حين يأتي الصبح ستجده يقف ينتظرك على الشاطئ
لأكثر من ثلاث سنوات صاحب التلاميذ السيد المسيح ، تبعوه في كل مكان ذهب اليه .
لم يفارقوه نهارا ً وليلا ً ، التفوا جميعا ً حوله . منذ دعاهم ليتبعوه وهم معه .
كان التلاميذ دائما ً مع المسيح ، لم يغب عنهم الا لحظات قصيرة قليلة .
اكلوا وشربوا معه ، عاصروا أعماله وشاركوه في معجزاته ، وقفوا بجواره .
سمعوا كلامه وارتشفوا بلذة ٍ تعاليمه . شرح لهم ما لم يفهموا وتعلموا .
تبعوه حتى جثسيماني ، رأوه وهو على الصليب ، بعضهم عن قرب وبعضهم من بعيد .
رأوا جروحه ، سمعوا أناته وصراخه ، عاينوا موته ودفنه في القبر .
هاجمهم اليأس والأحباط والفشل عندما شاهدوا الأيدي تضعه في القبر وتدحرج عليه الحجر .
ثم لفظه الموت ، لم يستطع أن يحفظه ، سلمه لهم مرة أخرى مقاما ً ، منتصرا ً .
وظهر لهم والابواب مغلقة ، وسط الخوف من اليهود وشعور اليأس القاتل .
حين حسبوا ان النهاية قد حلّت والفرحة قد ماتت والصحبة قد انفرطت ،
جاء يسوع ووقف في الوسط وقال لهم : " سَلاَمٌ لَكُمْ " وفرحوا جدا ً اذ رأوه .
تهللوا به لكنه فارقهم ، بعد ان قضى وقتا ً معهم ذهب ، اختفى كما جاء .
وانتظروا ، ملوا الانتظار ، لم يستطيعوا الصبر ، ماذا يفعلون الآن ؟
قفز بطرس ووقف ، نفض التراب عن ملابسه وقال :
" أَنَا أَذْهَبُ لأَتَصَيَّدَ " فكوا الشباك وفردوا القلاع ،
والقوا شباكهم للصيد بايد ٍ متخاذلة هزيلة .
ضاع حماسهم ، خبت حيويتهم ، فقدوا رجائهم ، بعيون دامعة سهروا الليل كله .
اين السمك الذي اعتادوا ان يمسكوه ؟ نسوا كيف يصطادون ، لم يعودوا يعرفون .
اختفت خبرتهم ، فقدت اصابعهم قوتها وليونتها ورشاقتها .
هجرتهم مهارتهم ، لم يعودوا صيادين بارعين ، لم يعودوا شيئا ً بالمرة .
لموا شباكهم وجمعوها .
وفي الفجر عند مجيء الصباح والشمس تصحو وترتفع في الافق ، رأوه .
وقف يسوع على الشاطئ ، جاء اليهم .
لما كان الصبح وقف المسيح أمامهم . قفزت قلوبهم فرحا ً عندما عرفوه ،
صرخوا في نشوة : " هُوَ الرَّبُّ " ( يوحنا 21 : 7 ) هو الرب .
لن يتصيدوا سمكا ً بعد اليوم . سيكونون صيادي ناس كما وعدهم وجربهم .
لن يمتهنوا الصيد بعد اليوم ، سيكونون رعاة ً ورسلا ً لرعية الله .
الا تشعر احيانا ً بالاحباط والفشل حين تتلبد الغيوم فوق رأسك ؟
ألا تفكر احيانا ً في أن تهجر ارسالية الله وتطوي ذراعيك وتسند رأسك حزينا ً ؟
انظر هو هناك ، حين يأتي الصبح ستجده يقف ينتظرك على الشاطئ .