معمودية الاطفال
+
فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضا(في2 : 5)
سر المعمودية βάπτισμα
أَمْ تَجْهَلُونَ أَنَّنَا كُلَّ مَنِ اعْتَمَدَ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ اعْتَمَدْنَا لِمَوْتِهِ(رو 6: 3)
يعلمنا الكتاب المقدس, انه لابد من الإيمان حتي نستطيع نوال المعمودية (راجع أع 8: 13، 18: 8, 8: 12, 19: 5؛ مر 16: 16) التي بها ندفن و نقوم مع السيد تبارك إسمه فبالمعودية نولد من فوق الميلاد الجديد الذي صار لنا بموت الرب يسوع و قيامته (يو 3: 3), والحقيقة ان هذا الامر منطقياً جداً إذ كيف أعتمد دون ان أؤمن بما اعتمد له, و لكن ماذا بخصوص معمودية الاطفال؟ هل آمنوا أولاً كي يعتمدوا؟ الحقيقة ان الكتاب المقدس لم يترك لنا شيء نتساءل حوله, ففي كولوسي (2: 11 -12) نجد الوحي يقول على لسان بولس الرسول " وَبِهِ ايْضاً خُتِنْتُمْ خِتَاناً غَيْرَ مَصْنُوعٍ بِيَدٍ، بِخَلْعِ جِسْمِ خَطَايَا الْبَشَرِيَّةِ، بِخِتَانِ الْمَسِيحِ.مَدْفُونِينَ مَعَهُ فِي الْمَعْمُودِيَّةِ، الَّتِي فِيهَا اقِمْتُمْ ايْضاً مَعَهُ بِإِيمَانِ عَمَلِ اللهِ، الَّذِي اقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ." (كولوسي 2: 11-12)
فالمقابلة التي يذكرها القديس بولس الرسول, مقارناً فيها بين الختان و المعمودية لها مدلولها الواضح, فالمعروف ان الختان بدأ بإبراهيم و شمل كل الذكور "ابْنَ ثَمَانِيَةِ ايَّامٍ يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ فِي اجْيَالِكُمْ: وَلِيدُ الْبَيْتِ وَالْمُبْتَاعُ بِفِضَّةٍ مِنْ كُلِّ ابْنِ غَرِيبٍ لَيْسَ مِنْ نَسْلِكَ." ( تكوين 17: 12)
و عن المعمودية يقول " وَبِهِ ايْضاً خُتِنْتُمْ خِتَاناً غَيْرَ مَصْنُوعٍ بِيَدٍ، بِخَلْعِ جِسْمِ خَطَايَا الْبَشَرِيَّةِ، بِخِتَانِ الْمَسِيحِ.مَدْفُونِينَ مَعَهُ فِي الْمَعْمُودِيَّةِ، الَّتِي فِيهَا اقِمْتُمْ ايْضاً مَعَهُ بِإِيمَانِ عَمَلِ اللهِ، الَّذِي اقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ." (كولوسي 2: 11-12)
فكما أن المعمودية هي ختم العهد الجديد، فالختان هو ختم العهد القديم "وَأَخَذَ عَلاَمَةَ الْخِتَانِ خَتْماً لِبِرِّ الإِيمَانِ الَّذِي كَانَ فِي الْغُرْلَةِ لِيَكُونَ أَباً لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ وَهُمْ فِي الْغُرْلَةِ كَيْ يُحْسَبَ لَهُمْ أَيْضاً الْبِرُّ.(رومية 4: 11)
و هناك كان الختان يُعطى على أساس ما سياتي, كان الطفل يُختتن لانه سيفهم فيما بعد, فالختان كان يُعطى لكل من يولد لإبراهيم, ليدخل في عهد الختان, هنا معمودية الاطفال واضحة, فلأن المعمودية مثل الختان من حيث كونها ختم مختاري الله ليصيروا اعضاء في شعبه, فهي تُمنح فقط لاولئك الذين تتحقق الكنيسة من انهم يحملون فعلاً إحدى علامات اختيارهم, ففي معمودية البالغين تكون هذه العلامة هي اعترافهم بالايمان، اما في معمودية الاطفال فهي عهدهم المقدس من خلال والديهم, و في هذه الحالة الاخيرة فإن المعمودية مثل الختان، تسبق إدراك الايمان و تتقدم عليه " لأَنَّ الرَّجُلَ غَيْرَ الْمُؤْمِنِ مُقَدَّسٌ فِي الْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةُ غَيْرُ الْمُؤْمِنَةِ مُقَدَّسَةٌ فِي الرَّجُلِ - وَإِلاَّ فَأَوْلاَدُكُمْ نَجِسُونَ. وَأَمَّا الآنَ فَهُمْ مُقَدَّسُونَ.( كورنثوس الاولى 7: 14)
إذاً لا مبرر إطلاقاً لرفض معمودية الاطفال بحجة ان الايمان يسبق المعمودية, لان الله " يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ.(تيموثاوس الاولى 2: 4) و في إرادته ليس تقييد للحرية المُعطاه من قبله للإنسان, و لكن يضعه على الطريق الصحيح و له الحرية الكاملة في إختيار ما يريده عندما يكبر .
و بالرغم من انه لم يرد في العهد الجديد تعليم واضح عن معمودية الاطفال، و لكنها كانت امراً شائعاً تعرفه الكنيسة المسيحية منذ أيام الرسل القديسين. ففي اكثر من مناسبة خاصة بالمعمودية ذُكرت عبارة "اهل البيت" مثل بيت كرنيليوس ( أعمال 10: 48) و بيت ليديا (أعمال 16: 15) و بيت سجان فيلبي (أعمال 16: 33) و بيت كريسبوس (أعمال 18: و بيت أستفانوس (كورنثوس الاولى 1: 16) و الاحتمال الغالب هو وجود أطفال في بعض هذه البيوت إن لم يكن في كلها .
و القديس يوستينوس الشهيد (100 – 165 م) في دفاعه الاول الذي كتبه بين سنة 140 – 150م يتحدث عن المسيحيين الذين صار لهم آنئذ ستون و سبعون سنة منذ أن تتلمذوا للمسيح في طفولتهم فيقول:
" و كثيرون من الرجال و النساء الذين اعتمدوا في المسيح منذ الطفولة, ظلوا انقياء بعد عمر ستين او سبعين سنة، و انا اعتز اني اوضح هذا الامر لكل جنس البشر "[1]
و هذا ما يؤكد لنا ان كثيرين فيما بين سنة 70 – 90 م كانوا يُعمدون منذ الطفولة, وهو زمن ملاصق لعصر الآباء الرسل أنفسهم, وهو ايضاً ما يذكرنا بقول القديس بوليكاربوس الشهيد , و هو الذي تتلمذ على يد القديس يوحنا الرسول و سيم اسقفاً على كنيسة سميرنا (رؤيا 2: 8 -10)(69 – 155) قال قبل استشهاده أنه عبد للمسيح منذ 86 سنة 2 وهو نفسه الذي قال في واحده من رسائله :
"المعمودية هي للجميع, خصوصاً للاطفال الصغار" (رسالة 59)
و الكثير جداً من أقوال الاباء الاولين في هذا الصدد و لكني فضلت اختيار بعض اقوال الاباء الذين كانوا اقرب او يعيشوا في عصر الرسل و تتلمذوا على ايديهم او ايدي تلاميذهم مباشرة