها سقط الشيطان، إذ ارتفع قلبه. وعلى ذلك وبخه الرب قائلًا: "وأنت قلت في قلبك: أصعد إلى السموات، أرفع كرسي فوق كواكب الله.. أصير مثل العلي" (أش13:14، 14). وعن الكبرياء يقول الكتاب "قبل الكسر والكبرياء وقبل السقوط تشامخ الروح" (أم18:16).هي أذن خطية في داخل الإنسان، في قلبه قبل أن تأخذ مظهرًا خارجيًا. القلب أيضًا فيه الخوف، كما فيه الاطمئنان. أمر واحد يحدث لاثنين: أحدهما يخاف ويرتعش ويتخيل له نتائج مرعبة. بينما الآخر يقابله بكل سلام واطمئنان. ويفكر في هدوء كيف يتلافى نتائجه السيئة.. حسب قلب كل واحد، تكون مشاعره، لذلك يقول الكتاب "تقو وليتشدد قلبك" (مز14:27). إن القلب يشمل كل شيء فيك ومنك. كل الفضائل مصدرها القلب. وكل الخطايا مصدرها القلب. كلمات لسانك راجعة إلى قلبك. لأن الكتاب يقول "من فضلة القلب يتكلم الفم" (مت34:12). وكذلك الفكر أيضًا "الإنسان الصالح من كنز قلبه الصالح، يخرج الصالحات. والإنسان الشرير من كنز قلبه الشرير يخرج الشر" (لو45:6). إن كان في قلبك حب، يظهر الحب في معاملاتك. وإن كانت في قلبك عداوة أو كراهية، يظهر كل ذلك في تصرفاتك. بل يبدو في لهجة صوتك وفى نظرات عينيك. ومصدر ذلك هو القلب.. إلا لو كان هناك رياء وأظهر الإنسان غير ما يبطن. وذلك أيضًا ينكشف.. | |
|
| |
النهيسى الادارة العامة
عدد المساهمات : 912 تاريخ التسجيل : 15/05/2014
| موضوع: رد: القلــــــــب الأربعاء يونيو 18, 2014 4:02 am | |
| القلب والفكر
القلب والفكر يعملان معًا. كل منهما سبب ونتيجة.
مشاعر القلب تسبب أفكارًا في العقل. والأفكار تسبب مشاعر في القلب. إن اشتهيت خطية، تجد هذه الشهوة تجلب لك أفكارًا من نوعها. وإن فكرت في الخطية، يجلب لك القلب شهواتها.
إن أردت صلاحًا لقلبك، أصْلِح إذن أفكارك. وابعد عن مصادر الفكر الخاطئة.
أبعد عن الأفكار التي تأتيك من الكتب، أو من الحواس، أو من المعاشرات الردية، أو من مصادر أخرى.. حينئذ لا تضغط الأفكار على قلبك، وتصل إلى استقامة القلب وصلاحه.
الوجوديون الذين رفضوا الله بقلوبهم: دخلت أفكار الإلحاد إلى أذهانهم. الإلحاد إذن قد يكون من الفكر والقلب معًا.
ربما تكون بينك وبين إنسان محبة.. ويأتي ثالث فيغير فكرك من نحوه، تجد قلبك قد تغير أيضًا من نحوه. ومع تغير قلبك تتغير ملامحك ومعاملاتك..!
تقول "أريد أن أعطى قلبي لله".
أقول لك: أعطه فكرك أيضًا..
حسبما يكون قلبك، يكون فكرك. وحسبما يكون فكرك، يكون قلبك. لذلك حسنًا قال الكتاب "تحب الرب إلهك من كل قلبك.. ومن كل فكرك" (مت37:22).
وتجديد الذهن يجلب تجديد القلب.
وهكذا يقول الرسول "تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم" (رو2:12)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فإن دخلت إلى ذلك أفكار جديدة، اقتنعت بها وآمنت بها، ستجد نفسك قد تغيرت تبعًا لها، شكلًا وقلبًا. وتجد ضميرك قد أخذ نوعية جديدة يقود بها قلبك.
وهذا هو عمل العظات في تجديد الفكر والقلب.
وبتغير الفكر والقلب، يتغير أسلوب اللسان أيضًا.
وكل هذا لابد أن يؤثر على الإرادة.
القلب والإرادة
إذ ملأت محبة الله قلب إنسان، فإنه لا يستطيع أن يخطئ، لأن محبته لله هي التي تسيطر على تصرفاته. وهكذا تتجه إرادته نحو الله بالكلية..
أما إذا كان القلب غير كامل في محبته لله، فإن إرادته تكون متزعزعة.
تتصرف حسب التأثيرات الخارجية عليها إن خيرًا، وإن شرًا. ولذلك حسنًا قال الكتاب "تحب الرب إلهك من كل قلبك "وعبارة "كل" هنا لها أهميتها..
فإن كان كل القلب لله، تكون كل الإرادة لله.
أيضًا إن كان القلب يتميز بالجدية والتدقيق، والالتزام بالقيم والمبادئ، فإنه على حسب تمسكه بكل هذا، تكون إرادة الإنسان قوية.
والقلب المتقلب، تكون إرادته متقلبة.
هناك ارتباط إذن بين القلب والفكر، وبين القلب واللسان، وبين القلب والإرادة، وبين القلب والفضيلة..
القلب واللسان
كل ما تتكلم به، يصدر عن قلبك، لذلك يقول الكتاب:
"من فضلة القلب يتكلم الفم" (مت34:12). ويشرع الرب ذلك فيقول "الإنسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصلاح والإنسان الشرير من كنز قلبه الشرير يخرج الشر" (لو45:6).
إلا لو كان الكلام رياء، وليس من القلب.
أي أن يتكلم الإنسان بغير ما في قلبه، أو العكس ما في قلبه. وفى هذه الحالة إن قلت كلمة طيبة بفمك، وقلبك بعكس هذا، فإن الله يحاسبك على ما في قلبك، وليس على ما قلته بلسانك. بل تضاف إلى خطية الرياء..
الله الذي يحاسبك في اليوم الآخر، هو فاحص القلوب (أر20:11).
الكتبة والفريسيون المراءون، كانوا يتكلمون بالصالحات وهم أشرار.
ولم ينفعهم كلامهم بشيء، بل أدانهم الله، وصب عليهم الويلات (مت23). وقال عنهم "إنهم ينقون خارج الكأس والصحفة، وهما من داخل مملوآن اختطافًا ودعارة" وأنهم "يشبهون قبورًا مبيضة: تظهر من الخارج جميلة، وهي من الداخل مملوءة عظام أموات وكل نجاسة" (مت25:23،27).
المهم إذن في الداخل، في القلب، لذلك يقول المزمور:
"كل مجد أبنه الملك من داخل" (مز13:45).
على الرغم من أنها "مشتملة بأطراف موشاة بالذهب، ومزينة بأنواع كثيرة "فالكلام اللين وحده لا يأتي بنتيجة، وأن لم يكن صادرًا عن مشاعر حقيقية في القلب . وإلا فإنه ينطبق عليه قول المزمور "كلماته ألين من الزيت، وهي سيوف مسلولة" (مز21:55).
إنسان تعتذر إليه فلا يقبل اعتذارك.
لأنه يحس تمامًا أن كلماتك ليست صادرة من قلبك، وأنها مجرد كلام.. تقول "أخطأت"، ونبرات صوتك ذاتها لا تعبر عن أسفك وندمك، لأنها غير مختلطة بمشاعر قلبك. فتبدو رخيصة غير مقبولة..
الإنسان اللماح الحساس يستطيع أن يكتشف حقيقة الكلام، وهل هو صادر من القلب..
سواء أكان كلام مديح، أو كلام اعتذار، أو كلام نصح.. فالصوت يكشفه، وملامح الوجه تكشفه، وما هو داخل القلب يمكن إدراكه وكشفه، ولا يمكن للألفاظ أن تخفيه.. ما أعمق أهمية القلب في العلاقة مع الله ومع الناس.
| |
|
| |
النهيسى الادارة العامة
عدد المساهمات : 912 تاريخ التسجيل : 15/05/2014
| موضوع: رد: القلــــــــب الأربعاء يونيو 18, 2014 4:03 am | |
| الحياة مع الله
تبدأ حياتك مع الله من قلبك..
تبدأ بالإيمان، وبالإيمان من عمل القلب..
وبالإيمان تثق بوجود الله عمومًا، وبوجوده في حياتك بصفة خاصة. وفى حياتك معه تتكل عليه، كما يقول الحكيم "توكل على الرب من كل قلبك، وعلى فهمك لا تعتمد" (أم5:3). وفى اتكالك عليه، تسلمه حياتك، وتثق بقيادته لها.. وكل هذه مشاعر قلب.. وفى حياتك معه تقول له كل حين:
"مستعد قلبي يا الله، مستعد قلبي" (مز7:57).
ونحن نرتل هذه العبارة في ثاني مزمور من مزامير صلاة الساعة السادسة.. نحن مستعدون لعمل الله فينا مستعدون لعمل الله فينا، مستعدون للشركة مع الروح القدس الحال في قلوبنا، مستعدون لطاعة وصاياه.. وعن هذه الوصايا يقول الرب "ليحفظ قلبك وصاياي" (أم 1:3).
ويقول المرتل في المزمور:
"خبأت كلامك في قلبي، لكيلا أخطئ إليك" (مز119).
إذن وصايا الله لابد أن تكون في القلب، في عمل المشاعر في مركز العاطفة، وهكذا لا نخطئ إليه..
لذلك قال الله للشعب،حينما سلمه الوصايا"ولتكن هذه الكلمات التي أنا أوصيك بها اليوم على قلبك، وقصها على أولادك، وتكلم بها حين تجلس في بيتك.." (تث6:6).. وهكذا إذا كانت كلمات الرب في قلب الإنسان يستطيع أن يلهج بها نهارًا وليلًا، كما أمر الرب عبده يشوع (يش8:1)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وكما قيل في المزمور الأول عن الرجل البار.
"لكن في ناموس الرب أصبحت مسرته، وفى ناموسه يلهج نهارًا وليلًا".
ما دامت كلمات الرب أصبحت مسرته، فمعناها أنها صارت موضع محبته، ودخلت إلى قلبه. وعن هذه المحبة يتحدث داود النبي كثيرًا وترددت في صلواته عبارة "أحببت وصياك"، "وجدت كلامك كالشهد فأكلته"، "فرحت بوصاياك كمن وجد غنائم كثيرة".. وهكذا يتغنى بوصاياه..
إن وصية الله تصبح صعبة علينا، إن تركناها خارج قلوبنا.
إن لم نمزجها بعواطفنا، ونشعر بجمالها ونحبها.. | |
|
| |
النهيسى الادارة العامة
عدد المساهمات : 912 تاريخ التسجيل : 15/05/2014
| موضوع: رد: القلــــــــب الأربعاء يونيو 18, 2014 4:05 am | |
| قلبك هو السبب
تقول "فلان قد أضاعني" أقول لك "لم يضيعك سوى قلبك".
لو كنت قويًا غير قابل للضياع، ما استطاع أن يضيعك.. ثم إن فلان هذا لا يستطيع أن يحاربك إلا من الخارج. فإن كان الداخل سليمًا، فلن يضرك في شيء..
إن البيت المبنى على الصخر، لم تستطع الأمطار والأنهار والرياح أن تسقطه، لأنه كان مؤسسًا على الصخر (مت35:7). والفلك أحاطت به المياه غزيرة جدًا، ولم تستطيع أن تغرقه، لأنه لم يكن فيه ثقب تدخل منه المياه
كما كان الله في داخله..
صدق القديس يوحنا ذهبي الفم، حينما قال:
"لا يستطيع أحد أن يؤذي إنسان، ما لم يؤذ هذا الإنسان نفسه".
تقول: الكلام الذي سمعته غير أفكاري وشككني!
أقول لك هو قلبك القابل للتشكك. لو كنت ثابتًا في قلبك، ما كان الشك يدخل إليه، مهما سمعت من كلام..
لصان أحاطا بالمصلوب. أحدهما جدف عليه، والآخر آمن به ربًا وملكًا، واعترف بذلك ودخل الفردوس (لو39:23-43).. بينما المصلوب هو نفس المصلوب، والظروف الخارجية واحدة بالنسبة إلى اللصين. ولكن قلب أحدهما كان غير قلب الآخر..
هل كان الشك في كلام توما أم في قلبه؟
قطعًا كان الشك في قلبه. ولم يكن في لسانه، ولا في إصبعه الذي أراد أن يضعه مكان الجروح!
أتقول: الضيقات زعزعتني؟! أقول لك: لو كان قلبك قويًا ما كان يتزعزع..
لقد قلت لكم من قبل: إن الضيقة سميت ضيقة، لآن القلب ضاق بها ولم يتسع لها. أما القلب الواسع فإنه لا يتضيق بشيء، . كما قال القديس بولس لأهل كورنثوس "فمنا مفتوح لكم أيها الكورنثيون، قلبنا متسع، لستم متضيقين فينا، لكنكم متضيقون في أنفسكم.. لذلك أقول كما لأولادي: كونوا أنتم أيضًا متسعين" (2كو11:6-13).
القلب الواسع يتناول المشكلة ويحللها، ويأخذ بركتها ويحيلها إلى الله ليحلها.. | |
|
| |
النهيسى الادارة العامة
عدد المساهمات : 912 تاريخ التسجيل : 15/05/2014
| موضوع: رد: القلــــــــب الأربعاء يونيو 18, 2014 4:06 am | |
| صفات القلب الروحية
أولًا هو القلب النقي. ولذلك يقول الرب في تطويباته "طوبى لأنقياء القلب، لأنهم يعاينون الله" (مت8:5). يذكر الرسول القلب الطاهر، فيقول" وأما غاية الوصية، فهي المحبة من قلب طاهر وضمير صالح" (1تى5:1). كما يذكر أيضًا القلب الصادق (عب26:10)، وبساطة القلب (كو2:3). ويتحدث المزمور عن القلب الثابت المتكل على الله (مز7:112).
ويذكر أيضًا القلب المتخشع (المنكسر) والمتواضع، الذي لا يرذله الله (مز50).
والذي هو أفضل من الذبائح. وقيل عن السيد المسيح إنه "وديع ومتواضع القلب" (مت29:11).
وحذر الكتاب من قساوة القلب (مت8:19) (حز7:3). وكذلك من القلب الملتوي (أم20:17).
وإن كنا نهتم بنقاوة القلب، فلابد أن نذكر علاقة القلب بالتوبة.
يعوزني الوقت إذن أن أحدثك عن علاقة القلب بالتوبة، وأيضًا بالعمل الإيجابي في الحياة الروحية، وعلاقته بالصلاة والعبادة..
القلب وعمله الروحي
القلب والتوبة
العمل الإيجابي للقلب
القلب والعبادة
القلب والصلاة
| |
|
| |
النهيسى الادارة العامة
عدد المساهمات : 912 تاريخ التسجيل : 15/05/2014
| موضوع: رد: القلــــــــب الأربعاء يونيو 18, 2014 4:08 am | |
| القلب والتوبة
التوبة الحقيقية هي التوبة الصادرة من القلب.
وليست الصادرة من مجرد الإرادة.. لأن الإرادة قد تقوى حينًا، وتضعف في حين آخر. وقد تقوى الإرادة فتمتنع عن عمل الخطية. ولكن مع عدم ارتكابها، تبقى محبتها في القلب، ولا تكون توبة حقيقية. فالتوبة الكاملة هي كراهية الخطية. وهذا يكون عمل القلب. يقول الرب "أرجعوا إلى، أرجع إليكم" (ملا7:3) ويقول:
"أرجعوا إلى بكل قلوبكم" (يو12:2).
هذا هو الرجوع الحقيقي، لأنه مادامت توجد في القلب خطية محبوبة، لا يكون قد تاب توبة صادقة حقيقية.. وهكذا في التوبة يتحدث الكتاب عن القلب الجديد، الذي تجدد بالتوبة، ويقول الرب في ذلك:
"أعطيكم قلبًا جديدًا، وأجعل روحي في داخلكم" (حز26:36).
وعبارة "أعطيكم قلبًا جديدًا" تعنى قلبًا جديدًا في مشاعره وفى رغباته، وفى اتجاهه نحو الله بشهوات جديدة ونيات جديدة، ومفاهيم جديدة.. هذه هي التوبة الحقيقية، التي يقول عنها المرنم في المزمور:
"من كل قلبي طلبتك" (مز119).
والتي يقول عنها الرب في سفر يوئيل "مزقوا قلوبكم لا ثيابكم، وارجعوا إلى الرب إلهكم" (يوء13:2).
ويقول توبوا عن كل معاصيكم، وأعملوا لأنفسكم قلبًا جديدًا" (حز31:18). ويقول أيضًا "وأعطيهم قلبًا ليعرفوني" (أر7:24). وفى مزمور التوبة، يقول داود وهو شاعر بأهمية القلب في التوبة:
" قلبًا نقيًا اخلق في يا الله" (مز50).
إن التوبة ترتبط ارتباطا وثيقًا بنقاوة القلب. والتوبة معناها رجوع القلب إلى الله.. وإذا رجع القلب إلى الله، تصبح الإرادة قوية، قادرة على التخلص من الخطية. أما مشكلة البقاء في الخطية، على الرغم من محاولة تركها، فسببها إن الإرادة وحدها تحاول أن تصل إلى التوبة، بينما القلب لا يريد.
التوبة التي من القلب، هي التي تستمر.
أما التوبة التي هي مجرد وعود من اللسان، فلا تبقى طويلًا، مادام القلب في الداخل لم تدخله محبة الله، ولم يكره الخطية بعد.. لذلك فإن البعد عن التوبة، يعتبره الكتاب قساوة قلب. وفى ذلك يقول القديس بولس الرسول:
"إن سمعتم صوته، فلا تقسوا قلوبكم" (عب7:3،8).
وتتكرر هذه العبارة ثلاث مرات في نفس المناسبة، كما في (عب15:3) (عب7:4).. ذلك لأن القلب القاسي الخالي من مشاعر الحب نحو الله، لا تكون فيه أية استعدادات لقبول عمل الله فيه، ولا أية استجابة لشركة الروح.
إنه قلب قاس لا يلين، كما كان قلب فرعون الذي لم تؤثر فيه كل المعجزات والعجائب والضربات..
فالذي لا يستمع إلى صوت الرب، هو إنسان قاسي القلب.
التوبة ليست كلمات نقولها بألسنتنا. إنما هي تغيير في قلوبنا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. لهذا يقول الرب في سفر حزقيال النبي:
التوبة الحقيقية هي تغيير في القلب، وتغيير في شهوات الإنسان الداخلية.
بحيث يشتهى الخير، بدلًا من اشتهاء الخطية.. وليست التوبة الحقيقية مجرد امتناع خارجي عن الخطية، بينما القلب يشتهيها في الداخل!! لذلك يقول الرب عن التوبة:
"أرجعوا إلى بكل قلوبكم" (يوء12:2).
فى حياة التوبة، ضع أمامك هذه الحقيقة.
إن انتصرت في الداخل، في القلب، انتصرت في الخارج أيضًا.
أتقول في الخارج عثرات مغريات حروب، ليكن. وليكن قلبك منتصرًا في الداخل، لا يمكن أن تؤثر عليه كل هذه يوسف الصديق المنتصر في داخله، لم تقو عليه العثرات والمغريات والحروب.
أتقول "فلان نرفزني (أغضبني)"؟! كان الأولى أن تقول إن فلانًا أظهر لي الخطأ الموجود في قلبي. لأنه لو كان قلبي قويًا، ما كنت أقع في النرفزة..
إن الخطية تتكرر لأن القلب متمسك بها.
والكلام الروحي عن التوبة لا يأتي بنتيجة، لأن القلب لا يريده، أو لأن القلب يرفضه بسبب تعلقه بمحبة خاطئة.
العثرات الخارجية تؤثر وتقود إلى الخطية، إن كان القلب يستجيب لها. إما إن كان يرفضها، فهذه العثرات لا تعثره هو.. قد تعثر غيره، إن وجدت في قلب ذلك الغير قبولًا لها.. إذن إصلاح الناس يأتي من الداخل..
إن الانتصار على الخطية يأتي من الداخل.
فتاة تقول لها: لبسك، زينتك، شكلك، مكياجك.. أو شاب تقول له: شعرك الطويل بنطلونك الجينز، منظرك.. وتحاول أن تضغط من الخارج، أو تؤنب وتوبخ.. تاركًا القلب كما هو!! اعرف تمامًا أن هذا الأسلوب لا يجدي. المهم هو القلب من الداخل.. الاقتناع القلبي والفكري. هوذا القديس بولس الرسول يقول:
"تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم" (رو2:12).
إذن التغير الخارجي، المفروض أن يأتي بالتجديد الداخلي، بذهن يفكر بطريقة جديدة، روحانية، ينفعل بها القلب ومشاعره.. إننا نريد في الوعظ أن نتفاهم مع قلوب الناس، وليس مع آذانهم فقط.. إنما فقط.. إنما يتغير معه القلب أيضًا..
العجيب أن غالبية الناس في اعترافاتهم يعترفون بالخطأ الظاهري فقط، وليس بحالة القلب!
إنسان يغضب ويثور ويحتد ويشتم ويدين. ثم يعترف بهذه الخطايا فقط، ويندر أن يعترف بما في داخل القلب من عدم محبة، وعدم احتمال. وبأن القلب خال من الوداعة والتواضع واللطف.. وينقصه احترام الآخرين، ومراعاة مشاعرهم..
هل ننسى خطايا القلب، ونركز على خطايا اللسان؟!
بينما خطايا اللسان سببها أخطاء القلب الداخلية، لأنه من فيض القلب يتكلم الفم (لو45:6).. والعجيب أن إنسانا يخطئ هكذا فيقول البعض عنه "حقًا إن كلامه خطأ، ولكن قلبه أبيض"!! كلا يا أخوتي فالقلب الأبيض، ألفاظه بيضاء، والعكس صحيح..
إننا في أحيان أخرى نركز على خطايا الحواس، أو خطايا العمل، وننسى خطية القلب!!
نقول باستمرار إن خطية أمنا حواء، إنها خالفت الرب، وقطفت من الشجرة، وأكلت، وأعطت رجلها فأكل معها
وننسى خطية القلب التي أدت إلى كل هذا.. القلب الذي دخلته الشهوة، بعدما استمع إلى كلام الحية.. ولما تغير القلب، تغيرت نظرة الحواس.ونظرت المرأة بقلب فقد بساطته ونقاوته، فإذا الشجرة"جيدة للأكل،وبهجة للعيون، وشهية للنظر" (تك6:3).. بينما الشجرة كانت أمامهم كل يوم ولم ينظروا إليها هكذا من قبل
ولكن النظرة تغيرت، لما تغير القلب..
لما دخلت الشهوة إلى القلب، بدأت الحواس تشتهى.
فخطية الحواس خطية ثانية، أما الأولى فهي خطية القلب.
استمعوا إلى الرب يقول في عظته على الجبل عن الزنى:
"من نظر إلى امرأة واشتهاها، فقد زنى بها في قلبه" (مت28:5).
الزنى إذن قد كان في القلب، قبل أن يصل إلى الحواس. شهوة القلب الرديئة هي التي نجست النظر.. هل نعتبر هذه إذن خطية نظر، أم خطية قلب؟ إنها خطية قلب أدت إلى خطية نظر.. ولو كان القلب نقيًا، ما كانت هناك شهوة تالية للنظر..
أول خطية دخلت العالم، كانت خطية قلب.
أنها خطية الشيطان التي أرتفع قلبه. قال في قلبه" أصعد إلى السموات، أرفع كرسي فوق كواكب الله.. أصير مثل العلي" (أش13:14،14).. نذكر بهذا أيضًا خطية نبو خذ نصر إذ "ارتفع قلبه" (دا20:5). | |
|
| |
النهيسى الادارة العامة
عدد المساهمات : 912 تاريخ التسجيل : 15/05/2014
| موضوع: رد: القلــــــــب الأربعاء يونيو 18, 2014 4:12 am | |
| القلب والعبادة
ولأن الله ينظر إلى القلب ويهمه القلب، لذلك قال:
"يا ابني أعطني قلبك" (أم26:23).
وإن أعطيتني قلبك، سوف "تلاحظ عيناك طرقي"..
لأن هناك من لهم العبادة الشكلية، يظهرون من الخارج أنهم يلاحظون طرق الرب، بينما لم يعطوه قلوبهم. مثال ذلك الكتبة. والفريسيون الذين يبدون مدققين في تنفيذ الوصية، بينما قلوبهم بعيدة عن الله!! وعن هؤلاء وأمثالهم قال الرب:
"هذا الشعب يكرمني بشفتيه. أما قلبه فمبتعد عنى بعيداُ" (مر6:7).
لهذا قال يقبل الله مثل هذه العبادة. وقال عن الذين يحفظون الشعائر الخارجية بينما قلوبهم ملوثة من الداخل: "لا تعودوا تأتون بتقدمه باطلة.. رؤوس شهوركم وأعيادكم أبغضتها نفسي،صارت على ثقلًا، مللت حملها. فحين تبسطون أيديكم، أستر وجهي عنكم وإن أكثرتم الصلاة لا أسمع، أيديكم ملآنة دمًا" (أش13:1-15).
أحيانا تضع لنفسك جدولًا روحيًا تحاسب به نفسك على ممارساتك الروحية من صلاة وصوم وقراءات ومطانيات وتأمل..الخ.
فهل تحاسب نفسك على الممارسات أم على القلب؟!
من الجائز أن تضع علامة على قراءة الكتاب، وقلبك لم يشترك في تلك القراءة، أو الصلاة وقلبك لم يشترك فيها، أو الصوم ولم يكن من قلبك، ولم يصم أثناءه قلبك عن الشهوات.. أتراه كان جدولًا لحياتك الروحية بالحقيقة، بينما لم يدخل فيه حساب لقلبك؟!
الصلاة المقبولة هي الصلاة التي من القلب.
وليست هي مجرد ألفاظ نرددها أمام الله.. لذلك فإننا نقول في التسبحة "قلبي ولساني يسبحان القدوس" وليس مجرد اللسان وحده.
كذلك الذهاب إلى الكنيسة أيضًا: هل أنت تأتى إلى الكنيسة بقدميك، أم بقلبك؟
استمع إلى المرتل وهل يقول: فرحت بالقائلين إلى بيت الرب نذهب (مز1:122).
والفرح هو بلا شك من مشاعر القلب..
كذلك قراءة الكتاب: حينما تكون بالقلب، تقول مع المرتل "فرحت بكلامك،كمن وجد غنائم كثيرة" (مز119).
وهنا لا تجعل كلمات الله في ذهنك فقط، بل تدخل إلى داخل قلبك، كما قال داود في المزمور:
"خبأت كلامك في قلبي، لكيلا لا أخطئ إليك" (مز119).
وهذا الذي أوصنا به الرب حينما أعطانا الوصايا إذ قال: "ولتكن هذه الكلمات التي أوصيك بها اليوم على قلبك، وقصها على أولادك، وتكلم بها حين تجلس في بيتك" (تث6:6، 7)، في الأول تكون على قلبك، وليس في مجرد أذنيك، أو حتى في مجرد ذهنك.. | |
|
| |
النهيسى الادارة العامة
عدد المساهمات : 912 تاريخ التسجيل : 15/05/2014
| موضوع: رد: القلــــــــب الأربعاء يونيو 18, 2014 4:13 am | |
| القلب والعبادة
ولأن الله ينظر إلى القلب ويهمه القلب، لذلك قال:
"يا ابني أعطني قلبك" (أم26:23).
وإن أعطيتني قلبك، سوف "تلاحظ عيناك طرقي"..
لأن هناك من لهم العبادة الشكلية، يظهرون من الخارج أنهم يلاحظون طرق الرب، بينما لم يعطوه قلوبهم. مثال ذلك الكتبة. والفريسيون الذين يبدون مدققين في تنفيذ الوصية، بينما قلوبهم بعيدة عن الله!! وعن هؤلاء وأمثالهم قال الرب:
"هذا الشعب يكرمني بشفتيه. أما قلبه فمبتعد عنى بعيداُ" (مر6:7).
لهذا قال يقبل الله مثل هذه العبادة. وقال عن الذين يحفظون الشعائر الخارجية بينما قلوبهم ملوثة من الداخل: "لا تعودوا تأتون بتقدمه باطلة.. رؤوس شهوركم وأعيادكم أبغضتها نفسي،صارت على ثقلًا، مللت حملها. فحين تبسطون أيديكم، أستر وجهي عنكم وإن أكثرتم الصلاة لا أسمع، أيديكم ملآنة دمًا" (أش13:1-15).
أحيانا تضع لنفسك جدولًا روحيًا تحاسب به نفسك على ممارساتك الروحية من صلاة وصوم وقراءات ومطانيات وتأمل..الخ.
فهل تحاسب نفسك على الممارسات أم على القلب؟!
من الجائز أن تضع علامة على قراءة الكتاب، وقلبك لم يشترك في تلك القراءة، أو الصلاة وقلبك لم يشترك فيها، أو الصوم ولم يكن من قلبك، ولم يصم أثناءه قلبك عن الشهوات.. أتراه كان جدولًا لحياتك الروحية بالحقيقة، بينما لم يدخل فيه حساب لقلبك؟!
الصلاة المقبولة هي الصلاة التي من القلب.
وليست هي مجرد ألفاظ نرددها أمام الله.. لذلك فإننا نقول في التسبحة "قلبي ولساني يسبحان القدوس" وليس مجرد اللسان وحده.
كذلك الذهاب إلى الكنيسة أيضًا: هل أنت تأتى إلى الكنيسة بقدميك، أم بقلبك؟
استمع إلى المرتل وهل يقول: فرحت بالقائلين إلى بيت الرب نذهب (مز1:122).
والفرح هو بلا شك من مشاعر القلب..
كذلك قراءة الكتاب: حينما تكون بالقلب، تقول مع المرتل "فرحت بكلامك،كمن وجد غنائم كثيرة" (مز119).
وهنا لا تجعل كلمات الله في ذهنك فقط، بل تدخل إلى داخل قلبك، كما قال داود في المزمور:
"خبأت كلامك في قلبي، لكيلا لا أخطئ إليك" (مز119).
وهذا الذي أوصنا به الرب حينما أعطانا الوصايا إذ قال: "ولتكن هذه الكلمات التي أوصيك بها اليوم على قلبك، وقصها على أولادك، وتكلم بها حين تجلس في بيتك" (تث6:6، 7)، في الأول تكون على قلبك، وليس في مجرد أذنيك، أو حتى في مجرد ذهنك.. | |
|
| |
النهيسى الادارة العامة
عدد المساهمات : 912 تاريخ التسجيل : 15/05/2014
| موضوع: رد: القلــــــــب الأربعاء يونيو 18, 2014 4:14 am | |
| القلب والصلاة
الصلاة ليست مجرد كلام نتلوه أمام الله، وليست مجرد حديث مع الله، إنما هي مشاعر قلب ينسكب أمام الله، حتى من غير كلام، لذلك يقول المرتل:
"باسمك أرفع يدي، فتشبع نفسي كما من شحم ودسم" (مز119).
مجرد رفع اليدين، حتى من غير كلام. فكم بالأولى كلامه!
في صلاة كل من الفريسي والعشار: الفريسي تكلم كلامًا كثيرًا، ولم يكن قلبه مع الله، فلم يقبل الله صلاته. أما العشار فقال عبارة واحدة، بقلب منسحق "فرجع إلى بيته مبررًا دون ذاك" (لو14:18). وبالمثل العبارة الواحدة التي قالها اللص اليمين من أعماقه فورث بها الفردوس (لو42:23،43).
ليس المهم في صلاتك كلماتها، بل مشاعرها..
هل هي صلاة بعاطفة،بحرارة، بفهم، بإيمان..؟ هل هي صلاة بانسحاق قلب، باتضاع؟ هل هي صلاة فيها مشاعر الحب والشوق إلى الله؟ هل فيها العمق والتأمل؟ أم هي مجرد ألفاظ وكلماتك تعدها أمام الله، صادرة من شفتيك وليس من قلبك؟!
الصلاة إذن هي رفع القلب إلى الله.
وليست مجرد رفع اليدين، أو رفع العينين إلى فوق.. إنها رفع القلب عن كل الماديات والأرضيات لكي يتجه إلى الله بكل عواطفه.. اسمع قول الرب وهو يوبخ اليهود:
هذا الشعب يكرمني بشفتيه، أما قلبه فمبتعد عنى بعيدًا (مت8:15) (مر6:7) (أش13:29).
على ضوء هذه العبارة افحص صلاتك.. وحاول أن تشعر بعمق الصلة بينك وبين الله..
حتى صلوات الآخرين،تستطيع أن تميزها..
هل هي ابتهال من العمق، وحديث روحي مع الله، أم هي مجرد تلاوة، أو ضبط نغمات في لحن..؟! وتراك تتأثر من الشخص الذي يصلى من قلبه، وكأنه يقول مع المرتل في المزمور:
"من كل قلبي طلبتك" (مز10:119).
وهذا هو ما يريده الرب نفسه "تطلبونني فتجدونني، إذ تطلبونني بكل قلبكم" (أر13:29)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. إذن صلاة الشفتين فقط، ليست صلاة بالحقيقة. ولهذا نقول في صلوات التسبحة "قلبي ولساني، يسبحان القدوس".. قلبي أولًا، ثم يشترك معه لساني. | |
|
| |
النهيسى الادارة العامة
عدد المساهمات : 912 تاريخ التسجيل : 15/05/2014
| موضوع: رد: القلــــــــب الأربعاء يونيو 18, 2014 4:16 am | |
| كلمة منفعه القلب القوي
القلب القوى، هو القلب الصامد، الذي لا تقوى عليه العوامل الخارجية، فلا يهتز بسبب من الخارج.
القلب القوى، لا تغيره كلمة مهما كانت قاسية. ولا تزعجه معاملة مهما كانت شاذة، ولا تغريه إغراءات، ولا تهزه إثارات، إنه صامد، لا تتحكم فيه سوى مبادئه التى يؤمن بها، ومثالياته التي يتمسك بها..
القلب القوى لا يحوله الكبرياء مال وجاه ومنصب ورفعة مادية وروحية. كما لا يسقطه في صغر النفس ما هو عكس هذا.
القلب القوى، لا ينتصر عليه القلق ولا اليأس، ولا الاضطراب ولا الخوف، بل يسمع قول الرسول: (كونوا راسخين غير متزعزعين) (1كو 15: 58).
ولقوة القلب أسباب، بعضها طبيعي، وبعضها من النعمة.
هناك إنسان قوى القلب بطبعه، كالأسد، فيه جسارة، وله بسالة، ولا يخاف. ولكنه قد يكون روحيًا، وقد لا يكون. وقد يظهر قوة في مجالات معينة، ثم يضعف أمام دمعة ورجاء، أمام أم وأبن. وقد يضعف أمام رغبة معينة لا يستطيع مقاومته.
وإنسان آخر، سبب قوته يتركز في روحياته..
فالإنسان الزاهد في كل شيء، يكون دائمًا قويًا، لأنه لا يحرص على شيء، ولا يشتهى شيئًا، ولا توجد فيه نقطة ضعف يحاربه بها العدو. كما قال القديس أوغسطينوس: (جلست على قمة العالم، حينما أحسست في نفسي أني لا أشتهى شيئًا، ولا أخاف شيئًا).
وقد يكون سبب قوة الإنسان محبته للأبدية، فأصبح الموت نفسه لا يخيفه وقد يكون سبب قوة قلبه، محبته للحق، والحق دائما قوى مهما صادمته المقاومات.
وقد يكون سبب قوة القلب، هو الإيمان..
الإيمان بقوة الله التي معه، والتي تحرسه وتحميه، والتي تعطيه معونة من الروح القدس، كما قال الرب: (ولكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم) وكما قال بولس: (أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني).
| |
|
| |
النهيسى الادارة العامة
عدد المساهمات : 912 تاريخ التسجيل : 15/05/2014
| موضوع: رد: القلــــــــب الأربعاء يونيو 18, 2014 4:19 am | |
| البابا شنودة الثالث المنشورة
قساوة القلب
القساوة مكروهة من الجميع، إلا من القساة أنفسهم. وهى منفّرة، ولها نتائج سيئة عديدة. وهى ضد الرحمة والرأفة والرقة، وضد الوداعة والاتضاع... ومن مظاهر القساوة: الكلمة القاسية، والنظرة القاسية، والمعاملة القاسية، والعقوبة القاسية، والتوبيخ القاسي، والعقاب القاسي، وغير ذلك. أي أن القلب القاسي يبسط قساوته على كل تصرفاته. وقد تكون قساوته على الجسد أو على النفس أو كليهما، وسنحاول في هذا المقال أن نطرق كل هذه الأمور، كما نبين أسباب القساوة ونتائجها.
غالبًا ما تكون القسوة ناتجة من استبداد القوي بالضعيف، والعمل على قهره، في حين لا يستطيع هذا المسكين أن يدافع عن نفسه، أو أن يقاوم بطش القوي! والعجيب أن هؤلاء القساة لا يوبخهم ضميرهم، بل إنهم يعتبرون بطشهم دليلًا على ما يتمتعون به من قدرة وقوة! أو أنه دليل على سلطانهم وسيطرتهم..
وقد تصدر القسوة في محيط الأسرة، من أبٍ يخطئ في فهم أسلوب التربية السليمة، ويظن أن الحزم في تربية أبنائه يعني القسوة عليهم لكي يتأدبوا!! وهكذا يضيّق عليهم في كل شيء، ولا يعطي لشخصياتهم فرصة للنمو، بل على العكس يجعلهم يعيشون في جو من الأوامر والنواهي، وفي لون من الحصر النفسي، مما يجعلهم يكرهون البيت الذي يعيش فيه هذا الأب العنيف القاسي، وقد يهربون من قسوته، ملتمسين صدرًا حنونًا وحضنًا دافئًا يحتويهم، وربما يقودهم ذلك إلى الضياع أو الضلال..
وربما تحدث هذه القسوة من زوج ضد زوجته، باعتباره رب البيت، وله سلطان على الزوجة، فيهينها ولا يعاملها برفق، ولا يشفق عليها في أي تقصير مهما كان غير مقصود، أو ما يعتبره هو تقصير حسب وجهة نظره... وبهذا الوضع يختفي الحب من بيت الزوجية، وتحل محله السلطة والنفوذ. وقد تتهدد الحياة الزوجية بالتفكك، والزوج لا يبالي. وكل ما يهمه أن يحتفظ بمركزه كرجل البيت القوي، الذي كل شيء في نطاق قوته وسلطانه!! في بلاد الغرب -أمريكا مثلًا- إذا قسا الرجل على زوجته أو أولاده، أو إن ضرب أحدًا منهم، بإمكانهم أن يطلبوا له البوليس تليفونيًا، فيأتي ويقبض عليه ويبيت في الحبس، ويُحقق معه. وفي بلاد الشرق يمكن أن تلجأ الزوجة إلى القضاء وتطالب بالانفصال عن زوجها لسوء معاملاته... غير أن كثيرًا من النساء يقبلن القسوة من الزوج في صبر، باعتباره أبو الأولاد، وعائل الأسرة، وسند البيت. ويعرف الزوج هذه الحقيقة ويستمر في قسوته!!
وأحيانًا يقسو الأب على أولاده من زوجته الأولى بسبب من زوجته الحالية التي توغر صدره ضدهم، لأنها لا تحبهم. وقد تصدر القسوة منها مباشرة ضد هؤلاء الصغار. ولذلك يكره الأبناء زوجة الأب ويصفونها بالقسوة. نفس الاستبداد بالضعفاء والقسوة عليهم، يحدث في مجال العمل، من مدير قاسٍ ضد موظفيه أو مرؤوسيه. وذلك بحكم سلطانه عليهم، وشعوره بالقدرة على التدخل في مصائرهم. وما أسهل أن يكتب تقارير شديدة ضد بعضهم تسئ إليه، وتُستغل بتهديده بالخصم من مرتبه، بل والفصل من وظيفته. ولهذا ما يشكو هؤلاء الموظفون من رئيسهم القاسي، أو يتملقونه في جبن حرصًا منهم على بقاء مصدر رزقهم! وخوفًا من هذا الإذلال الذي يقاسونه من هذا القاسي، فيهبط مستوى نفسياتهم..
الرجل النبيل أو الروحاني، يحاول باستمرار أن يُخضع نفسه بتداريب من ضبط النفس وبخاصة في حالة الغضب. أما الشخص القاسي فهدفه أن يُخضع غيره له، اعتزازًا منه بقوته، غير مبالٍ بالمثاليات. ومسكين من يقع في يده. لهذا صدق داود النبي حينما قال "أقع في يد الله، لأن مراحمه واسعة، ولا أقع في يد إنسان"...
القسوة تحدث أحيانًا في مجال العقوبة، حينما تكون فوق الاحتمال، وبعدم النظر إلى ظروف المخطئ. وما أكثر ما يحدث بطريق غير مباشر، أن تُصيب العقوبة أسرة المخطئ أيضًا. لأنه هو عائل الأسرة. ومعروف المثل "أضرب الراعي، فتتشتت الرعية". لذلك يحسُن أن ينظر المجتمع في معاقبة المخطئين إلى الحالة الاجتماعية وليس إلى مجرد الفرد!
القسوة كذلك تأخذ مجالها في "أجور العاملين". فالرجل الثري الذي يملك المصانع والشركات والمشروعات، وكذلك الغني الذي يحتكر السوق، إذا حدث من هذا أو ذاك أنه أعطى العاملين تحت يده أجورًا زهيدة لا تكفي معيشتهم مع غلو الأسعار، فهذه بلا شك قسوة منه، وعدم مبالاة بحاجة الآخرين وعوزهم. هؤلاء مذلتهم تصرخ إلى الله، ويصرخ معها كل المهمّشين في المجتمع الذين لا يجدون رزقًا ولا وظيفة..
إن إذلال الناس قسوة لا يرضاها الله "ومن يسمع صراخ المسكين ولا يستجيب، فأنه يصرخ أحيانًا إلى الله ولا يُستجاب". لأنه بالكيل الذي يكيل به للغير، يُكال له أيضًا. فليلتفت القساة إلى أنفسهم، لئلا يأتي الوقت الذي فيه يجازيهم الله حسب أعمالهم.
متى يلين إذًا قلب القاسي ويتخلص من قسوته؟ ومتى يرحم غيره لكي يعامله الله بالرحمة؟ متى يعرف أن الفترة التي يمارس فيها القسوة على الأرض هي فترة محدودة إذا ما قيست بالأبدية غير المحدودة. . وفي تبدُّل يشعر بالآم غيره.
حسن أن يعيش الإنسان سعيدًا ولكن إن أسعد غيره، فأنه يشعر بسعادة أكثر. فإن كانت في يده سلطة أو ثروة، ليته يستطيع أن يسعد بها الآخرين، فيدعون له أن يبقيه الله وينميه، ويطرح الخير كل الخير فيه..
وإن كانت القسوة سببها السلطة أو محبة السيطرة فإن السلطة لا تدوم، إنما هي اختبار للإنسان كيف يستخدمها؟ هل لاستعباد غيره، أو لإثبات عظمته هو وقدرته على إخضاع الغير؟! حقًا إن في القسوة لونًا من الكبرياء يجب أن يتخلص منه القلب النبيل الحريص على أبديته. كذلك فإن القلب الحساس الذي يشعر بآلام الغير ويشفق عليهم، لا يمكن أن يكون قاسيًا في يوم ما، ضد أي أحد.
قسوة القلب
إن الله ـتبارك اسمهـ إله رحيم, يتصف بالحنو والشفقة علي عباده ولا يعاملهم أبدا القسوة. وهو يطيل أناته حتى علي الخطاة منهم, ولا يعاملهم بقسوة, ولو أنه عاملهم بما يستحقون, ما كان يمكن أن يخلص أحد.. وهو يريدنا أن نكون أيضا لطفاء بعضنا نحو بعض لا نقسو علي غيرنا.
ولا حتى علي الحيوان, ومن هنا وجدت جمعيات للرفق بالحيوان. والقسوة مكروهة من الكل, وبخاصة من أصحاب القلوب الرقيقة.
** ونبدأ أولا بالحديث عن القسوة في محيط الأسرة: فأحيانا يَقْسو الأب علي أولاده, بحجة الحزم في تربيتهم, وهكذا يفقدهم الحنان الذي يحتاجون إليه منه كمصدر طبيعي للحنان. فيضطر بعضهم إلى طلب الحنان من مصدر خارجي غير مضمونة نتائجه, وفي محيط الأسرة قد يقسو الزوج أيضا علي زوجته وبسبب غيرته الخاطئة قد يراقبها في كل أعمالها وأقوالها كما لو كانت متهمة أمامه. وبعض الأزواج قد يحبسون زوجاتهم فلا يخرجن إلا بإذن أو بسبب جوهري. بل قد تصل القسوة أحيانا إلي الضرب.. وما أسهل ما ينتهي الأمر في مثل هذه العلاقة الزوجية إلي الطلاق أو الخُلع. وهناك نوع آخر من القسوة في محيط الأسرة حينما يطلب الأبناء من آبائهم نفقات معينة تفوق قدرتهم المالية بكثير, وأيضا حينما تطلب الزوجة طلبات فوق قدرة زوجها. ولكن أبشع ما قرأنا عنه في الجرائد هو قسوة بعض الأبناء علي آبائهم أو أمهاتهم لدرجة القتل.عجيب أن يقتل شخص أباه أو أمه في شيخوخة أحدهما وعدم قدرته في الدفاع عن نفسه.. إنه لون من ألوان القسوة البشعة.
** والمعروف أن القسوة تبدأ أولا في القلب, وقد تتطور إلي قسوة في اللسان من جهة الكلمة القاسية أو النظرة القاسية. وقد قال سليمان الحكيم في ذلك: الجواب اللين يصرف الغضب, والكلام الموجع يهيج السخط, ولذلك ننصح كل أحد أن يتخير ألفاظه التي يتكلم بها مع الآخرين فيبعد عن كلمة جارحة وعن كلمات الإهانة, وكلمات التهكم وخصوصا التهكم اللاذع لأنه جارح أيضا. لأن الله لا يعاقب فقط علي المعاملة السيئة وإنما أيضًا عن مجرد الكلام السيئ إن القسوة كما تخرج من القلب وتصل إلي اللسان وإلي النظرة القاسية حينما تصل كذلك إلي المعاملة. ولعلنا نذكر أيضًا قسوة الحماة في معاملة زوجة ابنها بحجة محبتها لهذا الابن, بينما عليها ان تحبه للحفاظ علي استقراره في حياته العائلية, وكذلك عليها أن تحب زوجة ابنها باعتبارها ابنة لها أيضا.
إن القسوة تظهر أيضًا في درجة العقوبة.. فهناك رئيس في العمل يحاسب بلا رحمة علي كل صغيرة وكبيرة وفي قسوته لا يمكن أن يجد عذرًا لأحد من الذين يعملون تحت رئاسته. وإذا عاقب يفرض أقصي عقوبة ممكنة.. وأحيانًا قد تصل عقوبته إلي فصل هذا العامل من وظيفته, وإلقائه إلى الشارع بلا رزق وبلا حنو غير واضح في نفسه مصير هذا الإنسان وأسرته معه! بينما هناك درجات من العقوبات يمكن أن تفرض, أما القساة فيفرضون أصعب العقوبات ولا يبالون: وقد توجد القسوة أيضا بين صديق وصديقه, في لون العتاب ودرجته.
فالعتاب القاسي هو الذي يكون بشدة وعنف وباتهامات تكون سببًا في ضياع العلاقة بين الاثنين. وكما قال الشاعر:
ودع العتاب فرُبَّ شرٌ كان أوله العِتابا
** إن القلب القاسي هو بعيد عن الوداعة والرحمة وعن الشفقة والحنو, بل انه يتصف بالعنف أيضًا. بينما يطلب منا الله أن نكون لطفاء, بعضنا نحو بعض, بعيدين عن القسوة.
**والقسوة عموما منفرة لا يقبلها أحد, والقاسي قد يخسر الآخرين, ويعطي صورة سيئة عن نفسه. وما أكثر النتائج الضارة من القسوة للشخص نفسه وللآخرين. وقساوة القلب قد تدفع إلي الحدة والي الغضب, وتشتعل مشاعر القاسي ضد غيره بسرعة ويحتد ويثور ويهدد ولا يحتمل أن يمسه أحد بكلمة, وفي نفس الوقت لا يراعي مشاعر الآخرين فيجرح غيره بسهولة وفي لامبالاة. . والعجيب أن الإنسان القاسي يجمع بين أمرين متناقضين: فيكون حساسًا جدًا من جهة المعاملة التي يعامله بها الناس, ولا إحساس له من جهة وقع معاملته القاسية علي الآخرين. والقسوة قد تكون علي الجسد أو علي النفس, فأبشع قسوة علي الجسد هي في تعذيبه, كما كان يفعل الضباط الرومان, ومن أمثلة ذلك ما رأيته في إنجلترا في مكان يسمي بيت الرعب, فيه نماذج من ألوان التعذيب التي حدثت في بعض العصور, أما القسوة علي النفس فيكون ذلك بإذلالها وفي التشهير بها وفي المعاملة المهينة لها ومن أمثال ذلك معاملة العبيد, ويحضرني هنا قول الشاعر:
لا تشتر العبد إلا والعصا معه إن العبيد لأنجاس مناكيد
حيث كان العبد يحرم من كل حقوقه البشرية أحيانًا إلي جوار ضربه وجَلده. ونذكر أيضا في هذا المجال المعاملة القاسية التي كان البيض يعاملون بها السود في القرون الماضية. وقد تعرض لبعض هذه المعاملة المهاتما غاندي حينما كان محاميًا في جنوب إفريقيا قبل ذهابه إلي الهند, ولعل من الأمثلة البارزة للقسوة في التاريخ قسوة فرعون.
** هناك قسوة أخري تظهر في قلب البخيل الذي يرفض أن يحن ويشفق علي المحتاجين مهما كان سوء حالتهم. وهناك لون آخر من القسوة في التعليم الذي يفرض علي البعض درجة فوق مستوي قدرتهم. ومن أمثلة ذلك المعلمون الذين لا يراعون المستوي الذي يناسب كل أحد من جهة قدرته الروحية. علي أن هناك أشخاصًا قساة القلب من جهة رفضهم لعمل الله في قلوبهم, فهم يرون وصايا الله ثقيلة عليهم, بينما الثقل كله هو في قلوبهم وإرادتهم. الواحد منهم لا يتأثر بالكلام الروحي, بل قد يسخر ويتهكم ويرفض السماع!! ومن أمثلة هؤلاء الوجوديون الذين يرون أن وصايا الله تلغي وجودهم وحريتهم فمن الخير أن الله لا يوجد لكي يتمتعوا هم بذلك الوجود الوهمي!
| |
|
| |
النهيسى الادارة العامة
عدد المساهمات : 912 تاريخ التسجيل : 15/05/2014
| موضوع: رد: القلــــــــب الأربعاء يونيو 18, 2014 4:21 am | |
| صفات القلب القاسي
القلب القاسي – من جهة تعامله مع اله – يعيش في جو من اللامبالاة. كلمة الله لا تترك تأثيرها في قلبه. بل كما حدث مع أهل سادوم، لما كلمهم لوط وحذرهم من غضب الله" كان كمازح في أعين أصهاره" (تك19: 14).. كلمة الله بالنسبة إلى قلوب القساة مثل بذار وقع على صخر.
القاسي القلب، ليس فقط لا يتأثر بكلام الروح، بل قد يسخر ويتهكم، ويرفض السماع!
ويرفض المجال الذي تقال فيه كلمة الله وذلك إذا تقسي قلب إنسان من جهة الله، يبعد عن الكنيسة والاجتماعات، ويبعد عن الكتاب المقدس وعن الصلاة، وعن كل الممارسات الروحية. ولا تعود هذه الأمور تؤثر فيه كما كانت قبلًا..
تصبح وصايا الله ثقيلة عليه، بينما الثقل هو في قلبه..
قلبه قاس لا يتأثر بأي دافع روحي لا يتأثر بحنان الله، ولا بإنذاراته وعقوباته. ولا يتأثر بالحوادث ولا بالأحداث، لا بالمرض ولا بالموت أحبائه ولا تؤثر فيه صلاة ولا كلمة روحية. وإحسانات الله يقابلها بنكران للجميل أو ينسبها إلى أسباب بشرية وينطبق عليه قول الرب:
"بسطت يدي طول النهار إلى شعب معاند ومقاوم" (رو10: 21).
وهكذا فإن قساوة القلب تقود إلى العناد والمقاومة. وربما شخص مخطئ تشرح له خطأة لمدة ساعات طويلة، وكأنك لم تقل شيئًا هو مصر على موقفه، يرفض أن يعترف بالخطأ. القلب صخري لا يستجيب..
ما أصعب أن تتخلى النعمة عن مثل هذا الشخص، كما قال الرب: "فلسمتهم إلى قساوة قلوبهم، ليسلكوا في مؤامرات أنفسهم" (مز81: 12).
أو كما قيل: "أسلمهم الله إلى ذهن مرفوض ليفعلوا" (رو1: 28) لذلك أسلمهم الله إلى أهوان الهوان (رو1: 26).
وهكذا إذا استمرت قساوة القلب، تكون خطيرة جدًا، لأنها تقود إلى التخلي من جانب الله، والضياع من جهة الإنسان..
الإنسان الحساس دموعه قريبه. أما القاسي، فيندر أن تبتل عيناه.
مهما كانت الأسباب.. لأن الدموع دليل على رقة الشعور، والقاسي لا رقة في مشاعره، سواء في تعامله مع الله أو مع الناس..
بل على العكس، تقوده قساوة القلب إلى الحدة وإلى الغضب.
فالقاسي تشتغل مشاعره ضد الآخرين بسرعة، ويحتد، ويثور، ويهدد وينذر ولا يحتمل أن يمسه أحد بكلمة. وفي نفس الوقت لا يراعي مشاعر الآخرين بجرح غيره بسهولة وفي لا مبالاة. ولا مانع من أن يهين غيره ولا يشتمه. ولا يتأثر من جهة وقع الألفاظ عليه..
وهنا يجمع القاسي القلب بين أمرين متناقصين: فيكون حساسًا جدًا من جهة المعاملة التي يعامله بها الناس ولا إحساس من جهة وقع معاملته على الآخرين.
فهو إذا وبخ غيره بحق أو بغير حق يكون كثير التوبيخ وعميقة. وإذا غضب على أحد، يكون طويل الغضب وعنيفة.
في قسوته لا يحتمل أحدًا، ويريد أن يحتمله الكل، فلا يثورون لثورته بل يتقبلونها في شعور بالاستحقاق لما ينالهم منه:
على كل، القسوة منفرة، ومن يستسلم لحروب القسوة، يخسر الناس ويفشل في حياته الاجتماعية...
لذلك احترسوا جميعًا من قساوة القلب" وكونوا لطفاء بعضكم نحو بعض" (أف4: 32) وتذكروا أنه من ثمار الروح: "وداعة ولطف أناة" (غل5: 22).
ومن ثمارها أيضًا المحبة والسلام..
مادام الأمر هكذا، فلنعرف ما هي أسباب قساوة القلب لكي نتفاداها. | |
|
| |
النهيسى الادارة العامة
عدد المساهمات : 912 تاريخ التسجيل : 15/05/2014
| موضوع: رد: القلــــــــب الأربعاء يونيو 18, 2014 4:24 am | |
| البابا شنودة الثالث القلب العطوف
كلمتكم في مقالنا السابق عن القلب الكبير المملوء بالتسامح والعفو، وهو أيضًا القلب العامر بالسلام والطمأنينة. واليوم أود أن أحدثكم عن القلب العطوف المملوء بالحنان والرقة الذي يفيض إشفاقًا على كل أحد، حتى على الذين لا يستحقون..!
وحنو الإنسان على غيره قد يشمل الكائنات جميعًا. فيحنو على العصفور المسكين، وعلى الزهرة الذابلة، وعلى الشجرة العطشى إلى الماء. ويحنو على الحيوان الضعيف الخائف من وحش يفترسه!
وقد يكون الحنو من نواحي مادية أو جسدية. كما يكون من نواحٍ نفسية أو معنوية. وخلاصة الأمر أن القلب العطوف يفيض بحنانه في كل المجالات وعلى الكل. فيشفق على الفقير المحتاج، وعلى المريض المتألم. كما يشفق على اليائس المتعب نفسيًا، وعلى الخاطئ الساقط المحتاج إلى من يأخذ بيده ويقيمه.
والحنان ليس مجرد عاطفة في القلب، وإنما القلب العطوف تتحول فيه العاطفة إلى عمل جاد من أجل إراحة الغير. ذلك لأن الحنان النظري هو حنان قاصر ناقص، يلزمه إثبات وجوده بالعمل. فهو لا يحنو بالكلام واللسان، بل بالعمل والحق.
إن القلب العطوف يمكنه أن يكسب الناس بحنوه. أما القلب القاسي فينفّرهم. لأن القلب القاسي دائمًا يحطم ويهدم. وقسوته لا تشفق ولا ترحم. إنها نار تأكل كل شيء، حتى نفس القاسي! أما الناس فيحتاجون إلى من يعطف عليهم، وإلى من يأخذ بأيديهم، فيشجع الضعيف، ويقيم الساقط. من يفهم ظروف الناس واحتياجاتهم وتكون له روح الخدمة، فيخدم الكل، ويساعد الكل ويعينهم. ولا يحتقر ضعفات الناس. بل يشددّ الركب المخلّعة والأيدي المسترخية.
القلب العطوف يجول يصنع الخير. ولا يقول عن الساقطين الخاطئين إنهم لا يستحقون. بل يرى بالحري أنهم يحتاجون.
أليس أن الله تبارك اسمه وهو في علو قداسته، نراه يشفق علينا، ونحن في عمق خطايانا. وهكذا يستر ولا يكشف! وكم من أناس غطسوا في الشر، فلم يكشفهم ولم يفضحهم، ولم يشأ أن يعلن مساوئهم للناس. لأنهم لو انكشفوا لضاعوا، وانسد أمامهم الطريق إلى التوبة بعد فقدهم لثقة الناس..! لذلك فأن القلب العطوف لا يتحدث عن أخطاء الناس، ولا يشّهر بها، ولا يقسو في الحكم عليها. بل قد يجد أحيانًا لهم عذر، أو يخفف من المسئولية الواقعة عليهم. وإن قابلهم، لا يفقد توقيره لهم، معطيًا إياهم فرصة لإصلاح وضعهم. بل أنه قد يضحي بنفسه من أجلهم، ويحمل بعض المسئولية عوضًا عنهم.
قال أحد القديسين "إن لم تستطع أن تمنع من يتكلم على الغير بالسوء، فعلى الأقل لا تتكلم أنت". وقال أيضًا "إن لم تستطع أن تحمل خطايا الناس وتنسبها إلى نفسك لتنقذهم، فعلى الأقل لا تستذنبهم وتنشر خطاياهم".
إن القلب العطوف يعيش في مشاعر الناس: يتصور نفسه في مكانهم، ولا يجرح أحد. ويبرهن على نقاوة قلبه بعطفه على الكل... وهو يعرف أن الطبيعة البشرية حافلة بالضعفات. وربما أقوى الناس تكون في حياته أيضًا ثغرات. لذلك فأن القلب العطوف ينظر إلى الناس في حنو، حتى في سقوطهم أيضًا. وبهذا كان أقوى المرشدين الروحيين هم الذين يفهمون النفس البشرية، ولا يقسون عليها في ضعفاتها. إن القلب العطوف، لا يعامل الناس بالعدل المطلق مجردًا، بل يخلط بالعدل كثيرًا من الرحمة. ولا يزن بميزان عدل جاف حرفي يطبق فيه النصوص. بل أيضًا يقدّر الظروف المحيطة، سواء كانت عوامل نفسية أو وراثية أو تربوية أو عوامل اجتماعية. أما الذي يصب اللعنات على كل مخطئ، دون أن يقدّر ظروفه أو يفحص حالته، فإنه قلب لا يرحم. القلب العطوف لا يحكم على أحد بسرعة. بل يعطي كل أحد فرصته للدفاع عن نفسه وتوضيح موقفه.
وهو لا يكثر اللوم والتوبيخ.. وإن وبّخ، فإنما يكون ذلك بعطف وليس بقسوة. وقد يقدّم لتوبيخه بكلمة تقدير أو كلمة حب، حتى يكون التوبيخ مقبولًا. وإن احتاج الأمر منه إلى حزم وشده، فقد يفعل ذلك مضطرًا. ولكنه في مناسبة أخرى يصلح الموقف. ويعالج بالحنو نفسية ذلك المخطئ.
والقلب العطوف لا يُخجل أحدًا ولا يجرح أحدًا. وقد يشير إلى الخطأ من بعيد بألفاظ هادئة. وربما بطريق غير مباشر، وربما في السرّ وليس في أسماع الناس.
أما الذي يرجم الناس بالحجارة، فعليه أن يتروى، لئلا يكون بيته من زجاج... وليعلم أن كل الفضائل بدون المحبة ليست شيئًا، وأن المحبة تتأنى وترفق، وتكسب الناس بالحنو، ولا تخسرهم بالقسوة. ورابح النفوس حكيم.
أيضًا القلب العطوف دائمًا يعطي.. وهو يعطي في حب، وباستمرار، دون أن يُطلب منه، بل بدافع داخلي..
إنه دائم التفكير في احتياجات الناس ليقوم بها، دون أن يقولوا له.
هذا القلب العطوف يريد أن يريح الناس وأن يسعدهم. وإن وُضعت في يده مسئولية، يستخدمها لراحة الناس. وإن وهبه الله ثروة أو سلطة أو أيه إمكانية، فإنه يستخدمها أيضًا لأجل راحة الناس، كل الناس.
والقلب العطوف لا يستطيع أن ينام، إن عرف أن هناك شخصًا في تعب أو احتياج. بل يظل يفكر ماذا تراه يفعل لأجله. لذلك كان من المستحيل على مثل هذا القلب أن يؤذي أحدًا، لأنه يتألم لآلام الناس أكثر من تألمهم هم...
والقلب العطوف يعطي من حبه وليس من مجرد جيبه، ويُشعر الآخذين من عطائه أنه من إنسان محب، وليس مجرد محسن. . وهو يعطي الكل. ولا يقتصر على الأصدقاء والأحباء وذوي القربى أو أخوته في الدين والمذهب، بل هو يريح الجميع.
وهو يعطي بكور إيراداته، أي أوائل ما يصل إليه لكي يبارك الله الكل. يعطي المرتب الأول الذي يتقاضاه، والعلاوة الأولى، وأول ما يصل إليه من إيراد. فالجرّاح مثلًا يعطي أجر أول عملية يجريها، والطبيب يعطي أجر أول كشف، والمدرس يعطي أجر أول درس خصوصي. والصانع يقدم أجر أول عمل يقوم به. والزارع يعطي أول حصيد أرضه، وأول ثمر شجرة. كل ذلك يُقدّم عطية للمحتاجين والمعوزين.
وأجمل ما في العطاء أن يعطي الإنسان من أعوازه ليسد احتياج غيره. وفي هذا منتهى الحب والحنو. لأن فيه تزول الذاتية، وتحل محلها محبة الغير، بل تفضيل الغير على المعطي نفسه.
وفي كل هذا، يشعر القلب العطوف إنه إنما يعطي من مال الله لعيال الله، دون أي فضل من جهته! وكيف ذلك؟
في الواقع أننا لا نعطي شيئًا من مالنا، بل من الله الذي أعطانا ما نعطيه، وأعطانا أيضًا موهبة العطاء. فكل شيء نملكه هو ملك لله. ونحن مجرد وكلاء على ما عندنا من مال، قد استودعنا الله إياه لكي ننفق منه على وجهات الخير. وهو الذي يعطي القلب العطوف ما فيه من عطف وإشفاق. | |
|
| |
النهيسى الادارة العامة
عدد المساهمات : 912 تاريخ التسجيل : 15/05/2014
| موضوع: رد: القلــــــــب الأربعاء يونيو 18, 2014 4:26 am | |
| البابا شنودة الثالث المنشورة القلب الكبير
إن الإنسان الضيق القلب يتأثر بسرعة، ويتضايق بسرعة، ويندفع في الانتقام لنفسه. أما صاحب القلب الكبير، فإنه واسع الصدر، يحتضن في داخله جميع المسيئين مع إساءاتهم. فلا تتعبه أخطاء الغير، ولا يقابل الإساءة بالإساءة. إنما تذوب جميع الإساءات في خضم محبته، وفي لجة احتماله...
القلب الكبير أقوى من الشر. فالخير الذي فيه أقوى من الشر الذي يحاربه. فهو دائم الحب -مهما حدث- ودائم السلام يشبه الصخرة التي تلطمها الرياح وهى ثابتة لا تتزعزع. ويرى أن الخطاة عبارة عن أشخاص ضعفاء قد غلبهم الشر الذي يحاربهم. فهم يحتاجون إلى من يأخذ بأيديهم، وينقذهم مما هم فيه...
فهو يعلم علم اليقين أن المسيء، إنما يسئ إلى نفسه قبل أن يسئ إلى غيره. وإذ هو يسئ إلى مستواه الروحي، وإلى نقاوة قلبه، وإلى سمعته، وإلى مصيره الأبدي. وفي نفس الوقت لا يستطيع أن يضر غيره ضررًا حقيقيًا... فالذي يشتم غيره مثلًا، إنما يعلن نوع أخلاقياته هو، دون أن يضر المشتوم في شيء. ويبقى المشتوم في مستواه العالي، لا تقلل الشتيمة من جوهر معدنه الكريم. بل تدل على خطأ مقترفها. والذي أصابته الإهانة -فإن كان قلبه كبيرًا- نراه لا يتأثر. بل يأخذ موقف المتفرج وليس موقف المنفعل..! وفي أعماق نفسه يشفق على المخطئ! وهنا تتضح أمامنا درجات روحية في مواجهة الإساءة: وهى احتمال الإساءة، ومغفرة الإساءة، ونسيان الإساءة، والعطف على المسيء وإنقاذه مما هو فيه، كما يشفق الطبيب على مريض ويعمل على علاجه مهما ساءت حالته.. ففي أية درجة من هذه الدرجات، تضع نفسك أيها القارئ العزيز؟.
كل إنسان يستطيع أن يحب من يحبه، ويحترم من يحترمه، ويكرم من يكرمه. كل هذا سهل لا يحتاج إلى مجهود. ولكن نبيل هو الإنسان الذي يقابل الإساءة بالإحسان. ويحب المسيء لكي ينقذه من طباعه الميالة إلى الإساءة.
هنا -بدون شك- تكون المحبة بلا مقابل. أي أن هذا الإنسان النبيل لم يأخذ محبة في مقابل محبته. وإذ لم يأخذ أجرًا على الأرض، يكون أجره محفوظًا في السماء..
إن القلب الكبير ليس تاجرًا، يعطى حبًا لمن يقدّم له حبًا! أو يعمل خيرًا مع الذي ينقذه شكرًا!! بل هو يصنع الخير مع الكل، بلا مقابل. إنه يعمل الخير، لأن هذه هي طبيعته. فهو يعمل الخير مع من يستحقه، ومع الذي لا يستحقه أيضًا، مع المحب ومع المسيء، مع الصديق ومع العدو... مثل الشمس التي تشرق على الأبرار والأشرار، ومثل السماء التي تمطر على الصالحين والطالحين.. وهذا أيضًا درس نتعلمه من الله تبارك اسمه، الذي يحسن إلينا ونحن خطاة نكسر وصاياه!
وهكذا نرى أن القلب الكبير لا يعامل الناس كما يعاملونه. وإنما يعاملهم حب سموه وحب نبل. وهو لا يتغير في سموه وفي نبله طبقًا لتصرفات الناس حياله. فهو لا يرد على الإساءة بإساءة. لأنه لا يقبل أن تصدر عنه إساءة نحو أحد، حتى لو كان ذلك في مجال الرد عليه..
أما ضعاف القلوب، فإنهم يتأثرون بتصرفات الناس، ويتغيرون تبعًا لها...
كذلك فإن القلب الكبير يعيش على الدوام في سلام داخلي، يملك عليه الهدوء. وكل ضيقات العالم لا تزعجه. إنه يستمد سلامه من داخل نفسه، وليس من الظروف المحيطة به...
حقًا، إنه ليس من صالح الإنسان أن يجعل سلامه يتوقف على أسباب خارجية: إن اضطربت الأحوال، يضطرب معها، وإن هدأت يهدأ. فسبب خارجي يجعله يثور، وسبب آخر يجعله يفرح! سبب يبكيه وسبب يبهجه. ويكون في هذا كما قال الشاعر:
كريشة في مهب الريح طائرة لا تستقر على حالٍ من القلقِ إن صاحب القلب الكبير يجعل الظروف الخارجية تخضع لمشاعره ولقوة صلابته، ولحسن تحكمه في انفعالاته. ولا يخضع هو لها...
إن حدث حادث معين، يتناوله في هدوء. يفحصه بفكر مستقر، ويبحث عن حلّ له. كل ذلك وهو متمالك لأعصابه، متحكم في انفعالاته. . وبهذا ينتصر، ويكون أقوى من الأحداث، ويحتفظ بسلامه الداخلي... ذلك لأن قلبه أقوى من الظروف، وأكبر من الأحداث.
لذلك أيها القارئ العزيز، ليكن قلبك كبيرًا، وصدرك رحبًا. وقل لنفسك في ثقة: لا يليق بي أن أضعف، أو أن تنهار معنوياتي أمام الأخبار المثيرة، أو أمام الضغطات الخارجية، مهما حدث. سأحاول أني لا أنفعل. وإن انفعلت، سأحاول أن أسيطر على انفعالاتي... وبنعمة الله سوف أصمد إلى أن تمر العاصفة... لا تفكر في الضيقة التي أصابتك، ولا في أضرارها ومتاعبها. بل فكّر في إيجاد حلّ لها. إن كثرة التفكير في الضيقة هي التي تحطم الأعصاب وتتعب النفس. وأحيانًا يكون التفكير في الضيقة أشد إيلامًا من الضيقة ذاتها. أما التفكير في الحل فهو الذي يُوجد سلامًا...
ضع في نفسك أن كل ضيقة لها حلّ، ولها مدى زمني تنتهي فيه. فإن وصلت إلى حلّ سوف تستريح. وإن لم تصل، ثق بروح الإيمان إن الله عنده حلول كثيرة، وإنه سوف يعينك ويحل إشكالاتك... وتذكّر ضيقات سابقة قد حلّها الله ومرت بسلام... واحذر من أن يوقعك الشيطان في اليأس، وأن يصّور لك الأمر معقدًا لا حل له. فإن الإنسان المؤمن لا ييأس. والذي يستسلم لليأس قد يتصرف تصرفًا خاطئًا ربما يكون أكثر ضررًا من المشكلة نفسها...
إن القلب الكبير لا يستسلم للضيقات. بل قد لا يشعر بالضيقة، لأنها لم تضايقه. وأتذكر أنني قلت من قبل إن الضيقة سُميت ضيقة، لأن القلب قد ضاق عن أن يتسع لها. ولو كان القلب متسعًا، ما شعر أنها ضيقة، وما تضايق منها. الضيق إذن في قلوبنا وليس في العوامل الخارجية: فإن تعكرنا نحن من الداخل، تبدو أمامنا كل الأمور متعكرة. وإن تعبنا في الداخل، تبدو الأمور متعبة! أليس حقًا أن أمرًا من الأمور قد يضايق إنسانًا ما، وفى نفس الوقت لا يتضايق منه إنسان آخر، وهو نفس الأمر؟!
ليس المهم إذن في نوع الأحداث التي تحدث لنا، بل المهم بالأكثر هو الطريقة التي نتقبل بها الأحداث ونتصرف معها...
القلب الكبير يصمد في قوة أمام الإشكالات فيزداد قوة. أما الضعيف فينهار أمامها ويزداد ضعفًا. والإشكالات هي نفس الإشكالات! فإن أحاطت بك المتاعب من الخارج، احرص إنها لا تدخل مطلقًا إلى داخل نفسك. فالمياه تحيط بالسفينة من الخارج فلا تؤذيها. أما إن زحفت إلى داخل السفينة بسبب ثقب فيها، حينئذ يكون الخطر! فاحذر جدًا من أن يوجد ثقب في نفسيتك، تدخل منه المياه إلى قلبك، فيتعب..
واعلم أن جميع التجارب والضيقات والمشاكل تؤول إلى الخير، إذا أمكننا الاستفادة منها.
| |
|
| |
النهيسى الادارة العامة
عدد المساهمات : 912 تاريخ التسجيل : 15/05/2014
| موضوع: رد: القلــــــــب الأربعاء يونيو 18, 2014 4:27 am | |
| - نقاوة القلب | الصلاة
* يا أبي: كيف اقتني نقاوة القلب؟
العمل بقلب منسحق يجلب النقاوة، والنقاوة تجلب السكون للقلب، والسكون يجلب اتضاعًا والاتضاع يؤهل الإنسان ليكون مسكنا لله, وقوة الله تطرد الأوجاع الردية ويصبح الإنسان هيكلا لله. * يا أبي كيف أعرف مشيئة الله في أمر يشغلني؟
إن كنت لا تستطيع أخذ مشورة أبيك الروحي فصل عند كل عمل ثم إختبر أين يميل قلبك حتي ولو قيد شعرة.
* أما عن الصلاة فأحتاج توجيها كثيرا.
الصلاة في المبتدئين تشبه نارا ومن الفرحة تتدفق من القلب ولكن في الكاملين تشبه نورا يفيح عطرا يملأ القلب. هي عمل الآب والابن والروح القدس.
الصلاة: هي أن تخاطب الله بلا شرود عقل فلا تتهاون مع أفكارك. (انظر المزيد عن مثل هذه الموضوعات هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى). وإذا قاتلك الفكر فلا تنشغل به عن مخاطبة الله بل اطرحه أمام الله في الصلاة ليطرده عنك.
استخدم المزامير بفهم وحسب وقتك.
* وإذا كنت مشغولا طول النهار فكيف ومتي أصلي؟
1- حاول قبل الذهاب للعمل مكتوب "ليكن هو متقدما في كل شيء".
2- ردد صلاة قصيرة في كل فرصة تسمح (في الطريق – في وسائل المواصلات...) مثل: اللهم التفت لمعونتي يا رب أسرع وأعني، مثل: يا رب يسوع المسيح ارحمني أنا الخاطئ.
3- تصور في عقلك أنك قائم أمام الله في كل مناسبة تمر عليك.
4- حاول أن تكون لك فرصة للقاء حبيبك في المساء بعد العودة إلي المنزل.
5- اغصب ذاتك في محاولات كثيرة ولا تيأس.
6- لا تطع صوت جسدك للراحة بحجة أنك مرهق طيلة اليوم لكن إغلب ميلك وقل: "لا أعطي لعيني نوما ولا لأجفاني | |
|
| |
النهيسى الادارة العامة
عدد المساهمات : 912 تاريخ التسجيل : 15/05/2014
| موضوع: رد: القلــــــــب الأربعاء يونيو 18, 2014 4:28 am | |
| البطيء القلب في الإيمان
نوع رابع، من الإيمان الضعيف، هو البطيء القلب في الإيمان. وربما يكون عن بطء في الفهم، أو عن عدم إدراك، فلا يأتي إيمانه سريعًا. وكان هذا هو نوعية إيمان تلميذي عمواس من جهة قيامة الرب. ولذلك وبخها قائلًا "أيها الغبيان والبطيئا القلوب في الإيمان بجميع ما تكلم به الأنبياء. أما كان ينبغي أن المسيح يتألم.." (لو 24: 25، 26). ثم بدأ يشرح لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب.. لكي يؤمنا، أو لكي يعالج هذا البطء في إيمانهما، الناتج عن عدم فهم أو عدم معرفة. وفي هذا المثال أيضًا نقول: إن علاج الأخطاء الخاصة بالإيمان، هو الوضع السليم . وهذا أفضل من الازدراء أو التحقير الذي لا يأتي بنتيجة ولا يوصل إلى الإيمان السليم.
قداسه البابا شنوده | |
|
| |
النهيسى الادارة العامة
عدد المساهمات : 912 تاريخ التسجيل : 15/05/2014
| موضوع: رد: القلــــــــب الأربعاء يونيو 18, 2014 4:30 am | |
|
ختان القلب بالروح
نيافه الأنبا بيشوي
يتكلم الكتاب عن ختان القلب بالروح فيقول بولس الرسول: "َخِتَانُ الْقَلْبِ بِالرُّوحِ لاَ بِالْكِتَابِ؛ هُوَ الْخِتَانُ الَّذِي مَدْحُهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ بَلْ مِنَ اللهِ" (رو2: 29). ففي العهد الجديد أصبح ختان القلب بالروح وليس الختان المصنوع باليد في الجسد، ولذلك يقول الكتاب "وَبِهِ أيْضاً خُتِنْتُمْ خِتَاناً غَيْرَ مَصْنُوعٍ بِيَدٍ، بِخَلْعِ جِسْمِ خَطَايَا الْبَشَرِيَّةِ، بِخِتَانِ الْمَسِيحِ" (كو2: 11)، هذا هو الختان الذي نمارسه في العهد الجديد.
وكيف نخلع جسم خطايا البشرية إلا في المعمودية، وهذا ما شرحه معلمنا بولس الرسول في رسالته إلى أهل رومية بقوله: "فَدُفِنَّا مَعَهُ بِالْمَعْمُودِيَّةِ لِلْمَوْتِ حَتَّى كَمَا أُقِيمَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ بِمَجْدِ الآبِ هَكَذَا نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضاً فِي جِدَّةِ الْحَيَاةِ... عَالِمِينَ هَذَا: أَنَّ إِنْسَانَنَا الْعَتِيقَ قَدْ صُلِبَ مَعَهُ لِيُبْطَلَ جَسَدُ الْخَطِيَّةِ" (رو6: 4، 6).
ويقول معلمنا بولس الرسول أيضًا: "لأَنَّكُمْ جَمِيعاً أَبْنَاءُ اللهِ بِالإِيمَانِ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَنَّ كُلَّكُمُ الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالْمَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ. لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعاً وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" (غل3: 26-28) . فمن الواضح أنه يربط البنوة لله بالإيمان وبالمعمودية.
ولأن المعمودية قد حلت محل الختان الجسدي، لهذا يؤكد معلمنا بولس الرسول أن الختان لم يعد يعتبر كوسيلة للخلاص "لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئاً وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ" (غل5: 6). من أجل ذلك أصبح الختان في المسيحية لا لزوم له إلا إذا مارسه البعض لأسباب طبية لا علاقة لها بالخلاص.
وفى الأصحاح السادس من نفس الرسالة قال: "لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لَيْسَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئاً وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الْخَلِيقَةُ الْجَدِيدَةُ" (غل6: 15). ففي العهد الجديد قد استبدل الختان بالمعمودية. وأصبح الختان هو ختان القلب بالروح في المعمودية، فالمعمودية بداية الطريق إلى أورشليم السمائية. | |
|
| |
النهيسى الادارة العامة
عدد المساهمات : 912 تاريخ التسجيل : 15/05/2014
| موضوع: رد: القلــــــــب الأربعاء يونيو 18, 2014 4:31 am | |
| القمص تادرس يعقوب ملطي
ارتفاع القلب إلى السماويات
قلنا أن الحياة المسيحية لا تعرف العفة بالمفهوم السلبي، إذ لا تقبل الحرمان والكبت، وإنما تسمو بالإنسان ليطلب السماويات فتعرف النفس الأمور الدنيئة. بمعنى آخر بدلًا من استهلاك طاقتنا في مقاومة الشهوة الشريرة وتحطيم أذرعنا وجهادنا لنتقبل عمل روح الله فينا الذي وحده يقدر أن يرفع الإنسان كما بجناحي حمامة لينطلق من قوة إلى قوة (مز8:84)، ويرتفع من مجد إلى مجد (2كو18:3)، ويتمتع بنعمة فوق نعمة (يو16:1). هكذا تنشغل كل طاقات الإنسان الداخلية بالمجد السماوي الداخلي (مز13:45)، لتنعم بخبرات سماوية جديدة كل يوم تسندها وتقدسها عوض الارتباك بمتاعب الشهوة المحطِّمة للنفس.
لا يكفي أن نرفض حركات الجسد ولا أن تعصى أعضاء جسدنا شهوة الجسد، لكن يليق بالأكثر أن تنطلق النفس إلى اشتياقات سماوية تبتلع كل لذة أرضية جسدانية، وكما يقول القديس أغسطينوس:
+ كيف تموت هذه الحركات إلاّ بعدم موافقة ذهننا له، وعدم خضوع أعضاء جسدنا لها كآلات، وبالأكثر بالتطلع إلى العفة باهتمام شديد، مرتفعين بفكرنا ذاته -الذي تهاجمه حركات الجسد بطريقة معينة- إلى أفكار مبهجة خاصة بالأمور السماوية.
بهذا لا يرتبط البشر بالحركات بل يتحررون منها.
وهذا نبلغه إن كنا نصغي إصغاء "مفيدًا" بمساعدة الرب الذي وهبنا وصيته خلال رسوله القائل "اطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس....."
القديس أغسطينوس (7)
من أجل هذا نجد شبابًا بل ورجالًا وشيوخًا حين يسقطون في شهوة... أن تضايقت نفوسهم جدًا يسقطون في اليأس أو في الضجر الممل، الأمر الذي يزيد من سقوطهم في الشهوة أكثر، وقدر ما يحزنون على سقوطهم لا يتمتعون بالعفة.
هنا يبرز عمل أب الاعتراف وهو الانطلاق بهؤلاء الناس إلى الجانب الإيجابي السماوي: محبة الله والشركة، وأن يطمئن قلوبهم أن لله قادر أن ينزع عنهم الحرب.
يحتاج الساقط من هذا النوع إلى أب مترفق، وأن يحس بأبوة الله فلا يكف عن الصلاة بغير ضجر أو قنوط، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى... وسرعان ما يجد نعمة الله قد ارتفعت به ونقلته إلى الحب الحقيقي.
أما إن سمع تأنيبًا شديدًا وقرأ عن بشاعة الخطية وآثارها وارتجف قلبه منها وعقد العزم على تركها... فإنه سرعان ما ينحط فيها إلى درجات أعمق وأشر وأقسى...
هكذا عاش آباؤنا الأولون حتى النساك والمتوحدين منهم يملأون قلوب الساقطين بالرجاء ويترفقون بهم ويقدمون لهم الجانب الإيجابي أولًا حتى متى امتلأ القلب بحب الله والسماء صار طاهرًا وعفيفًا.
+ عظيم هو ذاك الذي يقهر النار الناشئة عن اللذات الأرضية بواسطة التأمل في مباهج السماء!
+ الإنسان الطاهر هو من يطرد الحب بالحب، ويخمد النار المادية بالنار الروحية.
+ الإنسان الطاهر ليس من يضبط جسده الترابي ليكون بغير دنس بل ذاك الذي يخضع أعضاءه لروحه تمامًا.
القديس يوحنا الدرجي (8)
+ ليكن عظيمًا في قلبك ذلك الحب الذي يوّحدك بالله، لئلا يسبيك الحب الذي علّته فاسدة.
القديس يوحنا سابا (الشيخ الروحاني) | |
|
| |
النهيسى الادارة العامة
عدد المساهمات : 912 تاريخ التسجيل : 15/05/2014
| موضوع: رد: القلــــــــب الأربعاء يونيو 18, 2014 4:33 am | |
| لقداسة البابا شنودة الثالث
خطايا اللسان مصدرها القلب
قد يغضب اللسان، ويتلفظ أثناء غضبه بألفاظ شديدة غير لائقة، ومع ذلك قد يعتذر عنه أصدقاؤه، بأنه على الرغم من أخطائه هذه، قلبه أبيض..
وهذا خطأ واضح، لأن القلب الأبيض ألفاظه بيضاء مثله، وقد قال الكتاب: "من فضلة القلب (أو من فيض القلب) يتكلم اللسان" (مت12: 34).
"الإنسان الصالح، من كنز قلبه الصالح، يخرج الصالحات، والإنسان الشرير: من كنز قلبه الشرير، يخرج الشرور -لأن من الثمر، تعرف الشجرة" (مت12: 33-35).
إذن الألفاظ الخاطئة، تدل على وجود نفس الأخطاء داخل القلب.. فخطية اللسان هنا خطية مزدوجة.
الألفاظ القاسية تدل على قلب قاس والألفاظ المتكبرة تدل على قلب متكبر والألفاظ المستهترة تدل على قلب مستهتر، والألفاظ الحاقدة تدل على قلب حاقد وهكذا.
فالذي يريد أن يصلح ألفاظه، عليه أن يصلح قلبه أولًا.
وإلا فإنه سوف يقع في خطية أخري هي الرياء، إن كان يقول ألفاظًا بلسانه، هي عكس المشاعر التي في قلبه، أو إن كان يدعي مشاعر في قلبه، عكس الألفاظ التي يقولها لسانه. إذن خطايا اللسان، ليست هي مجرد خطايا لسان، بل هي في واقعها خطايا مركبة..
فخطية اللسان، غالبًا ما تكون الخطية الثانية أو الثالثة..
| |
|
| |
النهيسى الادارة العامة
عدد المساهمات : 912 تاريخ التسجيل : 15/05/2014
| موضوع: رد: القلــــــــب الأربعاء يونيو 18, 2014 4:34 am | |
| لقداسة البابا شنودة الثالث
ملكوت الله على القلب
المعني الروحي: ملكوت الله علي القلب.
إنه الملكوت الداخلي الذي قال عنه الرب "ملكوت الله داخلكم" (لو 17: 21).. أي أن الله يملك علي المشاعر والعواطف والنيات ويملك علي الإرادة وعلي الرغبات والشهوات، ويملك أيضًا علي الأفكار والحواس. وإذا ملك الرب علي القلب، يملك بالتالي علي كل ما يصدر عن هذا القلب. لأن " الإنسان الصالح، من كنز قلبه الصالح يخرج الصالحات. والإنسان الشرير، من كنز قلبه الشرير يخرج الشرور" (مت 12: 35). لقد تكلمنا عن عبارة (ليأت ملكوتك)، من جهة الملكوت الداخلي، الذي به يملك الرب حياة الإنسان كفرد..علي أن العبارة قد تتسع، فيشمل الملكوت كل القلوب الخاضعة للرب. وهنا يكون الملكوت هو الكنيسة.. وحينما يقول الكتاب إن الإبن سيسلم الملك كله للآب (1 كو 15: 24) إنما يعني إنه سيسلمه الكنيسة..
| |
|
| |
النهيسى الادارة العامة
عدد المساهمات : 912 تاريخ التسجيل : 15/05/2014
| موضوع: رد: القلــــــــب الأربعاء يونيو 18, 2014 4:36 am | |
| القمص تادرس يعقوب ملطي
نقاوة القلب وأنهار الروح
[يقدم لنا القديس يوحنا شخص الرسول بولس المجاهد بالنعمة الإلهية لكي يحيا في نقاوة قلب، فتفيض فيه أنهار مياه الروح التي تحول القفر إلى فردوس روحي مفرح.]
بحق يمكن للإنسان أن يصف نفس القديس بولس بكونها حاملة بذار الفضيلة وفردوساً روحيًا. فقد ترعرعت في داخله النعمة بعمقٍ، كما كان دائمًا يهيئ أعماقه لتنمو النعمة فيها وتزدهر. وحين صار إناءً مختارًا دأب على تنقية نفسه فاستحق أن ينسكب عليه الروح القدس بفيض. هكذا صار لنا مصدر أنهارٍ كثيرة وعجيبة، ليست فقط الأنهار الأربعة التي نبعت في الفردوس، وإنما أنهار أخرى كثيرة تجرى كل يومٍ لكل واحدٍ منا لتروى ليس فقط الأرض، بل نفوس البشر فتجعلها تنبت الفضائل. | |
|
| |
النهيسى الادارة العامة
عدد المساهمات : 912 تاريخ التسجيل : 15/05/2014
| موضوع: رد: القلــــــــب الأربعاء يونيو 18, 2014 4:38 am | |
| آيات من الكتاب المقدس عن النقاوة، نقاوة القلب
"طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ، لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللهَ" (إنجيل متى 5: 8)
"صَالِحٌ اللهُ لإِسْرَائِيلَ، لأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ" (سفر المزامير 73: 1)
"أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ الْكَلاَمِ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ" (إنجيل يوحنا 15: 3)
"أَغْسِلُ يَدَيَّ فِي النَّقَاوَةِ، فَأَطُوفُ بِمَذْبَحِكَ يَا رَبُّ" (سفر المزامير 26: 6)
"مُقَدِّمًا نَفْسَكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ قُدْوَةً لِلأَعْمَالِ الْحَسَنَةِ، وَمُقَدِّمًا فِي التَّعْلِيمِ نَقَاوَةً، وَوَقَارًا، وَإِخْلاَصًا، وَكَلاَمًا صَحِيحًا غَيْرَ مَلُومٍ" (رسالة بولس الرسول إلى تيطس 2: 7) | |
|
| |
| القلــــــــب | |
|