ان كان الله يعلم مصير الانسان الشرير فلماذا يخلقه ؟
ان كان الله قد رأي حدث فهو قد رأي حدث حادث بالفعل لان الله ليس عنده زمن
و الكل حاضر امامه فكيف لا يخلق الله انسان هو موجود بالفعل و رأه يفعل الشر ..
بمقتضى علم الله السابق” (1بطرس 2:1)
الانسان يُخطئ بإرادته الحره . فعلم الله شئ , و ان يرسم الله الطريق لشخص ان يسير فيه
( القدر ) شئ اخر .. فالله قد رآي ما حياتي امامه و ما سأفعله بإرادتي الحره نتيجة قدرته
اللامحدوده في المعرفه و انه فوق الزمان و كل شئ ظاهر امامه ..
لكنه لم يرسم لي ان افعل هذا الامر .
الله يستخدم حتي شرور الانسان لمجد اسمه و تعضيد المؤمنين و تعيزتهم
و ايضاً تزكية الايمان بالاختبار و تأديب الانسان كما يقول الرب
( أنا أكون له أبا وهو يكون لي ابنا. إن تعوج أؤدبه بقضيب الناس وبضربات بني آدم )
( 2صم 7 : 14 )
الله لا ييأس من البشر و من الاشرار و لا ينزع عنهم رحمته و يظل الله معهم بالتأديب
و بالمراحم و بكل طرق الله التي تفوق ادراك البشر بحسب حالة و قدرات كل شخص حتي يعود اليه
(إذا قلت للشرير موتًا تموت. فإن رجع عن خطيته وعمل بالعدل والحق فإنه حياة يحيا، لا يموت)
(خر 33: 14 16) (تارة أتكلم عن أمة بالقلع والهدم والإهلاك، فترجع تلك الأمة
التي تكلمت عليها عن شرها، فأندم على الشر الذي قصدت أن أصنعه بها) (إر 18: 7، 8)
ان الجحيم ليست مكاناً يوضع فيه البشر و يحترقون بنار ماديه ..
بل الجحيم هي مكان بعيد عن الله مصدر الحياة و الحب و الفرح ..
فمن عاش بعيداً عن الله في هذه الحياه كيف يعيش معه في الحياة الاخري ..
سيكون الشرير في المكان الذي اختاره بعيداً عن الله
يقول القديس اغسطينوس :
[ لم لا يخلق الله الانسان وان سبق ان علم بخطيئته مادام سوف يكافئه ان استقام خلقه ،
ويعيده الي الصواب ان عثر ، ويساعده ان نهض ،وهو الممجد في كل مكان وزمان بصلاحه
وعدله ورافته ؟
لقد خلقه لانه كان يعلم مسبقا بأن قديسين سيأتون ويولدون من سلالته الصائرة الي الموت
مصممين علي تمجيد خالقهم من دون انفسهم . واذ يعبدونه ويتحررون من كل فساد يستحقون
ان يحيوا مع الملائكة في سعادة خالدة .
خلق الله الناس احرار ، يعبدونه احرارا، بعيدين عن كل حتمية واستعباد "
يقول القديس يوستينوس :
[ و عندما خلق الله الانسان في البدء و هبه قوة الفهم و اختيار الحق و عمل الصواب
و لذلك فإن كل الناس بلا عذر امام الله لانهم ولدوا قادرين علي التفكير و التأمل .
و ان كان احد لا يؤمن بهذه الامور فكأنه يقول إما ان الله غير موجود ,
او انه موجود و لكنه يسعد بالشر او انه مثل الحجر لا يتأثر ]
و يقول القديس يوحنا الدمشقي :
[ اعلم ان الله يسبق و يعلم كل شئ و انه لا يسبق و يحدد كل شئ .
فهو يسبق و يعرف ما هو في استطاعتنا و لكنه لا يسبق فيحدده ,
فهو لا يشاء حدوث الشر و لا يقتسر الفضيلة , حتي ان سابق التحديد يكون تلبية
امر سبق الله و عرفه . و انه تعالي يسبق و يحدد الامور التي ليست في استطاعتنا .
فإن الله , نظرا لمعرفته السابقة , يحدد للحال كل شئ بحسب صلاحه و عدله .
و اعلم ان الفضيلة قد زرعت في طبيعتنا من قبل الله الذي هو نفسه بدء كل صلاح
و علته و بدون مساعدته و نجدته لا يمكننا ان نريد الصلاح او ان نعمله .
و ان في استطاعتنا إما ان نستمر في الفضيلة و ان نتبع الله الذي يدعونا اليها ,
و اما ان ننحرف عن الفضيلة - و هذا يعني ان نصير في الرزيلة -
و نتبع الشيطان الذي يدعونا اليها بدون اغتصاب . ]