هل الرهبنة رغبة أم دعوة؟
كلمة الدعوة تخص الخدمة والرعاية، لأن الرعاية إقامة للاهتمام بنفوس أخرى يملكها الله.. والراعي هو الذي يدخل من باب الدعوة الإلهية فيرعى أولاد الله ويخدمهم، مثل هذا محتاج إلى دعوة، بل لا يمكن أن يقام دون أن يتحقق الدعوة.
أما الرهبنه يا عزيزي فعلى مَنْ يُقام الراهب إلا على خلاص نفسه؟
وهل السعي نحو خلاص النفس وطلب الكمال المسيحي يتطلب الإنسان دعوة؟!
الدعوة للرهبنة هي اقتناع قلبي كامل بتفاهة العالم والزهد في كل قنيته ورغبة حقيقية للحياة المسيحية الصادقة.
ولا شك أن الرهبنة رغبة واختيار للإنسان.. ليس معنى ذلك أنها ليست دعوة.. فإننا نرى كثيرين يرغبون وقليلون يدعون، كثيرين يشتاقون وقليلين يقدرون.
لذا فتنمية الرغبة والاشتياق ينبغي أن تتحرر من الذات التي تعاند وتلح وتصر وتدق الرأس على الحائط بينما يكون للرب دعوة أخرى في حياتي..
الإنسان الروحي الأمين لعريسه والمتطلع لأبديته ينمي كل شوق صالح فيه. فإن وجد الدعوة أمامه والباب مفتوح قدامه يكون مبارك له الرهبنة..
مبارك له هذا العطاء الإلهي الذي نسمع له في الإنجيل) "ليس الجميع يقبلون هذا الكلام، بل الذي أُعطيَ لهم.. مَنْ استطاع أن يقبل فليقبل"
(إنجيل متى 10:19-12).
اشتقت للرهبنة؟ مبارك، فهذا كمال الرضى القلبي. هل جاهدت؟ أخذت موافقة الله في الاعتراف؟
ثم وجدت مرشد يقبلك ودير يفتح بابه أمامك وتستريح أنت للسُكنى بين رهبانه..؟ مبارك، فهذا كمال الدعوة الإلهية.
فإن اشتقت وجاهدت ودُعيت، اسلُك بسرعة ومبكرًا.. خسارة أن تُضيِّع يومًا واحدًا سعيدًا بعيدًا عن الرهبنة.
أما إن اشتقت وجاهدت ولم تجد دعوة، فبلا عناد ولا تردد لا تلِح في الرهبنة، فربما خلاصك في طريق البتولية والخدمة.
وإن لم تكمل أشواقك بالجهاد والدعوة للرهبنة، فكن صديقًا للرهبنة والرهبان. ابحث عن احتياجاتهم، واشترك في تدبيرها وتوفيرها..
اسندهم بالصلاة، واطلب سند صلواتهم في زيارات روحية لا زيارات ترفيهية لإجهادهم، بل للخلوة والتعلم من الرهبنة والرهبان