– حنة –
امرأة لم يحطمها قلبها المجروح
" يشفي المنكسري القلوب ويجبر كسرهم " مز147 : 3 ..
" اترك ايتامك وانا احييهم واراملك علي يتكلون " 49 : 11.
لو 2 :36 – 38.
وكانت نبيّة حنة بنت فنوئيل من سبط اشير.
فهي في تلك الساعة وقفت تسبح الرب وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداء في اورشليم.
هل يموت الانسان تحت وطأة الاسى؟
لقد اكتشف بعض الاطباء البريطانيين الذين درسوا حالات عدد من الارامل،
ان بعضهن مات خلال ستة اشهر من وفاة ازواجهن
ونصف هؤلاء الوفيات نتيجة الاصابة بهبوط في القلب.
كان يجب ان تكون حياة النبية حنة دون رجاء،
لانه قديما وبخاصة في الشرق الاوسط فان الارملة تبدوعمليا كانها في القبر بعد موت زوجها،
والامر الوحيد الذي تستطيع ان تفعله امراة عاقر كحنة،
هو ان تعود الى بيت ابيها بعد وفاة زوجها باحثة عن وزج آخر.
دامت سعادة حنة الزوجية سبع سنوات فقط.
ويقول الكتاب انها قضت 84 عاما من حياتها أرملة،
-- البعض يقول انها بقيت ارملة لمدة 84 سنه كما ورد حرفيا،
والبعض الاخر يظن ان عمرها كله هو اربعة وثمانون سنة. كانت نبية –
بعد حوالى 300 سنه من توقف ظهور الانبياء – من سبط اشير من الجليل،
العشيرة المغمورة التي قيل عنها :
" لا يخرج نبي من الجليل. "
كان الانبياء عادة من الرجال، أما النساء النبيات فقد كنّ نادرات،
والكتاب المقدّس يذكر أسماء قليلات منهن :
--مريم اخت موسى وهرون
– ودبورة
– وخلدة امراة شلوم
– وحنة ام صموئيل
– وحنة بنت فنوئيل في العهد القديم،
وبنات فيلبس الاربعة في العهد الجديد. اع 21 : 9
يشرفها ان تكون نبيّة.
انها امراة تكلمت بكلمة الله كالرجال الانبياء.
وهذا دون شك شرف عظيم اذ هي تنتمي الى الفئة المختارة.
وكان لها وجهة نظر مختلفة كليا عن باقي الارامل
فهي لم تلجأ الى العزلة والحزن بعد الكارثة التي المّت بها،
فتصبح عبئا على اقاربها او محط شفقة الناس
فيتحيروا كيف يساعدونها. ولم تهرب الى الماضي
لان هذا خطر كبير يواجه الناس في كل مآسيهم
اذ انه يهدد الحياة الروحية.
حين تنتهي الحياة الزوجية بموت احد الزوجين،
فمن يبقى حيا لن يبقى بالشخصية نفسها التي كان او كانت فيها من قبل.
لجأت حنة الى الله وكرّست نفسها لخدمته في هيكله.
صلّت وصامت، كان همها أن تخدم الله وتقدّم اعماله على كل شيء.
لذا فان فيضا من السلام الروحي يغمر قلبها.
لم تعد تقف موقف اليائس، بل موقف المعزي.
فأصبحت تؤاسي الاخرين. لقد كان العالم مظلما شديد السواد،
ودون امل في ايام حنة، لذلك كانوا ينتظرون بوعي او بدون وعي
مجيء الفادي المرسَل من الله.
انه المسيح.الى ان جاء ذلك اليوم العظيم وولد يسوع.
حين اخذ يوسف ومريم يسوع الى الهيكل، ليقدماه الى الله، حسب الناموس،
التقيا هناك الشيخين المسنين النبيين سمعان وحنة.
ان الله الذي اعتنى بحنة هذه السنين الطويلة، رأى ان لا يحرمها التمتع بهذه اللحظة المقدسة المفرحة.
فالارملة المُسنة التي لم يكن لها حظ في الحياة اصبحت الان من أكبر المحظوظات في العالم.
لقد توّجت هذه اللحظة حياتها، فهي استجابة الى صلواتها الكثيرة خلال كل تلك السنين.
انها اعظم من جميع العصور، انها اللحظة التي انتظرها العالم بشوق. لحظة مجيء المسيح.
كان طبيعيا ان تقوم حنة بعملين اثنين :
الاول ان تحمد الله وتعبده، لان فادي شعبها المنتظر وفادي العالم وماحي خطاياها قد جاء.
والثاني هو قرارها انها لا تستطيع ان تكتم هذا الخبر المهم المثيرفي نفسها.
لقد ذهبت الى الناس واخبرتهم بما رأت ...
ولم يكن ذلك الشخص الذي اخبرالناس عن الرب يسوع شابا يافعا ممتلئا قوّة،
وخطيبا لامعا في الخطابة لكنه كان امرأة عجوزا.